حمزة صالح يكشف سر الجنسية والدنبوشي

حمزة صالح يكشف سر الجنسية والدنبوشي

حاوره: عبدالله عبيان

تميز نجم المنتخب السعودي والنادي الأهلي سابقا حمزة صالح خلال مسيرته الكروية بالرشاقة وقوة المواجهة في اللعب، وبهذه المواصفات وهذه الروح ظهر في هذا اللقاء الصريح، كاشفا لـ«عكاظ» عن الكثير من الأسرار والقصص التي يتحدث عنها لأول مرة، وأوضح صالح بشفافيته المعتادة تفاصيل حصوله على الجنسية وقصة الـ 001 ألف ريال التي حالت دون انضمامه لنادي النصر قبل أن يسجل بشكل رسمي للنادي الأهلي، واعترف نجم الأهلي السابق بأن الأندية تستخدم «الدنبوشي» مستحضرا بعض القصص التي عايشها بشكل شخصي.
حمزة صالح تحدث عن تجربته مع المنتخب السعودي في مونديالي كأس العالم 49 و89، مفندا أسباب تراجع مستويات لاعبي المنتخب، والتي يأتي في مقدمتها مبالغ العقود الاحترافية التي أكد بأنها «أفسدت اللاعب السعودي»، واستعاد صالح الكثير من القصص الطريفة من داخل معسكرات المنتخب، كما شخص نجم المنتخب السابق أحوال الرياضة في المدينة المنورة وأسباب تراجعها وعدم انضباط اللاعبين وترددهم على المقاهي إلى ساعات متأخرة من الليل، مبينا أن تجربته الإدارية مع نادي الأنصار كانت ناجحة وأن ابتعاده عن النادي كان يعود لتدخلات رئيس النادي محمد بهاء الدين الذي أوضح بأنه «نقض الوعد ولم يلتزم بالشروط المتفق عليها»، وإليكم نص الحوار:

كيف كانت بداياتك ؟
رسميا بدأت من جدة ولكني بدأت البروز من حواري المدينة وتحديدا في فريق حي النصر، كما أنني تدربت في نادي أحد وذهبت معهم في معسكر إلى القاهرة ولم أسجل رسميا في أي ناد من أندية المدينة المنورة.
لكن معلوماتي الخاصة تشير إلى أنك بدأت من نادي أحد ولم تكن تحمل الجنسية وأن الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (يرحمه الله) سعى في حصولك عليها لخدمة نادي أحد فكيف ذهبت للنادي الأهلي ؟
صحيح أنا بدأت من نادي أحد وعسكرت مع النادي في القاهرة، وبعد عودتنا اتفق المسؤولون في أحد ومنهم المدرب بأن النادي بحاجتي، وذهب عدد من أعضاء الشرف إلى الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (يرحمه الله) أمير منطقة المدينة في ذلك الوقت، وأوضحوا له أنني لاعب موهوب ومفيد للنادي وكذلك للمنتخب وطلبوا منه أن يسعى في موضوع تجنيسي، وتفاعل الأمير عبدالمجيد وأنهى المعاملة بمساعيه النبيلة.
