استمرار نمو الاقتصاد السعودي .. والأمريكي والأوروبي يواجهان الهاوية المالية
ترصد مع المختصين مؤشرات العام الجديد
الاثنين / 18 / صفر / 1434 هـ الاثنين 31 ديسمبر 2012 19:48
محمد العبد الله (الدمام)، عارف العضيلة (القصيم)
توقع عدد من الاقتصاديين أن يواصل الاقتصاد السعودي مسيرة نموه خلال العام المقبل 2013م.
وقالوا لـ«عكـاظ» إن هناك من المؤشرات الكبيرة التي تؤكد صحة تلك التوقعات؛ منها استمرار المشاريع العملاقة التي بدأت المملكة تنفيذها العام الماضي، إضافة إلى أن أسعار البترول ستواصل ارتفاعها في العام الجديد، بعد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الأوروبية قد تمكنت من تجاوز عقبة (الهاوية المالية) التي تتعرض لها حاليا.
وفي ما يلي تفاصيل المؤشرات التي رصدها المشاركون في استطلاع «عكـاظ».
بداية، قال الدكتور إبراهيم القحطاني أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد سابقا، إن التضخم سيكون ملفا حاضرا بقوة العام المالي الجديد، خصوصا أن العديد من القرارات تدعم ارتفاع نسبة التضخم في السوق المحلية، مبينا أن أبرز تلك القرارات كان زيادة رخص العمل بمقدار 2400 ريال مقابل 100 ريال، ما يعطي دلالة واضحة على ارتفاع نسبة التضخم في العام المقبل، مؤكدا أن زيادة رخص العمل على العمالة سترفع من التكلفة الإنتاجية للمنتجات الوطنية وكذلك سترفع أجور العمالة بصورة كبيرة، ما ينعكس بصورة مباشرة على مستويات الأسعار في السوق المحلية، معتبرا اتجاه وزارة العمل برفع رخص العمل عامل مؤثر في استمرارية التضخم في العام المقبل.
ورأى أن ملف المشاريع الحكومية سيفرض وجوده بقوة في العام المقبلِ، خصوصا في ظل التراخي الواضح وغياب المتابعة اللازمة لتسريع عملية تنفيذ الكثير من المشاريع الحكومية، مضيفا أن الميزانية العامة السابقة حفلت بالكثير من المشاريع التنموية، بيد أن غياب المتابعة حال دون القدرة على ترجمة الكثير من المشاريع على الأرض، الأمر الذي ساهم في إرجاع المخصصات المالية لوزارة المالية، لافتا إلى أن الميزانية قبل الماضية حفلت بإنشاء نحو 700 مدرسة في مختلف مناطق المملكة، فيما لم يصل العدد في الميزانية السابقة للرقم ذاته، معتبرا أن ندرة الأراضي تمثل مشكلة حقيقية، بيد أنها لا تعتبر عقبة رئيسية في الحيلولة دون تنفيذ المشاريع حسب الجدول الزمني المحدد.
بدوره، شدد رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية سلمان الجشي على ضرورة إيجاد آلية بين القطاع العام والخاص لعقد شراكة حقيقية بأسلوب مؤسسي، بحيث تتولى هذه الآلية عملية تنفيذ مشاريع الدولة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الشراكة بين القطاع الخاص والعام تمثل أسلوبا للخروج من أزمة تعثر المشاريع التي تنفذها الدولة، مبينا أن هذه العلاقة تمثل طوق النجاة للمرحلة المقبلة في عملية تشغيل المشاريع بالأسلوب الذي يتناسب مع إيقاعات العصر ويقضي على البيرقراطية التي تشكل عقبة رئيسية في المؤسسات الحكومية، معتبرا أن الشراكة أسلوب مثالي لإدارة المشاريع الحكومية بالطريقة المثلى، بحيث تخرج من نفق التعطيل وانتظار القرارات، خصوصا أن القطاع الخاص أثبتت قدرته في التأقلم مع المستجدات من خلال إصدار القرارات المناسبة التي تتعامل مع الواقع للاستفادة واكتساب الوقت.
