« هيئة البيعة » دولة وشعب ورجال

بدر بن أحمد كريِّم

اكتمل المشهد السياسي السعودي فجر الجمعة المنصرم (28 رمضان) بظهور قوة سياسية منظِّمة وفاعلة، تمثل فكراً سياسياً متكامل الأركان، يُعد أقوى حافز لاستقرار المجتمع السعودي، عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) قراره التاريخي بنظام هيئة البيعة، معيداً بذلك هيكلة نظام الحكم، بنظرة ثاقبة تنبع من التفكير بأنّ هذا المشهد يدعو للارتياح، ويحفظ على هذا الوطن نعمه المباركة التي أخرجتها أراضيه العزيزة، وجعلتها تتبدّى بحق على هذه الصورة وأولها: الإنسان السعودي القادر على تفهم الإصلاحات الدستورية، والمستوعب لإجراءات التوازن والضوابط التشريعية، والمحافظ على الهدوء الداخلي لمجتمعه.
وإذا كانت أنظمة الحكم في العالم تتفاوت، فإنّ البقاء الطويل لدولة موحدة مثل: المملكة العربية السعودية، يكمن في تطبيق نظام حكم مستقر وثابت، يعزز وحدة الوطن، ويجعل بناء الدولة الموحدة أسمى أهدافه السياسية، إذ من المفهوم أن «هيئة البيعة» لها علاقة مباشرة بأي شيء في الإدارة الداخلية، وتصرّ على بقائها معلماً رئيساً في الحكومة، تلازم الطبيعة المرنة في الإدارة، بأسلوب يأخذ في الحسبان التميز المطلوب للإدارة في عالم اليوم، ويعالج الحالات الاستثنائية بتطبيق مُحكم، من شأنه أن يثبت الأمور، مما يظهر بوضوح في نظام «هيئة البيعة».
هنا لا يفتقد نظام الحكم الحد الأدنى من اقتناع أكثرية الناس بجدواه، بل بالعكس تجدهم يثقون به، لأنه كفل لهم حداً معقولاً من تنظيم الحياة اليومية العادية، فينهضون به ومعه، يجمعهم جامع، ويحدد مسارهم طريق مرسوم، فالحكم في هذا البلد يستمد سلطته من: كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقوم على أساس: العدل، والشورى، والمساواة، وقوامة الأسرة، وحماية عقيدة الإسلام، وتطبيق الشريعة الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وتقوم علاقة تبادلية بين نظام الحكم من جهة، وحجم الدور الذي يؤديه الفرد في المجتمع من جهة أخرى، فكرياً، ودينياً، وثقافياً، وإعلامياً، في ظل نظام يتسع لأخذ زمام المبادرة، في مجال إصلاح نظام الحكم، وبالتالي فإنّ الفرد في ظل نظام حكم مستقر، يؤدي دوراً أكبر وأشد أثراً في تحقيق التنمية الاجتماعية، والأمنية، والسياسية، والثقافية.
إن المتأمل في «نظام هيئة البيعة» يجد أنه عالج الاضطرابات التي وقعت فيها مجتمعات أخرى، وأسقط حجج المراهنين على استمرار نظام الحكم السعودي، ووضع أساساً لا يمكن التخلي عنه، وحصافة المشهود لهم بالحصافة السياسية تحظى بالتقريض، لأنهم نقلوا الخطط إلى واقع بكل أمانة، فالعقد لا ينفرط، والجهاز الآلي لا تتفكك أجزاؤه، طالما كانت ماكينة نظامه تعمل بانتظام واضطراد، وحركة التحول السياسي تسير بقرار عادل، تستوعب الأحداث الجارية والمستقبلية، وتتعامل بواقعية مع الحراك الاجتماعي للمجتمع السعودي.
فاكس: 014543856
badrkerrayem@hotmail.com