? ولكن كيف ابتعدت عن نادي أحد بعد حصولك على الجنسية ؟
بعد إنهاء إجراءات الجنسية في الأحوال المدنية، لم أتسلم البطاقة وأخبرني مدير الأحوال المدنية في المدينة بأنه سيسلمها للإمارة، وفعلا قام بتسليمها لمحمد الطيار مدير مكتب الأمير عبدالمجيد في ذلك الوقت، ولكن الطيار احتفظ بالبطاقة لأكثر من ثلاثة أشهر وشعرت بأن هناك أمرا يحاك في الخفاء، وفعلا تكشفت الأمور واتضح بأن الطيار قام بالتنسيق لتسجيلي رسميا في نادي النصر، حيث اتصل بي الطيار وطلب مني الحضور لمكتبه في الإمارة وذهبت له ووجدت مندوب نادي النصر إلى جانبه في المكتب، وكان الطيار حينها قد علم بأني ذهبت إلى النادي الأهلي وأجريت تمرينا معهم بحضور الأمير خالد بن عبدالله واقتنع مدرب الأهلي بقدراتي، لذا حاول أن يسارع بضمي لصفوف نادي النصر وعرفني على المندوب وأخبرني أن نادي النصر يرغب في تسجيلي رسميا، وقال: «أنت أمام خيارين، النصر أو أحد، وعليك أن تنسى النادي الأهلي»، وعندها اخترت نادي النصر وقام الطيار بتسليم بطاقتي للمندوب النصراوي الذي سافرت معه إلى الرياض تمهيدا للتسجيل رسميا للنصر، وفي مطار المدينة طلبت من المندوب رؤية بطاقة الأحوال الشخصية الخاصة بي، واستلمتها منه ثم احتفظت بها في غفلة منه، وعند وصولنا إلى الرياض ذهبنا لنادي النصر والتقيت الأمير عبدالرحمن بن سعود (يرحمه الله) ودار الحديث بيننا ثم سألني عن طلباتي واشتراطاتي للتسجيل في النصر، فطلبت 100 ألف ريال، ويعتبر هذا المبلغ مجز في تلك الأيام، كذلك طلبت سيارة وسكن ووظيفة، حيث إن نظام الاحتراف لم يطبق بعد في ذلك الوقت، عندها قال لي الأمير عبدالرحمن بلطف وشفافية: «يا حمزة هذا المبلغ لم يأخذه ماجد عبدالله عندما انضم إلى النصر، ولكن خذ هذه الخمسة آلاف مني شخصيا واذهب إلى أهلك وشاورهم في الأمر، وإذا اقتنعت بشروط معقولة عد إلينا للتفاوض مجددا».
? وهل تعتقد بأن مطالبك في ذلك الوقت كانت معقولة ومنطقية ؟
نعم كانت هذه المطالب معقولة، خصوصا وأني في بداية حياتي ولا يوجد نظام للاحتراف يؤمن مستقبلي وسأعيش في منطقة غير منطقتي.
? كم كان عمرك في ذلك الوقت ؟
17 عاما.
? هل راجعت نفسك عندما طلب منك الأمير عبدالرحمن ذلك ؟
لم أتراجع عن شروطي وسافرت فورا إلى المدينة المنورة، وعندها هاتفني محمد بهاء الدين رئيس نادي الأنصار الحالي، وكان وقتها (بحسب اعتقادي) وكيلا للأمير خالد بن عبدالله في الأمور الرياضية في المدينة، وأخبرني أن الأمير خالد يرغب في رؤيتي، وسافرت أنا ومحمد بهاء الدين إلى جدة والتقيت الأمير خالد وسألني عن شروطي فقلت: «أرغب في سكن وعمل وسيارة» وتمت الموافقة على ذلك.
? أين ذهب شرط الـ 100 ألف ؟
لم أطرح ذلك الشرط لأني كنت أميل للنادي الأهلي وأرغب في الانضمام إليه، خصوصا وأن مدرب النادي كان مقتنعا بقدراتي.
? وهل تم تسجيلك مباشرة ؟
لا، بل كان علي أن انتظر 40 يوما حتى تأتي فترة التسجيل، وعندها طلب مني الأمير خالد عدم العودة إلى المدينة وطلب أن اختار أي بلد في العالم للسفر إليها وقضاء تلك الفترة التي تسبق موعد التسجيل، وعندها اخترت مصر وسافرت للقاهرة، حيث كانت شقيقتي تدرس هناك.
? هل نعتبر تلك الرحلة هروبا من الأندية الأخرى وخصوصا أحد ؟
نعم، هربت من الدخول في مفاوضات جديدة لقناعتي بالأهلي.