من جهته، توقع الدكتور يوسف السليم أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود، أن يشهد اقتصاد العام المقبل حالة من بداية الركود بعد موجات الصعود المتنامي التي حققها طوال الأعوام الثمانية الماضية.
وأضاف أن الاقتصادات العالمية بدءا من عام 2004 شهدت نموا اقتصاديا وطفرة اقتصادية متنامية توقفت وتأثرت بمعطيات الأزمة المالية العالمية مع وجود تنامي مضطرد. مشيرا إلى أن المعطيات الحالية تؤكد أن الاقتصاديات العالمية ستشهد موجة من الركود بسبب الإنفاق الكبير الذي شهده العالم على المشاريع العملاقة والبنى التحتية الكبيرة في السنوات الماضية.
ويرجح السليم أن تستمر موجة الركود لعدة سنوات قادمة قد تصل إلى عشر سنوات.
وعن الوضع الاقتصادي المحلي يقول بالتأكيد أن المعطيات والمؤشرات تؤكد أن الاقتصاد المحلي السعودي سيستمر في النمو، وذلك عطفا على المشاريع العملاقة الموقعة عقودها التي تنفذ حاليا، وفي طريقها إلى الإكمال، إضافة إلى ضخامة التدفقات النقدية التي ستضخ مع الموازنة الجديدة.
ويضيف أن هناك توقعات أن تنتهج الدولة سياسة ترشيد المشاريع وذلك حفاظا على إبعاد الاقتصاد المحلي عن موجة التضخمات المتتالية، ومنعا لتكدس العمالة فضخامة تنفيذ المشاريع في وقت واحد لها مخاطر اقتصادية كبيرة.
وقال الكاتب الاقتصادي غسان بادكوك: بطبيعة الحال فإن ضخامة أرقام الميزانية ترفع معها سقف توقعات المواطنين حول المردود الذي يمكن أن تعكسة الميزانية على مستوى الرفاة الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.
وما حملته تفاصيل الميزانية من بشائر خير حيث ستواصل من خلالها حكومتنا الرشيدة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وتحقيق توازن التنمية في مختلف مناطق البلاد، وتنويع الاقتصاد والصرف على المشاريع التنموية التي تحتاج إليها كافة مدن وقرى المملكة.
وفي تقديري، فإن زيادة معدل الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية سوف تؤدي لزيادة الطلب على خدمات قطاع الإنشاءات وعلى مواد البناء وكذلك على العمالة الماهرة وغير الماهرة وقد ينجم عن ذلك ارتفاع مستوى التضخم الذي ينبغي التعامل معه بالآليات المناسبة.
كما يعتبر قطاع التعليم من أبرز القطاعات التي ستحظي بنصيب وافر من المخصصات حيث من المنتظر أن تسهم الميزانية الجديدة في التسريع ببرنامج تطوير التعليم إن على مستوى المناهج والمقررات أو بالنسبة للمباني والمقرات.
كما سكان للقطاع الصحي نصيبه الملموس من الميزانية الذي سيتم توجيهه للتوسع في إنشاء المستشفيات التخصصية في العديد من المناطق إضافة لزيادة السعة الاستيعابية للمستشفيات القائمة مع دعم الكوادر الوطنية العاملة في القطاع.
ورغم أن قطاع الإسكان لا يواجه صعوبات تذكر في ما يختص بتوفير التمويل اللازم بعد أن تفضل الملك المفدى بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لدعم هذا القطاع إلا أن التركيز في العام المالي الجديد سيتوجة للتسريع بتسليم الوحدات السكنية التي يتم العمل على إنشائها حاليا في العديد من مناطق المملكة للمواطنين مع سرعة تلافي العيوب التي ظهرت في بعض المشروعات المكتملة.
