مناهج القضاء

عيسى الحليان

رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها معالي وزير العدل لتحديث منظومة القضاء العام وإخراجها من شرنقة القضاء الاستثنائي التي وقعت في شرنقته بعد أن نابت عنه اللجان القضائية والتجارية والمصرفية في الفصل في قضايا الساعة، وبعد أن اضطر ديوان المظالم أن يغطي القضاء التجاري الذي يفترض أن يكون جزءا من القضاء العام، وبعد أن تواصى أصحاب العقود التجارية والمالية على اللجوء إلى التحكيم الدولي تجنبا للمثول أمام القضاء العام، أقول رغم كل هذه الجهود الكبيرة والمخلصة التي تحاول بناء نظام قضائي يحقق السيادة القضائية ومسايرة العصر، إلا أن ثمة مساحات كبيرة سوف تظل شاغرة لتباعد حلقات هذه المؤسسة القضائية وعدم تساوق وتماسك الأنظمة مع بعضها البعض ولعدم قدرة الأجهزة القضائية بكوادرها الحالية على استيعاب هذه التطورات تبعا للتأهيل غير الكافي أو لأسباب أخرى غير ذلك.
ورغم أن جهود الوزارة تنصب حاليا ــ وعلى أكثر من مسار ــ على الجوانب الهيكلية والتنظيمية فإن ما يهمنا حاليا هو الجانب المسكوت عليه والذي يشكل جوهر القضاء وهو مناهج القضاء العام والمتخصص.
في كل الأنظمة القضائية حول العالم فإن القاضي بثقافته القضائية و «كاريزما» القضاء وهيبته الشخصية هو انعكاس للمؤسسة التعليمية القضائية التي يتخرج منها.
لم أصدق عندما قرأت قبل فترة مقالا للمحامي أحمد السديري يقول فيه إن مناهج المعهد العالي للقضاء لم تتغير منذ تأسيسه لخمسين عاما خلت!!.
عليك أن تتصور حجم المتغيرات التي حصلت في إجراءات التقاضي أو أصول المحاكمات (نظام المرافعات) أو القانون التجاري أو العقود والمعاملات (البيع الإيجاري، بيع التقسيط، عقود التأمين.. إلخ)، أو الجرائم والجنايات.
لماذا جامعة واحدة.. ومعهد قضائي واحد؟.