? ماذا عن الأمير عبدالمجيد، ألم يعاتبك لأنك ابتعدت عن أندية المدينة المنورة ؟
الأمير عبدالمجيد (يرحمه الله) رجل حكيم ويدرك بأنني أينما لعبت سأخدم الوطن وهذا هو الأهم من وجهة نظره، وكان يؤمن باختيار الشخص وراحته، لذا لم يصلني أي عتب من مكتبه، رغم أن نادي أحد حاول التأثير على تسجيلي لنادي الأهلي، وأخبرني الكابتن علي فودة بأنه كان من المقرر أن يسافر إلى القاهرة للبحث عني بعد سماعهم برغبتي في الانضمام للأهلي لكن مرضه حال دون ذلك.
? بعد توقيعك للنادي الأهلي كيف وجدت الأجواء داخل النادي ؟
كان النادي مليء بالنجوم وفي نفس مركزي كان يلعب النجم اللامع خالد مسعد، وفور الانضمام للنادي عام 1410هـ سافرنا إلى النمسا للانخراط في معسكر تدريبي هناك لمدة شهر، وبذلت قصارى جهدي لإثبات وجودي كلاعب أساسي، وفعلا رجعنا من المعسكر وقد اقتنع المدرب البرازيلي زاناتا بقدراتي ولعبت أساسيا إلى جانب خالد مسعد وعدد من نجوم الأهلي.
? هل واجهت ضغوطات أو مضايقات في بداية انضمامك للأهلي ؟
بالتأكيد الوسط الرياضي لا يخلو من التكتلات، وأذكر أن أحد لاعبي الأهلي كان يحاول استفزازي في الملعب وإبراز أخطائي أمام زملائي بشكل لا يخلو من التهويل، ولكني حسمت الموضوع في بداياته وقمت بمواجهته خارج الملعب وحذرته من ممارسة ذلك الأسلوب الاستفزازي معي مرة أخرى، وانتهت تلك الاستفزازات بهدوء، وهذا اللاعب توفي قبل حوالي خمس سنوات (يرحمه الله).
? حدثنا عن الأجواء التي تسبق مباريات الأهلي والاتحاد.
الاتحاد كيان عريق ومبارياتنا معه تحفل بالندية والحذر والشد والجذب.
? كان يتردد بين جماهير الفريقين أن النادي الذي ينزل إلى أرض الملعب أولا هو النادي الخاسر للمباراة فما صحة هذه المقولة ؟
ـبكل صراحة نعم وكان أفراد الفريقين يتباطؤون في الممر المؤدي لأرض الملعب لتفادي النزول أولا.
? هذا يعني أن الناديين كانا يؤمنان بأقوال المنجمين؟
الشعوذة موجودة في الأوساط الرياضية، وجميع الأندية السعودية تأخذ بأقوال المنجمين وتستخدم «الدنبوشي».
? هل تعرضت لمضايقات من هذا النوع ؟ وهل شعرت بتأثيرها في الملعب؟
في بعض المباريات نشعر بثقل غريب في الحركة ونترقب نهاية المباراة بفارغ الصبر، وأذكر في أحد المواقف أنني كنت أذهب لمقر النادي الأهلي ولكني لا أستطيع الدخول للملعب وأرجع للبيت، وتكرر هذا الموقف ثلاثة أيام على التوالي، عندها تلقيت اتصالا من إدارة النادي وكانوا يتساءلون عن أسباب غيابي عن التدريبات، وشرحت لهم الوضع وعندها قاموا بالتنسيق مع أحد الشيوخ المشهورين في الرقية، وبحمد الله تجاوزت الأزمة وعدت إلى وضعي الطبيعي، كذلك قبل إحدى مباريات الديربي مع الاتحاد، كنا نؤدي مباراة ترفيهية عشية المبارة واشتركت مع الحارس عبدالهادي حداد في كرة عالية وعندها ضربته بالرأس رغم أن الموقف لم يكن يحتاج إلى ذلك التدخل ولكني فقدت الوعي وتم نقلي إلى المستشفى وتعرضت لكسر في عظمة الحاجب التي تعد بحسب كلام الدكتور المعالج من أقوى عظام الجسم، وهذا أثار شكوكي بأن هناك عملا من هذا النوع تم في الخفاء.
