جنود «اللهو الخفي» !

صيغة الشمري

كنت أسمع أحدهم وهو يزبد ويرعد ويحذر من التغريب، تارة يرقق الصوت، وتارة يصرخ صراخا لا تعرف مبرره، تحريك عواطف وإعطال للعقل، حتى تصيبك الحيرة وأنت تحاول أن تقتنص معلومة مفيدة وسط حطام هذا الصراخ المتراكم، لكنك لا تستطع؛ مثل شخص مرعوب يصرخ بكلام غير مترابط وغير علمي وليس فيه من العقل ذرة. الذين انبروا لقيادة عقول الشباب العربي غير مؤهلين حتى فيما يدعون إليه، مجرد أشخاص ملوا من حياة سابقة واختاروا حياة سهلة يسهل التكسب من خلالها ماديا وجماهيريا، وليتهم عندما حققوا مبتغاهم اجتهدوا في اكتساب علم حقيقي وبذلوا جهدا في تقوية حجتهم وتوسعة مداركهم، بل انشغلوا في مطاردة ولائم الظهور والشهرة، تكتشفهم من خلال مقارنتهم بالعلماء الحقيقيين، فيصيبك الذهول من هشاشتهم العلمية وضحالة تفكيرهم وأهدافهم المنحصرة في كسب الشهرة والمال وكثرة تشدقهم بحمل هموم الأمة والخوف عليها. علماء الأمة الحقيقيون يتعبون ويجاهدون بخروج الشباب من عندهم بعقول محصنة وعواطف قوية ورصينة، وهؤلاء يحرصون على خروج الشباب من عندهم بعقول مغيبة وعواطف ثائرة وغير قابلة للنقاش حتى مع من هم أعلى منه علما أو مسؤولية. يفتقد هؤلاء هم الأمة الحقيقي من أساسه، إما جهلا منهم، أو عمدا، وخلطوا الأصول بالفروع حتى تاه الكثير من الشباب وأصبحوا غير قادرين على التفكير وإلقاء فشلهم على غيرهم، حتى وصلوا درجة لا تصدق من الاحتقان والعدوانية، الذي كان يصرخ محذرا من التغريب يعرف أنواعا من الفساد والمخالفات تضرب أطناب البلاد من شرقها لغربها أشد فتكا من فساد يشبه «اللهو الخفي»، عندما لا يجدون موضوعا يشبعون نهمهم من الصراخ خلاله أقروه ليصموا آذاننا في التحذير منه، التغريب أو الغزو الفكري أو «اللهو الخفي» أقل خطرا من فساد تخليص معاملات الناس بالمناصفة، أقل فسادا من الكسب غير المشروع، أقل فسادا من أخطر أنواع الفساد ذاك الذي يلبس لبوس التقوى!.
Shammriyah76@hotmail.com