أما على صعيد سوق العمل، فإنه من المتوقع أن يشهد العام المقبل المزيد من مبادرات وزارة العمل الرامية إلى زيادة توطين الوظائف وزيادة المزايا التنافسية للسعوديين مع استمرار الجدل حول بعض قرارات الوزارة، لا سيما القرارات التي سيكون لها انعكاس ملموس على ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب زيادة تكلفة العمالة الوافدة إلا أن المحصلة النهائية لتلك الجهود ستزيد من عدد الوظائف المتاحة للخريجين.
أيضا فإنه من المؤمل أن تتسارع جهود الحد من الاستهلاك المفرط للطاقة والتسريع ببرامج الطاقات المتجدده كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتطبيقاتهما المختلفة في توليد الكهرباء والمياه المحلاة، وقد يتم إقرار بعض السياسات الهادفة للتقليل من كمية النفط المستهلك محليا.
وقال الخبير الاقتصادي د. حبيب الله تركستاني إن الاقتصاد السعودي استطاع خلال العام المنصرم 2012 من أن يصمد أمام الأزمات العالمية وأن يواصل النمو بثبات وفقا لسياسة مالية برؤية طويلة المدى، وحدث ذلك في الوقت الذي شهد فيه العالم أزمات اقتصادية تسببت في تساقط اقتصاديات دول عظمى والتي ترنحت أمام الديون وتسببت في خلخلة كبيرة في الاقتصاد العالمي وسمعنا عن أزمة اليونان وأزمة اسبانيا بعد الأزمة الشهيرة في الاقتصاد الأمريكي.
ويمكن أن نتذكر في هذا الخصوص موقف خادم الحرمين الشريفين والسياسة المالية والنقدية التي أدار بها البلاد منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008 حيث ساهمت في الحفاظ على الاقتصاد السعودي من تداعيات الأزمة العالمية في اوروبا وأمريكا والتي مازالت آثارها باقية وتجسد موقف خادم الحرمين من خلال تحفيز الحكومة بإنفاق ما يقارب 400 مليار دولار على مشاريع البنى التحتية، ودعم صندوق التنمية العقارية والإعلان عن خطة للإسكان بمبالغ تصل إلى 250 مليار ريال وكانت كفيلة بتعزيز وضع الاقتصاد السعودي. وحسب النتائج التي ظهرت خلال أداء الاقتصاد العام الماضي فتعتبر السياسات المالية والاقتصادية التي اتبعتها المملكة العنصر الأساسي الذي ساهم في تعزيز قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وأسفرت عن آثار إيجابية الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.
وهناك موضوع في غاية الأهمية وتمثل في تأثير وقدرة المملكة في الحفاظ على استقرار السوق النفطية بحيث ساهم في تحقيق مصلحة المنتجين والمستهلكين ودعم نمو الاقتصاد العالمي خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم كما سبق وأن أشرنا الى ذلك. وساهم هذا الاستقرار في أسواق النفط على استقرار الاقتصاد العالمي خاصة في ظل التداعيات السياسية في بعض الدول العربية العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط. وعلى سبيل المثال أظهر الاقتصاد السعودي قدرته على تجاوز تأثير الأزمات السياسية التي عصفت ببعض الدول العربية وتمكنت من تغطية نقص النفط الليبي الذي توقف إبان حرب الثوار مع النظام الليبي. والجدير بالذكر أن صندوق النقد أشار الى أن إنتاج النفط في السعودية يواصل الارتفاع لتعويض انخفاض في الإنتاج في دول أخرى وبالتالي سجلت الميزانية فائضا قويا بسبب زيادة في إنتاج النفط.
ومن ناحية السياسة المالية العامة فقد تم تعزيز البرنامج الاستثماري للمملكة والذي ساهم في زيادة كبيرة في الانفاق على القطاعات الاجتماعية والبنية التحتية وذلك تحقيقاً لأهداف خطة التنمية التاسعة للمملكة العربية السعودية، علاوة على أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أوائل عام 2012 والتي كانت تهدف إلى تعزيز الجانب الاجتماعي للمجتمع السعودي وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي ومواجهة الطلب على الإسكان وتم في ذلك الصدد الإعلان عن العديد من السياسات الإجرائية التي تعمل على تعزيز قطاع الأعمال لتوظيف القوى العاملة من القادرين على العمل.
وفي مجال السياسة النقدية والمصرفية فقد أظهرت التقارير النقدية الصادرة عن بعض البنوك المحلية قوة وسلامة القطاع المصرفي في المملكة حيث يتمتع بملاءة مالية وسيولة عالية فضلا عن اختبارات التحصيل التي أجراها خبراء البنك وصندوق النقد الدوليان والتي أكدت قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات، وساهم هذا الأمر بالتأكيد في ارتفاع معدلات نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص الأمر الذي انعكس ايجابا على النمو الاقتصادي للقطاع الخاص والقدرة على تعزيز البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص. وعلى سبيل المثال فقد زاد حجم مشاريع الإسكان والبناء والتشييد في المدن الرئيسية خاصة مشاريع البنية التحتية، كما زادت الحركة الاستثمارية في قطاع الصحة والتعليم والمملكة اليوم تنظر الى أن تكون في طليعة الدول في القطاع المالي من خلال الاستمرار في بناء مركز الملك عبدالله المالي.
وأخيراً فإن الاقتصاد السعودي اليوم يتمتع بمزايا عديدة تجعله من أفضل الاقتصاديات العربية وأكثرها نموا واستقراراً حيث يتمتع بعوامل أساسية جيدة تجعله في وضع صلب وقابل على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية من بينها انخفاض مستويات حجم الديون، والفائض في الموازنة كما يظهر في موازنة العام المقبل 2013، والمكاسب الناجمة عن ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية والذي انعكس ايجابا بحيث يسجل نموا في الناتج المحلي خاصة وأن الاقتصاد السعودي استطاع أن يحقق العام الماضي نمواً بنسبة حوالي 5 في المائة في الناتج القومي ويتوقع أن يستمر هذ النمو السنة الجديدة كما تشير إلى ذلك تفاصيل توزيع البنود الأساسية للموازنة الجديدة.
وقالوا لـ«عكـاظ» إن هناك من المؤشرات الكبيرة التي تؤكد صحة تلك التوقعات؛ منها استمرار المشاريع العملاقة التي بدأت المملكة تنفيذها العام الماضي، إضافة إلى أن أسعار البترول ستواصل ارتفاعها في العام الجديد، بعد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الأوروبية قد تمكنت من تجاوز عقبة (الهاوية المالية) التي تتعرض لها حاليا.
وفي ما يلي تفاصيل المؤشرات التي رصدها المشاركون في استطلاع «عكـاظ».
بداية، قال الدكتور إبراهيم القحطاني أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد سابقا، إن التضخم سيكون ملفا حاضرا بقوة العام المالي الجديد، خصوصا أن العديد من القرارات تدعم ارتفاع نسبة التضخم في السوق المحلية، مبينا أن أبرز تلك القرارات كان زيادة رخص العمل بمقدار 2400 ريال مقابل 100 ريال، ما يعطي دلالة واضحة على ارتفاع نسبة التضخم في العام المقبل، مؤكدا أن زيادة رخص العمل على العمالة سترفع من التكلفة الإنتاجية للمنتجات الوطنية وكذلك سترفع أجور العمالة بصورة كبيرة، ما ينعكس بصورة مباشرة على مستويات الأسعار في السوق المحلية، معتبرا اتجاه وزارة العمل برفع رخص العمل عامل مؤثر في استمرارية التضخم في العام المقبل.
