ليت مرآتنا حجر
الأربعاء / 19 / رجب / 1434 هـ الأربعاء 29 مايو 2013 00:20
عبدالرحمن العكيمي
بين فترة وأخرى تجتاح النفس خلجات وتأملات، بعضها تجيء بمساحة من الفرح، والأخرى تجيء بمساحات من الوجع الطويل.. وفي زمن التحولات والنهايات وزمن الحيرة والفتن وزمن الموت والتناقضات وزمن الأسئلة (المعتلة الآخر) تلك التي تستعصي على الإجابات وتظل معلقة إلى أن يشاء الله.. وحين أقول زمن الموت؛ لأن آلة القتل أصبحت أكثر دموية على الأرض العربية صرنا نشاهده، ونعيشه، ويسكننا الوجع والحزن بفعل المد الرقمي الذي ينثال إلينا من كل حدب وصوب.. بكل هذه المؤثرات يجب علينا أن نتهيأ لكل الاحتمالات.. ففهم طبيعة الأشياء وقراءة هذا الأوان تبدو غير متاحة بالشكل الكافي، سواء على مستوى الأسئلة الكبيرة، وحتى على مستوى تلك الأسئلة اليومية البليدة والتي تبدو مهملة..
في العصر الجاهلي عثر الشاعر تميم بن أبي بن مقبل على أمنية عريضة ساقها إليه السؤال؛ السؤال بوصفه حالة وجودية قلقة، وهو الشاعر المخضرم الذي أدرك الإسلام يقول:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
وللشاعر أن يسوق الأمنيات وهي التي جاءت نتاج تجربة إنسانية.. وحيث يقتطف شاعر حداثي كالشاعر الفلسطيني محمود درويش ــ يرحمه الله ــ تلك الأمنية المسكونة بالسؤال ليعيد إنتاج أمنية الشاعر الجاهلي، ولكن برؤيته الخاصة.. يقول:
أكلما نور اللوز اشتعلت به
وكلما احترقا
كنت الدخان ومنديلا
تمزقني ريح الشمال، ويمحو وجهي المطر؟
ليت الفتى حجر
ويبدو التداخل النصي جليا، خصوصا في اللفظ والمعنى في الأمنية/ السؤال (ليت ــ الفتى حجر) رغم اختلاف بناء القصيدة عند تميم بن أبيّ بن مقبل وعند الشاعر محمود درويش.. إلا أن الرابط في تلك الجزئية كان وثيق الصلة..
وقد رافق مصطلح (الحجر) محمود درويش في قصائد أخرى.. حيث يبدو تأثره بأمنية الشاعر الجاهلي ليأتي أكثر دهشة، وهو الذي يقول:
خبئيني. أتى القمر!
ليت مرآتنا حجر
وحيث الجملة الشعرية المبدوءة بأداة التمني (ليت مرآتنا حجر) تصبح المرآة إشارة كشف تخلق دلالة جديدة تعبر من خلالها الفجائع.. ليحلم بالمرآة الحجر، أما القمر فيتحول هنا من رمز للجمال المضيء إلى رمز للخوف..
والعلاقة بين الفتى والحجر علاقة كشف مثخنة بالأمنيات والخروج من واقع العيش وآلامه إلى واقع آخر..
واليوم ونحن نتعايش مع واقع المتناقضات وسقوط الحجب.. صرنا نتمنى ونحلم بأن بعدم رؤية الأشياء بوضوح نريد أن تمضي بنا الحياة ورحلتها دون أن نكتشف حقيقة الأشياء، فحين يداهمها الكشف تبدو أمامنا مفجعة وقبيحة ومروعة..
ورقة أخيرة:
الأشجار المورقة لا تخون الظلال
قال لي: لا تراهن على أحد
في العصر الجاهلي عثر الشاعر تميم بن أبي بن مقبل على أمنية عريضة ساقها إليه السؤال؛ السؤال بوصفه حالة وجودية قلقة، وهو الشاعر المخضرم الذي أدرك الإسلام يقول:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
وللشاعر أن يسوق الأمنيات وهي التي جاءت نتاج تجربة إنسانية.. وحيث يقتطف شاعر حداثي كالشاعر الفلسطيني محمود درويش ــ يرحمه الله ــ تلك الأمنية المسكونة بالسؤال ليعيد إنتاج أمنية الشاعر الجاهلي، ولكن برؤيته الخاصة.. يقول:
أكلما نور اللوز اشتعلت به
وكلما احترقا
كنت الدخان ومنديلا
تمزقني ريح الشمال، ويمحو وجهي المطر؟
ليت الفتى حجر
ويبدو التداخل النصي جليا، خصوصا في اللفظ والمعنى في الأمنية/ السؤال (ليت ــ الفتى حجر) رغم اختلاف بناء القصيدة عند تميم بن أبيّ بن مقبل وعند الشاعر محمود درويش.. إلا أن الرابط في تلك الجزئية كان وثيق الصلة..
وقد رافق مصطلح (الحجر) محمود درويش في قصائد أخرى.. حيث يبدو تأثره بأمنية الشاعر الجاهلي ليأتي أكثر دهشة، وهو الذي يقول:
خبئيني. أتى القمر!
ليت مرآتنا حجر
وحيث الجملة الشعرية المبدوءة بأداة التمني (ليت مرآتنا حجر) تصبح المرآة إشارة كشف تخلق دلالة جديدة تعبر من خلالها الفجائع.. ليحلم بالمرآة الحجر، أما القمر فيتحول هنا من رمز للجمال المضيء إلى رمز للخوف..
والعلاقة بين الفتى والحجر علاقة كشف مثخنة بالأمنيات والخروج من واقع العيش وآلامه إلى واقع آخر..
واليوم ونحن نتعايش مع واقع المتناقضات وسقوط الحجب.. صرنا نتمنى ونحلم بأن بعدم رؤية الأشياء بوضوح نريد أن تمضي بنا الحياة ورحلتها دون أن نكتشف حقيقة الأشياء، فحين يداهمها الكشف تبدو أمامنا مفجعة وقبيحة ومروعة..
ورقة أخيرة:
الأشجار المورقة لا تخون الظلال
قال لي: لا تراهن على أحد