من العلمنة إلى الأخونة

احمد عائل فقيهي

ظل العالم العربي على مدى أكثر من خمسين عاما يبحث عن أيدولوجية فكرية وسياسية وفلسفية تتحول إلى غطاء للممارسات السياسية، والبحث ــ بالتالي ــ عن أدوار تصب في صالح هذه الأيدولوجية أو هذا الحزب، وصولا إلى سدة الحكم والسلطة؛ لذلك، ومن هذا المنطلق، عاش المجتمع العربي في وحل الأيدلوجيا ومستنقع السياسة، فلا الأولى جعلته يرتقي بمستوى المجتمع ويساهم في بناء عقلية الإنسان العربي، ولا الثانية أخرجته من دوائر التخلف والجهل والأمية وأسهمت في البناء والتنمية.
فمن الفكر البعثي والقومي والاجتماعي، إلى الفكر الماركسي واليساري، جرب العالم العربي كل الأيدولوجيات، ومما لا شك فيه أن هذه الأيدولوجيات خلقت وصاغت سجالا فكريا وثقافيا وسياسيا كبيرا وغنيا، وأسهمت في تعددية المشارب والتجارب وبروز نخبة في الوطن العربي عاشت في تجاذبات سياسية وأيدلوجية.
ثمة من يميل إلى الأفكار الليبرالية والعلمانية، وثمة من ينحاز إلى تيار الإسلام السياسي والانخراط في العمل السياسي الحزبي، وبالرغم من التحفظات على كل ذلك، تظل كل مجتمعات العالم بحاجة إلى تعددية المشارب والتجارب وإلى اختلاف الأفكار، ذلك أن التعددية ضرورة، والاختلاف مهم؛ من أجل أن تكون هناك قيمة للأفكار إذا تحول كل ذلك إلى تطبيق على الواقع ومعنى وإلى عمل ملموس.
اليوم طغت على السطح مصطلحات ومفردات الأخونة وغيرها من المصطلحات والمفردات.
كأن قدر العالم العربي أن يجرب طوال تاريخه كل الأفكار والأيدولوجيات، فمن العلمنة (نسبة إلى العلمانية)، إلى الأخونة (نسبة إلى الإخوان المسلمين) نحن أمام وضعية عربية فكرية وسياسية تدعو إلى التأمل والدراسة، وهو ما يجعل المتأمل والدارس أمام سؤال واحد وحيد: هل ساهمت كل الأيدولوجيات والأفكار في بناء مجتمع عربي جديد ومختلف وارتفعت به إلى مستويات متقدمة ومتحضرة، أم أنها ساهمت في ترديه وانحداره بسبب استثمارها واستغلالها للجماهير لتبرير وتمرير أجندة سياسية معينة.