متطلبات التحول إلى المجتمع المعرفي

عادل بترجي

من أهداف استراتيجية التحول إلى المجتمع المعرفي، تفعيل دور القطاع الخاص في تنفيذ برامج التدريب، وتحفيز الجامعات وقطاعات التدريب الأهلي والحكومي؛ للدخول في شراكة مع جامعات عالمية، تهدف إلى الحصول على برامج تدريب عالية الجودة، ومتقدمة التقنية؛ لترفع من المستوى الفني للمتدرب، وبذلك تكون هذه القطاعات محاضن للتدريب، الذي يحقق أهداف الاستراتيجية.
ومن الملاحظ أن التدريب الذي يستهدف الفرد، ويغفل عن المؤسسة، لا يحقق النتائج المرجوة كاملة. وتشير دراسات كثيرة تمت في محاولات لرفع مستوى المعلم أو الطالب، عن طريق التدريب الموجه نحو المتدرب فقط إلى أن ذلك النهج – وإن حقق بعض أهدافه – يظل أقل فاعلية بكثير من التدريب الموجه نحو المؤسسة ككل، فمن خلال التدريب الموجه نحو المدرسة ككتلة واحدة، يتم رفع مستوى جميع قطاعات المؤسسة التربوية، بدءا من الكوادر السفلية إلى القادة التربويين؛ مما يحقق نقلة نوعية كاملة، ويمكن من خلال هذا الأسلوب في التدريب، علاج قضية أخرى جوهرية، لها أثر بالغ في نوعية ومستوى المخرج التربوي في مدارس التعليم العام؛ تلك هي مشكلة شخصية المعلم.
لقد سبق أن أشرت إلى عدة مسببات رئيسة تؤثر سلبا في شخصية المعلم، وتجعله عرضة للانتقاص من المجتمع ككل، بمن في ذلك الطلاب. من أهم هذه العوامل: المستوى الثقافي، والخلفية الاجتماعية التي ينتمي إليها المعلم، والمستوى المعرفي والمهاري للمعلم الذي يواكب متطلبات العصر، والقيود التي تفرضها أنظمة وزارة التربية والتعليم على المعلم، والتي تحد من شخصيته وفاعليته في الصف. يمكن من خلال التدريب الموجه للمدرسة ككل، ليس فقط معالجة جوانب القصور في ما يتقنه المعلم وتوسعة مداركه الثقافية، وتصحيح المفاهيم الاجتماعية التي لا تناسب المجتمع الذي ينتمي إليه، بل يمكن كذلك غرس قيم تقدير المعلم في نفوس الطلاب، وأولياء الأمور، وتحويل مكانة المعلم من الملقن للمعلومة إلى المربي المتمكن، من توجيه طلابه نحو أساليب التعلم ومصادرها، والتمسك بالقيم الفاضلة وتطبيقها. ومن أساليب بناء شخصية المعلم إعطاؤه حرية أكبر في تنفيذ المنهج المقرر، فمن الملاحظ في تعليمات ونظم وزارة التربية والتعليم أنها تقيد المعلم؛ لاتباع طريقة محددة في تطبيق المنهج، تبدأ من وضع خطة أسبوعية للدروس المقررة، واتباع نمط موجه في توزيع الدرجات، وكذلك نمط محدد في وضع الاختبارات، ومستوى الصعوبة إلخ، فلو أن المعلم أعطي قدرا أكبر من الحرية في التخطيط والتنفيذ في تطبيق المنهج؛ لوجد مجالا واسعا للتجديد والابتكار، خصوصا بعد تأهيله لذلك.
لما كان الطالب هو المقصود بعملية التعلم، فإن استراتيجية التحول إلى المجتمع المعرفي توليه اهتماما يستحقه. من أهم عناصر المجتمع المعرفي، اكتساب أفراد المجتمع للمهارات المعينة على مواجهة تحديات ذلك المجتمع، ومع توفر اختبارات قياس التي تستخدم في تحديد مستوى الطلاب في نهاية المرحلة الثانوية، لتوجيه دخولهم إلى الجامعات المحلية، أو للابتعاث الخارجي، فإن هذه الاختبارات لا تقيس مستوى المتقدمين في هذه المهارات؛ لذا فإن إحدى التوصيات التي وضعتها الاستراتيجية، هي تطوير اختبارات قياس بإضافة بنود جديدة موجهة لقياس مستوى المتقدم في المهارات التي تساعد على التحول إلى المجتمع المعرفي، ليس هذا فحسب، بل كذلك تطوير اختبارات قياس المستوى التحصيلي للطالب، لتقيس التوجه نحو التعلم، ونحو المجتمع المعرفي، وتوسيع مجال اختبارات قياس، لتشمل طيفا أوسع من المعارف.
إن لمعرفة ميول الطلاب نحو التخصص، والمهن المستقبلية، دورا هاما في التحول إلى المجتمع المعرفي. ولذلك فإن الاستراتيجية تأخذ في الحسبان، إتاحة الفرصة للطلاب في بداية المرحلة الثانوية، لتطبيق قياس الميول نحو التخصص الجامعي، بحيث يتمكن الطلاب من التخطيط المبكر للمرحلة الجامعية في التخصصات التي تناسب ميولهم، وتتجه الاستراتيجية إلى وضع إطار لدخول الجامعات يأخذ في الاعتبار بدائل التطور المهني، ومتطلبات سوق العمل، وتوحيد أسلوب التعامل بين الجامعات المحلية مع مرشحات دخول الجامعة (نتائج المرحلة الثانوية – نتائج اختبارات قياس – نتائج اختبار القبول – المقابلة الشخصية).
للموضوع بقية.