مبتعثون تحت طائلة القانون

منصور الطبيقي

قد يكون من أسوأ ما يواجه المرء في حياته أن تتحطم أحلامه وطموحاته فجأة وفي لحظات يغيب فيها العقل والوعي والإيمان، هذا ما حصل مع المتهمين بمحاولة اغتصاب فتاة أمريكية قبل أيام قليلة وقبلها قصص أخرى مماثلة لسعوديين يقبعون في دهاليز سجون أمريكية منتظرين محاكمات قد تطول وسجنا قد يصل لعشرات السنين، هل السعوديون بالفعل مستهدفون كما يروج البعض لما تسمع عنه الفتيات الغربيات من ثراء فاحش لهم وآبار البترول التي يتدفق منها النفط ليلا ونهارا أمام بيوتهم، ومحاولة توريطهم في قضايا جنائية قد يتحصلون فيها على تعويض كبير، هل سائق التاكسي الذي بلغ عن الشابين لدى رؤيته لهما يسحبان الفتاة الثملة كالعنزة إلى الشقة، كان سيبلغ عنهما لو أنهما أمريكيان أبيضان أو حتى أسودان أو من أمريكا الجنوبية!، في نظري لم تكن سوف تتعقد الأمور لو أن الشابين لم تكن ملامحهما عربية، ولم يتكلما مع بعضهما بالعربية أو ربما قد يكونان أجابا بسذاجة عند سؤالهما من أين أنتما وقالا بفخر «وي آر فروم سأودي أرابيا» ، أنا لا أبرر فعلتهما وهما لا يمثلان المبتعثين السعوديين الجادين الذين نباهي بهم، ونعرف أن الكثير من هذه الحوادث الحقيرة تحدث هناك وبشكل يومي من جنسيات عدة ولا يبلغ عنها خوفا من الفضيحة والمشاكلات، ولكن أمريكا مستنفرة الآن ضد الإرهاب بعد حادثة بوسطن التي كتبت عنها مقالا سابقا بعكاظ وعنونته (هل مكتوب على جباهنا إرهابيون!)، نعم نحن مستهدفون، بسبب قلة قليلة إرهابية وغير محترمة أذهبت بهجة الحياة علينا وأضحت أمورنا معقدة بسببهم في سفرنا وإقامتنا ومعاملاتنا. أخبرني صديق بريطاني مسلم أبيض عندما كنت أتجاذب معه أطراف الحديث ذات يوم وسألته عن ماذا تعتقد الفتاة البيضاء عن العربي وبشكل خاص السعودي، فقال لي بصراحة أنا لا أريد أن أكون معك عنصريا أو وقحا، ولكن كي أصدقك القول الفتاة الغربية تقسم الرجال عندنا إلى عدة أقسام من ناحية الإعجاب والهوى، القسم الأول وفي أعلى القائمة هم الأوروبيون والأمريكيون البيض، يليهم الأمريكيون والأوروبيون من أصل أفريقي، ثم الأوروبيون من أوروبا الشرقية كبولندا والتشيك والرجال من أمريكا الجنوبية، ويأتي في ذيل القائمة العرب والآسيويون مثل الهنود وغيرهم. وقال لي يا أخي هم يعتبرون العرب والآسيويين ملونين وغير جذابين. الشاهد بعد هذه الحادثة السابقة قرأت في صحف أمريكية وصفا للسعوديين الذين تم القبض عليهم بالبشعين خلقة، فتذكرت وصدقت على الفور كلام صديقي.
هذه الحوادث يجب أن تكون عبرة لمبتعثينا، ومن يذهب لأماكن الريبة والفساد ويفعل المنكرات ويتعاطى المحرمات فعليه أن يتوقع الأسوأ وينطبق عليه المثل العربي جنت على نفسها براقش، ولا يعتقد من ينجو من عواقب أفعاله عدة مرات، أنها من حذاقة وبراعة وفطنة ولكن الله يمهل ولا يهمل، والمبتعث الذي صرفت الدولة عليه وعلى مرافقيه مئات الآلاف من الريالات هو سفير نفسه ودينه وسمعته وسفير وطنه، ومن يفكر أن أعين الملحقية السعودية بعيدة عنه وعن تصرفاته، فعين الله العليم البصير لا تغفو ولا تنام.


tobagi@hotmail.com