صيف ساخن وديمقراطية واحتفالات

فهيم الحامد

على غير العادة، دخل فصل الصيف مبكرا في باكستان، ويبدو أن هذا الصيف لن يكون ساخنا فقط بل ملتهبا، لجملة من المعطيات على الأرض، من أبرزها إعلان عقد الانتخابات البرلمانية في 11 مايو (أيار) المقبل، وكذلك اختيار رئيس للحكومة الانتقالية التي ستشرف على الانتخابات، وعودة الرئيس السابق مشرف واحتمالات سجنه وقرب انطلاق حملات كسر العظم الانتخابية، وسط كل هذه المفرقعات السياسية المحتملة تعمل المؤسسة العسكرية على مراقبة المشهد السياسي والانتخابي عن كثب، لما قد تشهده الباكستان من مفاجآت على المستوى الانتخابي وهو ما عودتنا عليه دائما. وليس هناك من شك أن الانتقال السلس الذي تم من حكومة حزب الشعب الباكستاني التي أنهت فترة حكم الخمس سنوات إلى الحكومة الانتقالية والتي ستشرف على الانتخابات، أرسل رسالة إيجابية للعالم أن الباكستان ماضية في نهجها الديمقراطي منذ أن أنشئت وحتى الآن، الأمر الذي يحتم على اللاعبين الأساسيين في الساحة السياسية الباكستانية في المرحلة القادمة، انتهاج نفس النهج الديمقراطي للوصول للسلطة، إذ سنحت أمامهم فرصة تاريخية جديدة لإثبات أحقيتهم بالوصول لسدة الحكم، عبر صناديق الاقتراع لكي تبحر بلادهم نحو الاستقرار والأمن الذي ننشده دائما للباكستان. وربما ليس صدفة أن تكون كل هذه الأحداث في شهر مارس، الذي شهدت فيه الباكستان هذه التطورات الهامة والسياسية المتلاحقة وفيه أيضا تحتفل بيومها الوطني، ففي 23 مارس من كل عام يحتفي الباكستانيون بهذا اليوم ذي الأهمية الكبرى بتاريخ قيام باكستان كدولة إسلامية مستقلة والتي أصبحت عمقا استراتيجيا للدول الإسلامية وتحديدا في تعزيز التضامن الإسلامي، إذ جاء إنشاء هذه الدولة المسلمة من أجل رفعة شأن الإسلام في منطقة جنوب آسيا والعالم خاصة بعد تعرض المسلمين في الهند للعديد من المشاكل المستعصية في ظل هيمنة الأغلبية الهندوسية على مقاليد الأمور بالإضافة للفروق الحضارية والدينية والثقافية بين الهندوس والمسلمين، الأمر الذي جعل قادتهم وعلى رأسهم القائد محمد علي جناح والأب المؤسس للباكستان في ذلك الوقت التفكير في إنشاء دولة باكستانية مستقلة للحفاظ على ثقافتهم الإسلامية. ومازلنا نتذكر خطبة جناح في لاهور التاريخية عندما قال متحدثا عن الأمة الباكستانية بأنها أمة مميزة بثقافتها وإحساسها بقيمها الأخلاقية.
إن قوة الباكستان هي قوة للأمة، وضعف الباكستان من ضعف الأمة فليتحد الباكستانيون للحفاظ على بلدهم قوية آمنة مستقرة وليستفيدوا من الفرصة الديمقراطية التي سنحت لهم للإثبات ذلك على الأرض. ما يهمنا هو استقرار الباكستان وأمنها باعتبارها شريكة استراتيجية للمملكة منذ إنشائها وحتى الآن.