الخليج وباب المندب

أنور ماجد عشقي

المناورات الحربية ما هي إلا استعراض للقوة، ويحذر الاستراتيجيون الدولة أن تستعرض قواتها في مواجهة دولة أقوى منها، لأن ذلك إما أن يكشف قدرات هذه الدولة أو يغري الدولة الأقوى بالهجوم عليها، أما إذا كانت الدولة التي تستعرض قوتها متفوقة في العتاد والأسلحة والمهارات، فإنها سوف تسبب إحباطا للدول الأضعف قد يصل إلى حد الاستسلام.
وفي التاريخ الإسلامي والعربي استعراضان مهمان، الأول عام الفتح عندما استعرض النبي صلى الله عليه وسلم قواته أمام أبي سفيان بن حرب الذي دعاه الخوف إلى طلب الأمان من العباس، ثم أسرع لتحذير قريش، قائلا: لقد جاءكم محمد بجيوش لا قبل لكم بها، فمن دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن، وفتحت مكة دون قتال.
والاستعراض الثاني كان عام 1967م عندما قامت به الجيوش المصرية في سيناء مما أثار إسرائيل، فدخلت مغامرة كان بالإمكان أن تنهي إسرائيل إلى الأبد، لكن الجيش المصري لم يكن مستعدا لردة الفعل هذه، فكانت النكسة الكبرى.
وإيران بدأت مناوراتها البحرية متزامنة مع إعلانها بأن قطعها البحرية تراقب باب المندب لرصد أي تحرك من قطع معادية، ومواكبة لتذبذب في الموقف الروسي قد يطيح بنظام الأسد.
فهل أرادت إيران بهذه المناورة بث المخاوف في المنطقة؟ أم أنها اليوم تبعث بإشارات للولايات المتحدة والدول الأوربية بأنها في حالة الهجوم الإسرائيلي عليها أن تغلق باب المندب ومضيق هرمز في آن واحد، وبذلك تحدث إرباكا في التجارة الدولية والإمدادات بالنفط؟
ففي الوقت الذي تضبط فيه اليمن سفينة أسلحة إيرانية بميناء الحديدة، بدأت إيران مناورتها البحرية في مضيق هرمز بهدف استعراض قدراتها العسكرية في هذا الممر الاستراتيجي.
وتقول إيران بأن المناورات تهدف إلى صد هجوم افتراضي على السواحل الإيرانية
ومع كل ذلك فإن هذه المناورات لم تأت بجديد لأن الجميع يعلم بأن القوات البحرية لن تكون لها فعالية طالما لا تتوفر لها الحماية الجوية القوية. وعلى إيران أن تبتعد عن الأعمال الاستفزازية وتعود لرشدها.