ورأى أن ملف المشاريع الحكومية سيفرض وجوده بقوة في العام المقبلِ، خصوصا في ظل التراخي الواضح وغياب المتابعة اللازمة لتسريع عملية تنفيذ الكثير من المشاريع الحكومية، مضيفا أن الميزانية العامة السابقة حفلت بالكثير من المشاريع التنموية، بيد أن غياب المتابعة حال دون القدرة على ترجمة الكثير من المشاريع على الأرض، الأمر الذي ساهم في إرجاع المخصصات المالية لوزارة المالية، لافتا إلى أن الميزانية قبل الماضية حفلت بإنشاء نحو 700 مدرسة في مختلف مناطق المملكة، فيما لم يصل العدد في الميزانية السابقة للرقم ذاته، معتبرا أن ندرة الأراضي تمثل مشكلة حقيقية، بيد أنها لا تعتبر عقبة رئيسية في الحيلولة دون تنفيذ المشاريع حسب الجدول الزمني المحدد.
بدوره، شدد رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية سلمان الجشي على ضرورة إيجاد آلية بين القطاع العام والخاص لعقد شراكة حقيقية بأسلوب مؤسسي، بحيث تتولى هذه الآلية عملية تنفيذ مشاريع الدولة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الشراكة بين القطاع الخاص والعام تمثل أسلوبا للخروج من أزمة تعثر المشاريع التي تنفذها الدولة، مبينا أن هذه العلاقة تمثل طوق النجاة للمرحلة المقبلة في عملية تشغيل المشاريع بالأسلوب الذي يتناسب مع إيقاعات العصر ويقضي على البيرقراطية التي تشكل عقبة رئيسية في المؤسسات الحكومية، معتبرا أن الشراكة أسلوب مثالي لإدارة المشاريع الحكومية بالطريقة المثلى، بحيث تخرج من نفق التعطيل وانتظار القرارات، خصوصا أن القطاع الخاص أثبتت قدرته في التأقلم مع المستجدات من خلال إصدار القرارات المناسبة التي تتعامل مع الواقع للاستفادة واكتساب الوقت.
من جهته، توقع الدكتور يوسف السليم أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود، أن يشهد اقتصاد العام المقبل حالة من بداية الركود بعد موجات الصعود المتنامي التي حققها طوال الأعوام الثمانية الماضية.
وأضاف أن الاقتصادات العالمية بدءا من عام 2004 شهدت نموا اقتصاديا وطفرة اقتصادية متنامية توقفت وتأثرت بمعطيات الأزمة المالية العالمية مع وجود تنامي مضطرد. مشيرا إلى أن المعطيات الحالية تؤكد أن الاقتصاديات العالمية ستشهد موجة من الركود بسبب الإنفاق الكبير الذي شهده العالم على المشاريع العملاقة والبنى التحتية الكبيرة في السنوات الماضية.
ويرجح السليم أن تستمر موجة الركود لعدة سنوات قادمة قد تصل إلى عشر سنوات.
وعن الوضع الاقتصادي المحلي يقول بالتأكيد أن المعطيات والمؤشرات تؤكد أن الاقتصاد المحلي السعودي سيستمر في النمو، وذلك عطفا على المشاريع العملاقة الموقعة عقودها التي تنفذ حاليا، وفي طريقها إلى الإكمال، إضافة إلى ضخامة التدفقات النقدية التي ستضخ مع الموازنة الجديدة.
ويضيف أن هناك توقعات أن تنتهج الدولة سياسة ترشيد المشاريع وذلك حفاظا على إبعاد الاقتصاد المحلي عن موجة التضخمات المتتالية، ومنعا لتكدس العمالة فضخامة تنفيذ المشاريع في وقت واحد لها مخاطر اقتصادية كبيرة.
وقال الكاتب الاقتصادي غسان بادكوك: بطبيعة الحال فإن ضخامة أرقام الميزانية ترفع معها سقف توقعات المواطنين حول المردود الذي يمكن أن تعكسة الميزانية على مستوى الرفاة الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.
