الطلاق وثقافة الاستعلاء
الأحد / 30 / رجب / 1434 هـ الاحد 09 يونيو 2013 21:20
حسن النعمي
تداول البعض مقطع فيديو من أحد برامج الأطفال الشهيرة على شكل محاورة مع طفل ربما في العاشرة من عمره، وكان جل الأسئلة على سبيل الدعابة عن كيفية تعامله مع زوجته في المستقبل. للأسف الإجابات التي تم تداولها على أنها مادة فكاهية تنطوي على وعي زائف تربى عليه هذا الطفل، وأخطر ما في هذا الوعي هو موقفه المستعلي على زوجة المستقبل، بل اعتبارها مجرد شيء، لراحته، يكمل به حياته. هذا الموقف المبكي يتجسد بمرارة في واقع العلاقات الزوجية في السنوات الأخيرة التي ينتهي الكثير منها بالطلاق لأسباب مختلفة، لكن من أهمها هو موقف الشباب الاستعلائي ونظرتهم تجاه زوجاتهم.
والمتأمل في الشأن الاجتماعي يلحظ بوضوح تزايد نسب الطلاق بين حديثي الزواج في السنوات الأخيرة حتى بات الأمر مقلقا. ولم يعد الأمر مجرد مشكلة، بل تحول إلى ظاهرة تستدعي التفكر فيها، وضرورة تبني حلول مبتكرة للتقليل من حالات وقوع الطلاق، لكن ليس قبل فهم هذا التحول في ظهور هذه النسب المتزايدة.
ذكر كثير من المختصين العديد من أسباب انتشار ظاهرة الطلاق، منها عدم استعداد الزوجين لتحمل المسؤولية، ونشوء نزاعات بسبب الفوارق الاجتماعية بين الزوجين، وصعوبة الحالة المادية للأسرة. وهي أسباب تبدو جوهرية، بحيث لا يمكن استبعادها عند دراسة هذه الظاهرة المؤرقة.
غير أن هذه الظاهرة عميقة وخطيرة وتحتاج إلى فهم أعمق. فإذا كانت أكثر حالات الطلاق تتم عبر مبادرة الرجل بالطلاق، وليس عن طريق الخلع الذي تحصل عليه المرأة من خلال التقاضي، فالأمر في هذه الحال يستدعي التساؤل عن مسؤولية الرجال في تزايد نسب الطلاق.
مايزال كثير من شبابنا يعيش بفهم ضيق لمبدأ القوامة التي يراها مسألة همينة وسيطرة لا يسمح معها بأي صوت آخر سوى صوته. القوامة، في حقيقتها، مسؤولية وتضحية وفروسية، وليست هيمنة. القوامة تكليف وزيادة أعباء وليست وسيلة لحجب حضور الزوجة بالرأي والمشورة في شؤون البيت والأطفال.
لم يلحظ الكثير من شبابنا تغير مسار المرأة في مجتمعنا، حظيت بالتعليم، استوعبت ذاتها، وحضرت في سياق مجتمعها من معلمة إلى سيدة أعمال إلى مسؤولة في الدولة. خرجت المرأة ترى نفسها ندا للرجل بعلمها ووعيها بحقوها واعتدادها بذاتها. في المقابل مازال كثير من الشباب يعيش بذهنية الأمس، ذهنية الرجل الذي تحتاجه المرأة ليسير بها في دروب الحياة، المرأة التي تبحث عن ظل رجل تستند إليه. لم يستوعب الرجل هذا المتغير من حوله، وعاش بسلبية النظرة القبلية التي تحجم حضور المرأة، رأى في تعليمها مجرد فك حرف لا يغنيها عن وجود الرجل.
كانت نقطة ضعف المرأة، فيما مضى، عدم وعيها بحقوقها، أما اليوم فهي تعي نفسها وحقوقها ودورها الذي يمكن أن تسهم به، وعليه لا تريد من الرجل أن يعيش معها أكبر من دور الشراكة وتقاسم المسؤولية، وأن قوامة الرجل أمر تكليف لا استعلاء. هذا الوعي الجديد للفتاة هو المتغير الأكبر الذي غاب عن كثير من منظري مشكلة الطلاق، الأسباب التي رصدوها مهمة لكنها خارجية، خارج مأساة المرأة مع مجتمعها. المرأة تواجه أزمة وعي بحقوقها من قبل المجتمع، حقوقها الإنسانية واعتبار وجودها المكافئ للرجل. المرأة لا تبحث عن هيمنة، بل تبحث عن تساوي الفرص، وتبادل الاحترام في شراكة بناء الأسرة..
