الطاعة وليس الكفاءة في الانتخابات الإيرانية

أنور ماجد عشقي

تقترب ساعة الانتخابات الإيرانية من 14 يونيو، وأخذت الصورة تتضح لمن يفوز في النهاية، ففي منتصف شهر مايو قرر مجلس صياغة الدستور برغبة من المرشد الأعلى حرمان رفسنجاني من الترشيح للانتخابات، بدعوى بلوغه من العمر عتيا، لكن السبب الحقيقي هو أن رفسنجاني عرف في الأوساط السياسية كناقد لاذع للمرشد الأعلى، ومنتقد صريح للأوضاع السائدة في إيران، كما أن دعم الإصلاحيين لترشحه أثار وساوس المرشد.
فالجميع يدرك أن دخول رفسنجاني للانتخابات سوف يكسبه الجولة، ووصوله إلى سدة الرئاسة سيغير المعادلة وسيحد من سلطة المرشد الأعلى، كما سيحول دون توسيع الجيش والاستخبارات الإيرانية من سيطرتها خارج الإطار العسكري، كما أنه تبين أن التكنوقراط والمثقفين والمفكرين يدعمون توجهاته مما يجعل الانتخابات استفتاء على قيادة خامئني، لهذا تصرف المرشد الأعلى بحنكة فأبعده من هذه الانتخابات دون أن تتلوث يده بذلك.
لقد وظف رفسنجاني هذا الحرمان إلى عطاء، فأتيحت له الفرصة أن يقول فيستمع له، لهذا اختار كلماته بعناية عندما قال: إنه لا ينبغي أن أتقدم بالترشيح، وقد قلت في اجتماعاتي الخاصة للذين ألحوا علي في ذلك إنني أعرف هؤلاء الناس أفضل من أي شيء آخر، فأنا لم أكن أريد النزول إلى ساحة الحملات الانتخابية لأن جهلهم يضايقني، إنهم لا يعلمون ما يفعلون، وحتى لو كانوا أعدائي فإن الحكمة تحتم عليهم أن يسمحوا لي بالترشيح، عندها ينالون من سمعتي لأني سوف أتحمل أخطاء من سبقني، كان ينبغي أن يسمحوا بالتصويت في الوقت الذي كان يغمر الناس الأمل، لا أطلب من الناس أن يستبدلوا اليأس بالأمل.. بل أن يلتزموا الهدوء، لم يتم حتى الآن تقديم حل لمشكلات البلاد، فالذين حرموني من الأهلية ليسوا في حاجة إلى التحدث عن أعداء من الخارج لأن المشاكل تأتي من الداخل، ولعل ما قاله رفسنجاني أفسد المناظرة بين المرشحين فانسحب أحدهم منها ولم يتمكن الباقون من تقديم برنامج سياسي.
لم يبق من المرشحين للرئاسة من له القدرة على إثاره حماسة الجمهور، لهذا فإن من المتوقع أن يقل الإقبال على الانتخابات، وهذا ما يمكن خامئني من توظيف الانتخابات لصالحه.