الكسب السريع

توفيق حسن جوهرجي

«اسمح لي أن أقدم نفسي إليك. أنا (...) ابن (...) الذي كان حاكما لولاية (...) في دولة (...) وقد اغتيل في عملية إبادة في هذه الدولة، وترك لي ثروة تقدر بحوالى عشرين مليون دولار مودعة في البنك وأريد أن أحولها إلى دولة أخرى لأنني أشعر أن حياتي في بلدي أصبحت مهددة بعد الصراعات المتكررة التي تحدث فيها. ونظرا لحاجتي الماسة إلى هذا المال الذي قد تصادره الحكومة في أي وقت أرجو أن تساعدني في تحويله إلى حسابك المصرفي في مقابل حصولك على نصف المبلغ الذي يتم تحويله...». كان هذا نص الرسالة التي وصلتني عن طريق البريد الإليكتروني.
أبلغني موظف في البنك أن رسائل كثيرة من هذا النوع تأتي من بلدان معينة تنتشر فيها الجرائم الإلكترونية، الهدف من الرسالة هو تقديم الإغراءات التي تسيل لعاب أحد الطامعين في الكسب السريع تمهيدا للحصول على البيانات الخاصة بحسابه في البنك. ثم يكتشف أن عملية التحويل قد تمت بالفعل لكنها سارت في الاتجاه المعاكس لأن المجرم يستخدم البيانات التي حصل عليها في تحويل رصيد الضحية بالطرق الإلكترونية. قلت للموظف: هذا خطأ من البنك أليس كذلك؟ قال الموظف مبتسما: بل هو خطأ صاحب الحساب الذي سلم اللص مفاتيح الدار. والعجيب أن بعض السذج يقعون فريسة سهلة لمثل هذه المحاولات.ثم بادرني بسؤال خبيث قائلاً: هل سمعت المثل القائل إن لكل نصاب مائة مفغل؟
أقرأ في صحف سعودية وخليجية تحذيرات متكررة من أمثال هذه الجرائم الإلكترونية، ومن أغرب ما قرأت أن الشرطة في دولة مجاورة تتسلم بلاغات تشكو من استخدام الإنترنت في نشر صور وأفلام فيديو مخلة لأطفال ورجال ونساء بقصد التشهير وإساءة السمعة والابتزاز أو الإجبار على الاشتراك في شبكات تمارس الدعارة، وهناك بلاغات عن توريد المخدرات وتكوين شبكات إرهابية للإيقاع بالشباب.
وهناك من الجرائم الإلكترونية ما يهدد الأمن العام لأنها تتعلق بأعمال الجاسوسية مثل التنصت والاطلاع على معلومات سرية، أو نشر الأفكار الهدامة وتغيير الأفكار ونشر الشائعات المغرضة وتدعيم السلوك العدواني.
ورغم كل ذلك يجب علينا تشجيع أبنائنا وبناتنا على تحقيق أقصى الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي لا غنى عنها في كافة مجالات حياتنا اليومية.