متاجر وحدائق الظبية في بطن الخطر

المواطنون يترقبون الخطر ويتهمون البلدية .. والدفاع المدني ينفي

متاجر وحدائق الظبية في بطن الخطر

افتخار باحفين (جازان)

السيول العارمة لا تهدد المباني وحدها في الظبية ومحافظة صبيا فحسب، بل إن خطرها قريب جدا من الباعة وأصحاب البسطات ممن سمحت لهم البلدية بالبيع والتسويق في مجاري السيول وعمق الأودية. «عكاظ» رصدت عشرات المباني والمتاجر في الموقع الخطير ومن بين الاماكن المهددة بالفناء سوق الثلاثاء الاسبوعي الذي ينظم في محافظة صبيا علما بأن السوق يعج بعشرات المحلات والمتاجر ومئات المتسوقين فمتى يدهمهم الخطر؟

في بطن الوادي سوق أنشئ قبل 10 سنوات تقريبا ويقول اصحاب المتاجر والمتسوقون إنهم لا يشعرون بالخطر الآن ولكن حتما الخطر مقبل عليهم في أي لحظة. وقد اكدت الوقائع الماضية ان اي هطول مرتقب يعني مزيدا من المتاعب وفي الموسم الماضي اضطرت ادارة الدفاع المدني الى اطلاق التحذيرات.

نقلوني إلى المجرى
عدد من كبار السن والاهالي يتذكرون ما حدث في سيل صبيا الكبير قبل 15 عاما حيث هرع جميع من في السوق رافعين بسطاتهم على اكتافهم عندما دهمهم السيل الذي خلف خسائر فادحة في الممتلكات. ويذكر إبراهيم سلطان صاحب معصرة زيت سمسم تراثية انه ورث مهنته من الآباء والأجداد وعندما تم تحديث الموقع اختاروا له عمق مجرى السيل الذي يشكل خطرا على حياة الآمنين، وقال «كان عندي موقع خارج مجرى السيل أزاول مهنتي التي اكتسبتها من والدي وقبل 10 سنوات أمرت البلدية نقلي من مقري القديم في السوق فانتقلت إلى وسط مجرى السيل مثلي مثل بقية أصحاب المحلات والبسطات وأصحاب مواقع بيع العلف والحطب والمواشي .. البلدية سمحت للمواطنين أصحاب المحلات التي كانت تقع في قلب سوق صبيا بالبناء والانتقال إلى بطن الوادي ومجرى السيل غير مبالية بالخطر».

البلدية أول من تعلم
الموقع الخطر كما ذكرنا يعج بعشرات البسطات والمحلات الشعبية وهي مواقع أقرتها البلدية على المواطنين وأذنت لهم بالبناء في بطن الوادي. وفي المكان ملاعب وسوق أسبوعي يقام كل ثلاثاء فالمكان أشبه بالحراج الشعبي تمارس فيه كل الأنشطة مثل بيع الحطب والمواشي والأثاث المستعمل والقصب والبرسيم والخضروات والثلج السمك الى جانب المسالخ العشوائية والمقاهي الشعبية التي تدار بأيدي عمالة مخالفة لنظام الاقامة. ويقول موسى غروي صاحب بسطة بيع حطب يمارس العمل في المهنة بالموقع منذ 8 سنوات «سمعنا بأن البلدية سوف تنقل الموقع الى قرية نخلان ولكن لا نعلم متى يحدث ذلك».
أما المواطن محمد العماري صاحب محل بيع أثاث مستعمل فقال: تملكت موقعا خارج مجرى السيل وأجبرت على تركه والانتقال الى موقعي الحالي قبل ست سنوات وشيدت فيه المتجر الذي كلفني أكثر من 40 ألف ريال بموافقة البلدية وهناك 8 محلات تم بناؤها وسط مجرى السيل تزاول نفس النشاط بالإضافة إلى عدد كبير من الهناجر مقر للسوق الأسبوعي.
ويشير العماري الى أن البلدية أجرت موقعا لشركة لإقامة برج الى جانب أعمدة كهربائية وكلها في بطن وادٍ متسائلا عن الذي منح تصريح كهذا؟ ويقول محمد طميحي احد رواد مقاهي بطن الوادي إنه درج على المجيء للمقهى منذ سنوات ويتذكر آخر مرة جرى السيل في الموقع قبل 15 عاما والناس تتواجد كل يوم بشكل طبيعي.

التعويض العادل مطلب الأهالي
أصحاب الأملاك في بطون الأودية طالبوا وزارة الشؤون البلدية والقروية بتعويضهم خصوصا أن هناك قرارا يفيد بمنع البناء في المواقع المعرضة للسيول حتى لو كان صاحبها يملك صكا شرعيا. ويذكر العم محمد هادي ان عددا من المواطنين لديهم مساكن ومحلات في بطون الأودية ولا يملكون صكوكا شرعية، والمطلوب ايجاد الحلول المناسبة وتعويضهم بمساكن آمنة وبديلة بما يتناسب وظروفهم الحياتية والمعيشية وما يؤمن استمرارهم في مهنهم وحرفهم التي يكسبون منها أرزاقهم. واجمع عدد من المتحدثين لـ«عكاظ» على أن قرار منع البناء في بطون الأودية يحمي الارواح والممتلكات. وقالوا إن قرار المنع صائب والمأمول في هذه الحالة هو التعويض العادل للمتضررين وتوفير بيئة مناسبة توازي نفس البيئة التي ولدوا وترعرعوا فيها علما بان معاناة منع كوارث السيول تتكرر كل عام، تقطع الطرق وتعزل القرى وتحاصر المنازل وتكبد السكان خسائر مادية جسيمة. وقال حسين علي: لا نملك صكوكا شرعية للمساكن، ونتمنى ان تتوفر للجميع مساكن في مواقع آمنة خاصة أن اغلب القاطنين في بطون الاودية من ذوي الدخل المحدود والحل العاجل والبديل انشاء مصدات تمنع الخطر.

