خطة لإخراج العراق من الازمة
السبت / 06 / شوال / 1427 هـ السبت 28 أكتوبر 2006 20:13
دينيس روس
نظرا لعملي كمفاوض في الشرق الاوسط لفترة طويلة من الزمن تعلمت ان الشرط الاساسي لصنع السلام هو تقريب جميع اطراف النزاع الى الواقع والحقيقة على الارض ففي العراق اليوم بعد ثلاث سنوات ونصف السنة على ذهاب امريكا الى الحرب هناك يبدو ان احدا من الاطراف لا يفعل ذلك.
فالشيعة الذين يسيطرون على الحكومة لايزالون غير مستعدين للاعتراف بحاجة السنة الى ضمانة رسمية بأنهم سيحصلون على جزء من الغنيمة. والسنة عليهم ان يقبلوا بفكرة ان الشيعة اصبحوا يشكلون القوة السياسية المهيمنة على العراق. والاكراد بغض النظر عما يقولون يتوقعون ان يكونوا مستقلين ويريدون كيانا سياسيا مستقلا يحدد اطر هذا الاستقلال بدون تعريض انفسهم لتهديدات من جانب تركيا او ايران.
ولكن ماذا عن ادارة بوش هل قاربت نفسها من الحقيقة والواقع؟ هي تدّعي تحقيق تقدم حتى في الوقت الذي يغرق العراق في حرب اهلية.
ان الاصرار على الابقاء على الاوضاع كما هي هو وصفة اكيدة لتفادي الواقع والحقيقة لكن مجرد تحديد سقف زمني او انسحاب عشوائي قد يشكلان نوعا من انكار ما سيحصل في المنطقة عقب ذلك فما العمل اذن؟
ان نقطة الانطلاق تبدأ مع الاعتراف بأن العراق لن يصبح دولة ديمقراطية وموحدة يمكن ان تشكل نموذجا يحتذى في المنطقة ولايستطيع العراق في افضل الاحوال ان يتطور الا الى دولة مكونة من التالي: حكومة مركزية ذات سلطات محدودة، وحكومات اقليمية، او مناطقية، ذات حكم ذاتي واسع النطاق، وتقاسم لعائدات النفط، وعلى الصعيد المحلي بعض التمثيل او التسامح ازاء الاقليات وفي مثل هذه الظروف فقط يمكن للعراق ان يحقق الاستقرار.
لكن حلا كهذا لايتحقق تلقائيا «الا بعد حرب اهلية طويلة» وهناك مبادرات ثلاث مترابطة قد تخلق سبيلا افضل ومقبولا للتوصل الى الحل المنشود بالنسبة للعراق او على الاقل بالنسبة لخروجنا من هناك.
المبادرة الاولى تقضي بأن تصر ادارة بوش على ضرورة عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية على الا تتوقف اجتماعاته قبل الاتفاق على تعديلات في الدستور شرط ان تلبي هذه التعديلات مطالب كافة الفرقاء مثل تقاسم الثروات ودور الدين وحل الميليشيات وكيفية تشكيل الاقاليم.
اما المبادرة الثانية فتقضي بعقد مؤتمر اقليمي طال الحديث عنه يشارك فيه جميع الدول المجاورة للعراق اي ايران والمملكة العربية السعودية والاردن وسوريا وتركيا. ومن المؤكد ان جميع هذه الدول تتخوف من النتائج التي قد تنجم عن تفكك العراق في حال الانسحاب المتسرع للقوات الامريكية. ولعل المصلحة المشتركة لهذه الدول في تفادي وقوع العراق في حرب اهلية شاملة يمكن ان تخلق قاعدة لتفاهمات عامة حول ما تريد او لا تريد فعله للمساعدة على استعادة الاستقرار في هذا البلد ومن واجب ادارة بوش العمل على انعقاد مثل هذا المؤتمر الان.
وتقضي المبادرة الثالثة بأن يوضح الرئيس بوش لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأننا لن نفرض تاريخا معينا للانسحاب بل سوف نتفاوض مع حكومته لوضع جدول زمني لرحيلنا والفرق بين الاثنين هو كالفرق بين ترك العراقيين في الوحول والضياع وابلاغهم بأن عليهم تحمل مسؤولياتهم.
ما من عراقي يبدو اليوم راغبا في وجودنا في بلده غير ان الجميع يتخوفون من رحيلنا وفي الوقت عينه يبدو ان الجميع يريدون الجلوس والابتعاد لتفادي الدخول في اية معالجة للقضايا الشائكة ولتركنا وحدنا نتحمل اعباء القتال وهذا امر يجب ان يتوقف. وهكذا يبدو واضحا ان ثمة ضرورة لايجاد علاقة بين الجهد للوصول الى المصالحة الوطنية وبين مقاربتنا لوضع اتفاقية حول توقيت الانسحاب فاذا كان العراقيون مستعدين لحل خلافاتهم السياسية الداخلية وللاقتراب من الواقع والحقيقة ولاتخاذ الخيارات الصعبة التي تواجههم فان وجودنا في اراضيهم يمكن ان يكون مساعدا خلال الفترة الانتقالية غير انهم اذا واصلوا تحاشيهم لواقع الامور فان وجودنا سوف يزيد الطين بلة وهذا يعني ان الوقت حان لتغيير التفكير والمسيرة.