? ما هي أكثر المباريات التي تتحصن قبلها من «الدنبوشي» ؟
بكل صراحة مبارياتنا مع نادي الاتحاد، فعند انتهاء اجتماعنا الفني مع المدرب تجد اللاعبين يتجهون إلى قراءة القرآن ساعات طويلة لتحصين أنفسهم.
? متى تم اختيارك للمنتخب ؟
تم اختياري للمنتخب في البطولة العربية في سوريا عام 1413هـ، وكانت هناك صعوبة في الانضمام للمنتخب، وقد واصلت في المنتخب وشاركت في العديد من البطولات ومنها كأس العالم عام 1994م، وكذلك كأس العالم عام 1998م.
? ما هي أسباب التراجع الكبير في مستوى المنتخب بين مونديال 94 و98 ؟
كنا في مونديال 94 نؤدي بشكل جماعي وروح قتالية ونلعب بإخلاص للشعار، وكان القائد موجود في ظل تواجد ماجد عبدالله ومحمد عبدالجواد وعبدالله الصالح وهؤلاء كانوا يعملون على رفع مستوى الروح والحماس بين أفراد المنتخب، فضلا عن اتصالات خادم الحرمين الملك فهد بن عبدالعزيز (يرحمه الله)، حيث اتصل بجميع أفراد المنتخب مرتين خلال مونديال 94 وهذا انعكس علينا بشكل إيجابي، وفي مونديال 98 كان المنتخب يفتقد للقائد مع احترامي للاعب فؤاد أنور وسامي الجابر مع أن الفريق كان يضم أحمد جميل وهو لاعب مميز وأقدم منهما وتتوفر فيه صفات القائد الناجح ورغم ذلك لم يستلم القيادة، كما أن الاحتراف الخارجي المتاح للاعبين في مونديال 98 جعل أكثر اللاعبين يلعب لخدمة اسمه وأصبح يفكر في العروض التي ستصله بعد المونديال، فيما كنا في مونديال 94 نلعب للشعار فقط ولا يوجد احتراف خارجي في حينها.
? نسمع عن تكتلات داخل معسكرات المنتخب .. هل هذا صحيح ؟
ليست تكتلات بالمعنى السلبي، ولكن كان لاعبو الغربية والشرقية وماجد عبدالله يتجمعون في جلسة واحدة وكذلك لاعبي الوسطى وبقية المناطق في جلسة أخرى.
? ما هي أصعب المباريات التي لعبتها ؟
مباراتنا مع بلجيكا التي فزنا فيها بهدف سعيد العويران كانت الأصعب والأجمل في نفس الوقت.
? ما هو تشخيصك لتراجع مستوى المنتخب في السنوات الأخيرة رغم أن الرياضة الآن تعيش زمن الاحتراف واللاعبين يحصلون على عوائد مادية كبيرة بعكس اللاعبين القدامى ؟
أنا دائما أؤمن بأن كرة القدم هي لعبة الفقراء.
? هل أمنت مستقبلك رغم أنك لم تعش طفرة العقود الاحترافية ؟
الحمد لله أنا اشتغلت في مجال العقار وكنت أستثمر العائد المادي الذي يصلني عندما كنت ألعب للأهلي والمنتخب، وخصوصا المكافأة التي حصلت عليها بعد مونديال 94، في شراء بعض الأراضي ولدي عمارة ومحل لبيع المستلزمات الرياضية، وقد استفدت من نصائح الكابتن أحمد جميل الذي كان يؤكد علينا ضرورة الاهتمام بالمستقبل، وأود أن أشكر الأمير خالد بن عبدالله على وقفاته الشامخة معي، وكذلك أخي الأكبر الذي أسهم في نجاحاتي على صعيد الأمور الحياتية، وكم أتألم عندما أرى أحد النجوم في وضع مادي سيئ وكنت أتمنى أن يخصص صندوق شبيه بصندوق التقاعد أو التأمينات الاجتماعية يقتطع مبالغا من رواتب اللاعبين لتأمين مستقبلهم بعد الاعتزال.
? من يعجبك من المحللين الرياضيين ؟
يعجبني ماجد عبدالله وخالد الشنيف.