وما حملته تفاصيل الميزانية من بشائر خير حيث ستواصل من خلالها حكومتنا الرشيدة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وتحقيق توازن التنمية في مختلف مناطق البلاد، وتنويع الاقتصاد والصرف على المشاريع التنموية التي تحتاج إليها كافة مدن وقرى المملكة.
وفي تقديري، فإن زيادة معدل الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية سوف تؤدي لزيادة الطلب على خدمات قطاع الإنشاءات وعلى مواد البناء وكذلك على العمالة الماهرة وغير الماهرة وقد ينجم عن ذلك ارتفاع مستوى التضخم الذي ينبغي التعامل معه بالآليات المناسبة.
كما يعتبر قطاع التعليم من أبرز القطاعات التي ستحظي بنصيب وافر من المخصصات حيث من المنتظر أن تسهم الميزانية الجديدة في التسريع ببرنامج تطوير التعليم إن على مستوى المناهج والمقررات أو بالنسبة للمباني والمقرات.
كما سكان للقطاع الصحي نصيبه الملموس من الميزانية الذي سيتم توجيهه للتوسع في إنشاء المستشفيات التخصصية في العديد من المناطق إضافة لزيادة السعة الاستيعابية للمستشفيات القائمة مع دعم الكوادر الوطنية العاملة في القطاع.
ورغم أن قطاع الإسكان لا يواجه صعوبات تذكر في ما يختص بتوفير التمويل اللازم بعد أن تفضل الملك المفدى بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لدعم هذا القطاع إلا أن التركيز في العام المالي الجديد سيتوجة للتسريع بتسليم الوحدات السكنية التي يتم العمل على إنشائها حاليا في العديد من مناطق المملكة للمواطنين مع سرعة تلافي العيوب التي ظهرت في بعض المشروعات المكتملة.
أما على صعيد سوق العمل، فإنه من المتوقع أن يشهد العام المقبل المزيد من مبادرات وزارة العمل الرامية إلى زيادة توطين الوظائف وزيادة المزايا التنافسية للسعوديين مع استمرار الجدل حول بعض قرارات الوزارة، لا سيما القرارات التي سيكون لها انعكاس ملموس على ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب زيادة تكلفة العمالة الوافدة إلا أن المحصلة النهائية لتلك الجهود ستزيد من عدد الوظائف المتاحة للخريجين.
أيضا فإنه من المؤمل أن تتسارع جهود الحد من الاستهلاك المفرط للطاقة والتسريع ببرامج الطاقات المتجدده كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتطبيقاتهما المختلفة في توليد الكهرباء والمياه المحلاة، وقد يتم إقرار بعض السياسات الهادفة للتقليل من كمية النفط المستهلك محليا.
وقال الخبير الاقتصادي د. حبيب الله تركستاني إن الاقتصاد السعودي استطاع خلال العام المنصرم 2012 من أن يصمد أمام الأزمات العالمية وأن يواصل النمو بثبات وفقا لسياسة مالية برؤية طويلة المدى، وحدث ذلك في الوقت الذي شهد فيه العالم أزمات اقتصادية تسببت في تساقط اقتصاديات دول عظمى والتي ترنحت أمام الديون وتسببت في خلخلة كبيرة في الاقتصاد العالمي وسمعنا عن أزمة اليونان وأزمة اسبانيا بعد الأزمة الشهيرة في الاقتصاد الأمريكي.
ويمكن أن نتذكر في هذا الخصوص موقف خادم الحرمين الشريفين والسياسة المالية والنقدية التي أدار بها البلاد منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008 حيث ساهمت في الحفاظ على الاقتصاد السعودي من تداعيات الأزمة العالمية في اوروبا وأمريكا والتي مازالت آثارها باقية وتجسد موقف خادم الحرمين من خلال تحفيز الحكومة بإنفاق ما يقارب 400 مليار دولار على مشاريع البنى التحتية، ودعم صندوق التنمية العقارية والإعلان عن خطة للإسكان بمبالغ تصل إلى 250 مليار ريال وكانت كفيلة بتعزيز وضع الاقتصاد السعودي. وحسب النتائج التي ظهرت خلال أداء الاقتصاد العام الماضي فتعتبر السياسات المالية والاقتصادية التي اتبعتها المملكة العنصر الأساسي الذي ساهم في تعزيز قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وأسفرت عن آثار إيجابية الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.