* مبعوث الرئيس كلينتون الخاص للشرق الاوسط
ترجمة: جوزيف حرب
فالشيعة الذين يسيطرون على الحكومة لايزالون غير مستعدين للاعتراف بحاجة السنة الى ضمانة رسمية بأنهم سيحصلون على جزء من الغنيمة. والسنة عليهم ان يقبلوا بفكرة ان الشيعة اصبحوا يشكلون القوة السياسية المهيمنة على العراق. والاكراد بغض النظر عما يقولون يتوقعون ان يكونوا مستقلين ويريدون كيانا سياسيا مستقلا يحدد اطر هذا الاستقلال بدون تعريض انفسهم لتهديدات من جانب تركيا او ايران.
ولكن ماذا عن ادارة بوش هل قاربت نفسها من الحقيقة والواقع؟ هي تدّعي تحقيق تقدم حتى في الوقت الذي يغرق العراق في حرب اهلية.
ان الاصرار على الابقاء على الاوضاع كما هي هو وصفة اكيدة لتفادي الواقع والحقيقة لكن مجرد تحديد سقف زمني او انسحاب عشوائي قد يشكلان نوعا من انكار ما سيحصل في المنطقة عقب ذلك فما العمل اذن؟
ان نقطة الانطلاق تبدأ مع الاعتراف بأن العراق لن يصبح دولة ديمقراطية وموحدة يمكن ان تشكل نموذجا يحتذى في المنطقة ولايستطيع العراق في افضل الاحوال ان يتطور الا الى دولة مكونة من التالي: حكومة مركزية ذات سلطات محدودة، وحكومات اقليمية، او مناطقية، ذات حكم ذاتي واسع النطاق، وتقاسم لعائدات النفط، وعلى الصعيد المحلي بعض التمثيل او التسامح ازاء الاقليات وفي مثل هذه الظروف فقط يمكن للعراق ان يحقق الاستقرار.
لكن حلا كهذا لايتحقق تلقائيا «الا بعد حرب اهلية طويلة» وهناك مبادرات ثلاث مترابطة قد تخلق سبيلا افضل ومقبولا للتوصل الى الحل المنشود بالنسبة للعراق او على الاقل بالنسبة لخروجنا من هناك.
المبادرة الاولى تقضي بأن تصر ادارة بوش على ضرورة عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية على الا تتوقف اجتماعاته قبل الاتفاق على تعديلات في الدستور شرط ان تلبي هذه التعديلات مطالب كافة الفرقاء مثل تقاسم الثروات ودور الدين وحل الميليشيات وكيفية تشكيل الاقاليم.
اما المبادرة الثانية فتقضي بعقد مؤتمر اقليمي طال الحديث عنه يشارك فيه جميع الدول المجاورة للعراق اي ايران والمملكة العربية السعودية والاردن وسوريا وتركيا. ومن المؤكد ان جميع هذه الدول تتخوف من النتائج التي قد تنجم عن تفكك العراق في حال الانسحاب المتسرع للقوات الامريكية. ولعل المصلحة المشتركة لهذه الدول في تفادي وقوع العراق في حرب اهلية شاملة يمكن ان تخلق قاعدة لتفاهمات عامة حول ما تريد او لا تريد فعله للمساعدة على استعادة الاستقرار في هذا البلد ومن واجب ادارة بوش العمل على انعقاد مثل هذا المؤتمر الان.
وتقضي المبادرة الثالثة بأن يوضح الرئيس بوش لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأننا لن نفرض تاريخا معينا للانسحاب بل سوف نتفاوض مع حكومته لوضع جدول زمني لرحيلنا والفرق بين الاثنين هو كالفرق بين ترك العراقيين في الوحول والضياع وابلاغهم بأن عليهم تحمل مسؤولياتهم.
ما من عراقي يبدو اليوم راغبا في وجودنا في بلده غير ان الجميع يتخوفون من رحيلنا وفي الوقت عينه يبدو ان الجميع يريدون الجلوس والابتعاد لتفادي الدخول في اية معالجة للقضايا الشائكة ولتركنا وحدنا نتحمل اعباء القتال وهذا امر يجب ان يتوقف. وهكذا يبدو واضحا ان ثمة ضرورة لايجاد علاقة بين الجهد للوصول الى المصالحة الوطنية وبين مقاربتنا لوضع اتفاقية حول توقيت الانسحاب فاذا كان العراقيون مستعدين لحل خلافاتهم السياسية الداخلية وللاقتراب من الواقع والحقيقة ولاتخاذ الخيارات الصعبة التي تواجههم فان وجودنا في اراضيهم يمكن ان يكون مساعدا خلال الفترة الانتقالية غير انهم اذا واصلوا تحاشيهم لواقع الامور فان وجودنا سوف يزيد الطين بلة وهذا يعني ان الوقت حان لتغيير التفكير والمسيرة.
* مبعوث الرئيس كلينتون الخاص للشرق الاوسط
ترجمة: جوزيف حرب