دموع نادي النصر وممانعة المجتمع

عبدالله عبيان

لفت انتباهي، أمس، مقطع مصور لطفلة لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات، وهي تغرق في نوبة من البكاء الهستيري، وكان والدها الذي تولى مهمة تصويرها بـ«جواله» يسألها باستغراب: «ليش تبكين؟»، ويردف بسؤال آخر: «هل ضربك أخوك؟»، وكانت في كل مرة لا تستطيع الإجابة من شدة البكاء، وتكتفي بهز رأسها يمنة ويسرة، في حركة تؤكد إجابتها بـ«لا».
دموع تلك الطفلة الصغيرة التي غمرت وجهها، وفضولي لمعرفة السبب، كانا كفيلين بمواصلتي المشاهدة حتى نهاية المقطع الذي انتهى بإجابة لم تكن في الحسبان، حيث حاولت الطفلة تمالك نفسها أمام أسئلة والدها الملحة عن السبب، لتجيب بحروف متقطعة: «النصر». لم استوعب تلك الإجابة، ولكن تساؤل والدها أسهم في توضيح السبب، حيث سألها مرة أخرى: «ليه.. إيش فيه نادي النصر؟»، لتجيب بحرقة والدموع تواصل الانهمار على وجنتيها «انهزم من الأهلي»، حاول الأب امتصاص غضب طفلته الصغيرة ، فيما كنت أغرق في العديد من التساؤلات حول تشجيع الفتيات للأندية، وحقوقهن في ممارسة الرياضة.
أدركت بأن تلك الطفلة الصغيرة التي تفاعلت بحرقة مع ناديها المفضل، سوف تعاني في المستقبل حرقة أشد، عندما تكتشف بأنها في مجتمع ممانع، تعلو فيه الكثير من الأصوات الناشزة، التي ترى بأن ممارسة المرأة للرياضة حرام، وتعتبر أن الرياضة البدنية في مدارس البنات تربو مفاسدها على ما فيها من المصلحة، زاعمين أنها تحطم الحياء لدى الفتيات، بل إن بعض تلك الأصوات المتشددة تقول بأن مجرد تشجيع الأندية الرياضية سواء للفتيات أو الشبان يعد شرا مستطيرا؛ لأنه من اللهو الذي يشغل الإنسان عن الواجبات، وبعضهم كان أكثر تشددا حينما اعتبر تشجيع الأندية الأوربية حراما؛ لأن في ذلك موالاة للكفار، ولا شك أن تلك النماذج تؤكد أن مجتمعنا يحتاج لمراجعة أفكاره وتصحيحها، لتتواءم مع ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه، كما أن تلك الأصوات الإقصائية يجب أن تعلم بأن الفتيات بأمس الحاجة للرياضة صحيا وبدنيا وذهنيا، فضلا عن دور الرياضة في صناعة الثقة بالنفس وتحقيق المقولة الخالدة «العقل السليم في الجسم السليم».


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 406 مسافة ثم الرسالة