من أين يأتي الوعي ؟

احمد عائل فقيهي

كيف يتنامى الوعي في المجتمع.. وكيف يمكن أن يتسع ويتأسس، بل كيف يمكن لهذا الوعي أن يساهم في صياغة عقول الناس والذهنية العامة للمجتمع؟ ولكن قبل الإجابة على هذه الأسئلة، ماذا نقصد أولا بالوعي، ذلك أن هناك وعيا عاما وشاملا تلعب فيه المؤسسات العلمية والثقافية والجامعات ومراكز البحث دورا عظيما ومضيئا في خلق بيئة علمية وثقافية ومعرفية تقوم على الأسئلة الجادة التي تتعلق بقضية وراهن الإنسان وراهن الوطن ومستقبله، وجعل الجماهير الغفيرة داخل المجتمع تملك الوعي المضيء والخلاق، بعيدا عن الإعلام الرسمي والخطاب الرسمي.. هذا الوعي الحقيقي الذي يجعل العقول تعرف كيف تفكر وكيف تتساءل.. لا كيف تبرمج وتتلقى المعلومات دون أن تسأل وتعرف كيف وعن ماذا تسأل؟ الوعي قد يأتي من كلمة، من معلومة، من إضاءة صغيرة تفتح لك أفقا على فضاء المعرفة.. والحياة. ولكن لا يمكن أن يتنامى الوعي ويكبر ويتسع ويتأسس إلا إذا كانت هناك قابلية كمجتمع يحاول أن يخرج من الخطاب الوعظي، سواء جاء هذا الخطاب من داعية أو قناة أو وسيلة إعلامية أو تربوية.. ذلك أن الخطاب التلقيني الوعظي والمباشر لا يمكنه أن يؤسس لوعي حقيقي للإنسان. أكان وعيا سياسيا أم فلسفيا أو علميا أو أي وعي آخر. إن الوعي الحقيقي يأتي خارج الخطاب الديني الوعظي أو الخطاب الإعلامي أو الخطاب التربوي التلقيني، ذلك أن العقول الكبيرة هي دائما ضد التلقين ومع ثقافة الأسئلة والخروج من نمطية التفكير يأتي هذا التفكير بالمسطرة. التفكير لحظة خلاقة للعقل الإنساني، كما هي لحظة الإبداع العظيم، إنها لحظة ولادة ومخاض عن رؤية جديدة وإبداع جديد.
هل يأتي الوعي من كثرة القراءة من الكتب، أم من واقع عذابات الناس واحتراقاتهم، من الماضي، من الحاضر والمستقبل، من الوعي بالماضي، أم الوعي بالحاضر والمستقبل. ليس كل وعي هو وعيا حقيقيا.. الوعي أن تعرف وتدرك وتسأل وتقرأ ما وراء السطور والأشياء، والتفكير في اللامفكر فيه، كما يعبّر المفكر الراحل محمد أركون.
كل إنسان يفكر، ولكن كيف يفكر وفيم يفكر، وكل إنسان لديه وعي، ولكن ما هو هذا الوعي، وما هو سقف هذا الوعي أيضا، وإلى أين يصل.. وإلى أي مدى، وما هي الحدود التي يمكن أن يصل لها ويقف عندها. أتساءل مرة أخرى: من أين يأتي الوعي؟.

a_faqehi@hotmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548
الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701
زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة