زواج القاصرات .. مصيبة الممارسة وكارثة التفكير

سعيد السريحي

بعض الحلول والمقترحات التي يتم تقديمها لبعض الأزمات والقضايا تشكل في حد ذاتها أزمة ربما كانت الأزمة الأساسية أخف وطأة وضررا منها، وإذا كان جل الأزمات تمثل انحرافا في السلوك لدى عامة الناس فإن الأزمات التي تفصح عنها الحلول المقترحة تمثل انحرافا في التفكير لدى فئة كانت مظنة أن تكون مصدرا للحل السليم المبني على الفكر القويم.
من ذلك الجدل الدائر حول زواج القاصرات، وهو جدل لا يخفى على من يتابع آليات التفكير فيه والخطاب الذي يدور في فلكه أنه جدل يهدف إلى تكريس الأزمة وتركها عالقة مفتوحة يتعذر تقديم أي حل لها، وحسبنا أن ننظر إلى ما وضعت فيه القضية من إطار التحليل والتحريم لندرك أن من ناقشوها قد انحرفوا بها عن النهج الذي كان ينبغي أن يتم وضعها فيه والنظر إليها من خلاله، فقد كان الأولى طرحها في إطار التنظيم وليس التحليل والتحريم ومراعاة حق ولي الأمر في الأخذ بما يراه أصلح لشؤون الأمة وأصون لحقوق الإنسان فيها مثلها في ذلك مثل تنظيم الزواج من غير السعوديات، فعلى الرغم من أن أحدا لا يجادل في حله إلا أن المصالح العليا اقتضت تنظيمه على نحو يجعل من حق ولي الأمر رفض الموافقة عليه مراعاة لهذه المصالح، خاصة أن ثمة مندوحة عنه من شأنها أن تشكل ما يغني عنه.
وقد كشفت بعض المحاولات التوفيقية لوضع حل لمشكلة زواج القاصرات عن تخبط وخلل في التفكير، ومن ذلك ما توصل إليه المشاركون في ندوة عقدت مؤخرا من أن (المصالح المتوخاة من جواز تزويج الصغيرة قبل البلوغ يمكن تداركها بجعل الأمر في يد هيئة شرعية تنظر في الحالات الفردية للتأكد من مصلحة الفتاة)، فما الذي يمكن أن تنظر إليه هذه الهيئة في أمر فتاة قاصر لم تبلغ؟ هل ستنظر في تقرير طبي يحدد مقاييس جسدها وإذا كان قد اكتمل نضجه أو لم يكتمل؟ أم سوف تجري لها اختبار قياس وقدرات تتأكد فيه من أن هذه الفتاة القاصر والتي لم تبلغ بعد قد نضجت نفسيا وعقليا لكي تكون زوجة قادرة على ممارسة الحياة الزوجية؟
قضايا المجتمع لا يمكن حلها بمثل هذه العمليات التوفيقية والتلفيقية كما لا يمكن حلها كذلك بالزج بها في دائرة الحلال والحرام، وإنما بإعطاء ولي الأمر حقه كاملا في التنظيم بناء على ما تقتضيه مصلحة الأمة.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة


suraihi@gmail.com