تعليمات مشددة .. ولكن
مواطنون في صبيا اقترحوا طرح مشاريع لحماية القرى القريبة من بطون الأودية وانشاء مصدات والامانة هي المكلفة بهذا العمل قبل حدوث الكوارث، واجمعوا على ضرورة تعويض المواطنين القاطنين في بطون الأودية ولا يملكون مستندات شرعية وأوضاعهم المادية غير طيبة وليس في مقدورهم البناء والتشييد والحل في نظر المواطنين هو انشاء مجمعات سكنية خيرية. وطبقا للمعلومات المتوافرة هناك توجه لمنع البناء في المواقع المتداخلة مع مجاري الأودية وبطونها حتى لو كان صاحبها يملك صكا شرعيا. وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية أصدرت تعميما لكافة الأمانات والبلديات تؤكد فيه على ضرورة معالجة مشكلات السيول ووجوب المحافظة على مجاري الأودية ومحارمها من خلال تحويل مسار الشعاب عن المواقع الآهلة بالسكان من بداية مجراها لتكون في مسار آخر يقي الساكنين من مخاطر السيول.
ويأتي صدور التعميم في إطار خطة الوزارة الهادفة إلى المحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم من خلال قيام الأمانات والبلديات بتطبيق الإجراءات ومنها ضرورة التقيد بمقتضى الأوامر السامية والتعليمات الصادرة بمعالجة مشكلات السيول التي تهدد المناطق العمرانية، ووضع الحلول الممكنة لدرء مخاطرها، وجوب المحافظة على مجاري الأودية وتشديد الرقابة المستمرة والتنسيق مع الجهات المختصة لإزالة أي اعتداء، والامتناع عن إصدار أي فسح بالتصرف أو تصريح بالبناء علي أي موقع يبين وقوعه في مسار أودية وشعاب لا يمكن تحويل مساراتها ولا تصريف سيولها. وفي حال وجود صكوك شرعية على مثل تلك المواقع يعالج أمرها.

الدفاع المدني ينفي
مدير الدفاع المدني في منطقة جازان اللواء حسن بن علي القفيلي قال بأن التعليمات واضحة وصريحة وتمنع الإقامة في بطون الأودية، وأن من تنزع أملاكه من مناطق كهذه ويملك صكا شرعيا يتم تعويضه وفقا للأنظمة المتبعة أما الحالات الأخرى التي لا تملك صكوكا شرعية فيتم عرض أمرهم عن طريق المحافظات والأمانات والبلديات لوضع آلية لتعويضهم. وفيما يتعلق بوجود مساكن في بطون الأودية في منطقة جازان قال اللواء القفيلي، إنه لا توجد مساكن في بطون الأودية.
وأشار إلى أن سد وادي بيش عمل على حل كثير من مشاكل السيول التي كانت تهدد القرى. وأبان أنه بناء على التوجيهات فقد تم إيقاف مشروع درء مخاطر السيول في محافظة صبيا لأن تنفيذه كان سيشكل خطرا على قرى جنوب صبيا. وتعاد الآن دراسة المشروع لإيجاد حلول بديلة تجنب المحافظة وقراها مخاطر السيول. واضاف أنه صدر قرار في وقت سابق بتشكيل لجنة للوقوف على الأودية ورفع تقرير مفصل عنها مؤكدا حرص الدفاع المدني على عدم تحويل مسار الأودية حتى لا يسبب ذلك خطرا على الأرواح. وتابع «أعددنا تقارير في هذا الخصوص نظرا لوجود منطقة الظبيا في منخفض، وتحويل مجرى وادي صبيا سيشكل ضغطا على وادي الظبيا ولذا يجب إزالة التعديات، وعدم تحويل مجاري السيول إلى غير مسارها الطبيعي».
وأوضح مدير الدفاع المدني في منطقة جازان اللواء حسن بن علي القفيلي عقب جولة ميدانية على أودية المنطقة أنه ورد لغرفة القيادة والسيطرة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تحذيرات عن ظهور تشكيلات من السحب المتوسطة المنخفضة تتخللها سحب رعدية ممطرة تسبق برياح نشطة تحد من مدى الرؤية الأفقية، مشيرا إلى انه تم إبلاغ إدارات ومراكز الدفاع المدني بالمنطقة بأخذ كافة التجهيزات كما تم إبلاغ دوريات السلامة لمتابعة الأودية وتنبيه الناس من مخاطر السيول وعدم الدخول اليها مشددا بعدم الاقتراب من الأودية والتجمعات المائية.

منتزه وحديقة في الوادي
عدد من أهالي الظبية في محافظة صبيا عبروا عن قلقهم من أن تتسبب مياه سيول وادي صبيا إلى زيادة الضغط على مجرى واديهم ما يسبب أضرارا على الأراضي الزراعية والمساكن. وأضافوا أن عددا من المدارس الحكومية تقع على ضفاف الوادي من الجهة الجنوبية، يفصلها حزام دائري وضعت فيه البلدية جسور حماية. كما أشاروا إلى أن البلدية أزالت عقما ترابيا يصد المياه عن قرية الظبيا، وأرست مشروع طريق قريبا من إحدى القرى تقع على ظهر الوادي من الجهة الشمالية إلى الجهة الجنوبية لقرية المعترض والظبيا، ما يؤدي إلى اعتراض طريق المياه.
كما أن بلدية صبيا أنشأت موقعا ترفيهيا وحديقة على حافة وادي صبيا كما تم إنشاء مبانٍ ومحال تجارية وسكنية في الوادي.