وهناك موضوع في غاية الأهمية وتمثل في تأثير وقدرة المملكة في الحفاظ على استقرار السوق النفطية بحيث ساهم في تحقيق مصلحة المنتجين والمستهلكين ودعم نمو الاقتصاد العالمي خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم كما سبق وأن أشرنا الى ذلك. وساهم هذا الاستقرار في أسواق النفط على استقرار الاقتصاد العالمي خاصة في ظل التداعيات السياسية في بعض الدول العربية العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط. وعلى سبيل المثال أظهر الاقتصاد السعودي قدرته على تجاوز تأثير الأزمات السياسية التي عصفت ببعض الدول العربية وتمكنت من تغطية نقص النفط الليبي الذي توقف إبان حرب الثوار مع النظام الليبي. والجدير بالذكر أن صندوق النقد أشار الى أن إنتاج النفط في السعودية يواصل الارتفاع لتعويض انخفاض في الإنتاج في دول أخرى وبالتالي سجلت الميزانية فائضا قويا بسبب زيادة في إنتاج النفط.
ومن ناحية السياسة المالية العامة فقد تم تعزيز البرنامج الاستثماري للمملكة والذي ساهم في زيادة كبيرة في الانفاق على القطاعات الاجتماعية والبنية التحتية وذلك تحقيقاً لأهداف خطة التنمية التاسعة للمملكة العربية السعودية، علاوة على أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أوائل عام 2012 والتي كانت تهدف إلى تعزيز الجانب الاجتماعي للمجتمع السعودي وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي ومواجهة الطلب على الإسكان وتم في ذلك الصدد الإعلان عن العديد من السياسات الإجرائية التي تعمل على تعزيز قطاع الأعمال لتوظيف القوى العاملة من القادرين على العمل.
وفي مجال السياسة النقدية والمصرفية فقد أظهرت التقارير النقدية الصادرة عن بعض البنوك المحلية قوة وسلامة القطاع المصرفي في المملكة حيث يتمتع بملاءة مالية وسيولة عالية فضلا عن اختبارات التحصيل التي أجراها خبراء البنك وصندوق النقد الدوليان والتي أكدت قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات، وساهم هذا الأمر بالتأكيد في ارتفاع معدلات نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص الأمر الذي انعكس ايجابا على النمو الاقتصادي للقطاع الخاص والقدرة على تعزيز البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص. وعلى سبيل المثال فقد زاد حجم مشاريع الإسكان والبناء والتشييد في المدن الرئيسية خاصة مشاريع البنية التحتية، كما زادت الحركة الاستثمارية في قطاع الصحة والتعليم والمملكة اليوم تنظر الى أن تكون في طليعة الدول في القطاع المالي من خلال الاستمرار في بناء مركز الملك عبدالله المالي.
وأخيراً فإن الاقتصاد السعودي اليوم يتمتع بمزايا عديدة تجعله من أفضل الاقتصاديات العربية وأكثرها نموا واستقراراً حيث يتمتع بعوامل أساسية جيدة تجعله في وضع صلب وقابل على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية من بينها انخفاض مستويات حجم الديون، والفائض في الموازنة كما يظهر في موازنة العام المقبل 2013، والمكاسب الناجمة عن ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية والذي انعكس ايجابا بحيث يسجل نموا في الناتج المحلي خاصة وأن الاقتصاد السعودي استطاع أن يحقق العام الماضي نمواً بنسبة حوالي 5 في المائة في الناتج القومي ويتوقع أن يستمر هذ النمو السنة الجديدة كما تشير إلى ذلك تفاصيل توزيع البنود الأساسية للموازنة الجديدة.