مشكلة الرجل أنه قادم من بيئة الرأي الواحد، تعلم في أسرته، وفي قبيلته، وفي مجتمعه ثقافة الرأي الواحد. فهي ثقافة، بأمثالها وحكايتها وتجاربها، تعزز قناعة سيادة الرجل، وأن المرأة مجرد كائن لراحته. وماتزال هذه الثقافة هي السائدة بين كثير من الشباب الذين يبدأون حياتهم الزوجية بهذه الاعتبارات التي تكون غالبا سببا في أزمته الأسرية. فالتصادم بين واقع الحياة الجديدة والقناعات المسبقة تؤدي لعدم القدرة على التكيف، فما تشربه ثقافيا رأى عسكه في حياته الزوجية الجديدة، رأى امرأة واعية تبحث عن دور في بناء أسرتها، امرأة تطلب الحوار بدلا من الصوت الواحد في البيت، امرأة تطلب الإنصات لرأيها باحترام الأنداد، لا مجرد امرأة ترى مصير قولها التجاهل.
والمتأمل في الشأن الاجتماعي يلحظ بوضوح تزايد نسب الطلاق بين حديثي الزواج في السنوات الأخيرة حتى بات الأمر مقلقا. ولم يعد الأمر مجرد مشكلة، بل تحول إلى ظاهرة تستدعي التفكر فيها، وضرورة تبني حلول مبتكرة للتقليل من حالات وقوع الطلاق، لكن ليس قبل فهم هذا التحول في ظهور هذه النسب المتزايدة.
ذكر كثير من المختصين العديد من أسباب انتشار ظاهرة الطلاق، منها عدم استعداد الزوجين لتحمل المسؤولية، ونشوء نزاعات بسبب الفوارق الاجتماعية بين الزوجين، وصعوبة الحالة المادية للأسرة. وهي أسباب تبدو جوهرية، بحيث لا يمكن استبعادها عند دراسة هذه الظاهرة المؤرقة.
غير أن هذه الظاهرة عميقة وخطيرة وتحتاج إلى فهم أعمق. فإذا كانت أكثر حالات الطلاق تتم عبر مبادرة الرجل بالطلاق، وليس عن طريق الخلع الذي تحصل عليه المرأة من خلال التقاضي، فالأمر في هذه الحال يستدعي التساؤل عن مسؤولية الرجال في تزايد نسب الطلاق.
مايزال كثير من شبابنا يعيش بفهم ضيق لمبدأ القوامة التي يراها مسألة همينة وسيطرة لا يسمح معها بأي صوت آخر سوى صوته. القوامة، في حقيقتها، مسؤولية وتضحية وفروسية، وليست هيمنة. القوامة تكليف وزيادة أعباء وليست وسيلة لحجب حضور الزوجة بالرأي والمشورة في شؤون البيت والأطفال.
لم يلحظ الكثير من شبابنا تغير مسار المرأة في مجتمعنا، حظيت بالتعليم، استوعبت ذاتها، وحضرت في سياق مجتمعها من معلمة إلى سيدة أعمال إلى مسؤولة في الدولة. خرجت المرأة ترى نفسها ندا للرجل بعلمها ووعيها بحقوها واعتدادها بذاتها. في المقابل مازال كثير من الشباب يعيش بذهنية الأمس، ذهنية الرجل الذي تحتاجه المرأة ليسير بها في دروب الحياة، المرأة التي تبحث عن ظل رجل تستند إليه. لم يستوعب الرجل هذا المتغير من حوله، وعاش بسلبية النظرة القبلية التي تحجم حضور المرأة، رأى في تعليمها مجرد فك حرف لا يغنيها عن وجود الرجل.
كانت نقطة ضعف المرأة، فيما مضى، عدم وعيها بحقوقها، أما اليوم فهي تعي نفسها وحقوقها ودورها الذي يمكن أن تسهم به، وعليه لا تريد من الرجل أن يعيش معها أكبر من دور الشراكة وتقاسم المسؤولية، وأن قوامة الرجل أمر تكليف لا استعلاء. هذا الوعي الجديد للفتاة هو المتغير الأكبر الذي غاب عن كثير من منظري مشكلة الطلاق، الأسباب التي رصدوها مهمة لكنها خارجية، خارج مأساة المرأة مع مجتمعها. المرأة تواجه أزمة وعي بحقوقها من قبل المجتمع، حقوقها الإنسانية واعتبار وجودها المكافئ للرجل. المرأة لا تبحث عن هيمنة، بل تبحث عن تساوي الفرص، وتبادل الاحترام في شراكة بناء الأسرة..
مشكلة الرجل أنه قادم من بيئة الرأي الواحد، تعلم في أسرته، وفي قبيلته، وفي مجتمعه ثقافة الرأي الواحد. فهي ثقافة، بأمثالها وحكايتها وتجاربها، تعزز قناعة سيادة الرجل، وأن المرأة مجرد كائن لراحته. وماتزال هذه الثقافة هي السائدة بين كثير من الشباب الذين يبدأون حياتهم الزوجية بهذه الاعتبارات التي تكون غالبا سببا في أزمته الأسرية. فالتصادم بين واقع الحياة الجديدة والقناعات المسبقة تؤدي لعدم القدرة على التكيف، فما تشربه ثقافيا رأى عسكه في حياته الزوجية الجديدة، رأى امرأة واعية تبحث عن دور في بناء أسرتها، امرأة تطلب الحوار بدلا من الصوت الواحد في البيت، امرأة تطلب الإنصات لرأيها باحترام الأنداد، لا مجرد امرأة ترى مصير قولها التجاهل.