من الواضح أن الطريق أصبح ممهدا ومفتوحا لنواز شريف لتشكيل الحكومة الجديدة بعد فوز حزبه الكاسح بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي عقدت السبت الماضي. لكن هذا يعني بالضرورة أن مهمة حكومة شريف المقبلة لن تكون سهلة على الإطلاق لأنه سيواجه تحديات عصيبة اقتصادية وأمنية وسياسية داخلية وخارجية حيث إنه سيرث تركة ثقيلة من حزب الشعب الباكستاني الذي حكم باكستان في الخمسة السنوات الماضية ولقي هزيمة ثقيلة جدا في انتخابات السبت الماضي حيث رفض الناخبون إعطاء أصواتهم للحزب في معظم الأقاليم ماعدا في السند التي تعتبر معقله السياسي.
ومن المؤكد أن نواز شريف (63 عاما) الذي رأس الحكومة مرتين في تسعينيات القرن العشرين سيستفيد ليس فقط من الأخطاء التي وقعت فيها حكومته السابقة بل من الأخطاء الجسيمة التي وقعت من الحكومة السابقة لحزب الشعب الباكستاني والذي ذاق طعم هزيمة مرة في انتخابات السبت الماضي.
ومن أهم التحديات التي سيواجهها شريف هي كيفية إنعاش الوضع الاقتصادي المتهالك والذي يعيش في حالة موت سريري ويحتاج لمعجزة لإنعاشه. كما أن الملف الأمني سيكون تحديا خطيرا على ضوء ما شهدته باكستان خلال الحقبة الماضية من تفجيرات إرهابية والاضطرابات في المناطق القبلية المتاخمة لأفغانستان وفي بلوشستان وغيرها، وكذلك على صعيد العلاقة المعقدة مع الولايات المتحدة التي شهدت تدهورا كبيرا في المرحلة الماضية مع قرب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
وشريف الذي يوصف بالمحافظ ويوصف بالإصلاحي قد اكتسب الخبرة الكافية حين رأس حكومتين في التسعينيات يمكن أن تساعده في مواجهة هذه التحديات بحنكة وحكمة.
وعلى غرار حزب الرابطة الإسلامية، سيواجه حزب خان، الذي انهزم في الانتخابات البرلمانية وتمكن فقط من الفوز في الانتخابات المحلية في إقليم بختون خوا القبلي، تحديا كبيرا يتمثل في إعادة الأمن في الإقليم الأكثر اضطرابا على ضوء التأثير القوي لحركة طالبان التي مازالت تحظى به خاصة في منطقة وزيرستان التي تعتبر معقلا لها.
عموما، إن نتيجة الانتخابات التي جرت مؤخرا يمكن أن تبعث الأمل في انتهاء سيطرة الأحزاب المتهمة بالفساد لتبدأ مرحلة دولة القانون وسيادة الدستور وهذا ما قاله لي السيد شريف في أول حوار أجريته معه بعد فوزه. ومن المؤكد أن انتخابات 11 مايو والتي وصفت بالتاريخية حققت انتقالا ديمقراطيا للسلطة للمرة الأولى. نأمل لباكستان الجديد النجاح والتوفيق.