المجتمـع .. بين نخبتيـن !!
الأحد / 21 / شعبان / 1434 هـ الاحد 30 يونيو 2013 20:18
حسن النعمي
المجتمع مكون بشري يستفيد من مكونات طبيعية وصناعية وإدارية ضمن إطار سياسي يضمن له وسائل العيش والتواصل ونشوء البنى الثقافية والتعليمية التي تساعده على التماسك. والمجتمع متغير في سياقاته الزمنية بشكل يعكس تطوره ووعيه وحاجته إلى أخذ زمام المبادرة دون وصية من أحد.
وفي حالة مجتمعنا فقد انتقل من حد الكفاية إلى حد الطفرة، حد الكفاية حيث كان المجتمع يعيش بموارد محدودة منها ما هو ذاتي وهو الأغلب، ومنها ما هو مستورد في حدود ضيقة. فمنذ تأسيس الدولة إلى منتصف السبعينات الميلادية والمجتمع قائم بنفسه.
في مرحلة ما قبل الطفرة الاقتصادية، لم يعش المجتمع صراعات ينقسم حولها المجتمع إلا في حالات ضيقة وفي المدن الكبيرة فقط، وقد كان صراع نخب أكثر من أن ينزل إلى عامة الناس. ولعل من مظاهر هذا الصراع تعليم الفتاه وإدخال الإذاعة والتلفزيون التي حسمتها الدولة مع ضوابط بدت مقنعة للنخبة الدينية.
غير أن الأمر بدا مختلفا في حقبة ما بعد الطفرة الاقتصادية، حيث تم جر المجتمع، وأقصد الفئات الاجتماعية المختلفة وخاصة فئة الشباب في مرحلة الثمانينات الميلادية مرة باسم الصحوة، ومرة باسم الجهاد في أفغانستان، وثالثة باسم الصراع حول القديم الثابت والجديد المتغير، أو ما عرف بالحرب على الحداثة. هنا تم جر المجتمع من هدوئه وسكينته لصراع النخب دون وعي منه إلا غيرة على الدين وحماية للثوابت، وتم تمييع مفهوم الثوابت حتى شملت كل شيء لم يكن موجودا في حياة الناس من قبل، فدخول التلفزيون، على سبيل المثال، ومن بعده الفضائيات في التسعينات عد هتكا لثوابت الدين. انحاز المجتمع بطبعه لدعوى المحافظة على الدين، وتم تضخيم الصراع مع الحداثة على أنه صراع من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية، مع أنه في الأصل صراع نخب لحسابات خاصة تصل إلى تأليب الناس وضخ دماء الكراهية بين أفراد المجتمع، وإحداث معسكرين مع وضد.
أصبح المجتمع مأسورا بين طرفين، أو نخبتين، دينية ولبرالية، النخبة الدينية تكفر وتتهم الطرف الآخر بالتغريب، والنخبة اللبرالية تتهم نقيضها باستغلال الدين لتبريـر هيمنتها على المجتمع. وأسهم الإعلام، إعلام الصحافة وشريط الكاست والمنابر المختلفة في استقطاب المجتمع الذي أخذ يتأرجح بين حاجته للحفاظ على هويته الدينية، وبين حاجته للأخذ بأسباب التمدن ومقتضيات العصر. هذا الصراع الشرس الذي ضرب المجتمع في أهم أبنيته، وهي بنية التماسك والتقارب جعل المجتمع حائرا بين دعاوى النخبتين.
وقد زادت حدة استقطاب المجتمع من خلال قضية قيادة المرأة للسيارة، وهي القضية الأسخن في سجالات النخبتين الدينية واللبرالية. وجر المجتمع لها منذ أوائل التسعينات بعد مظاهرة قيادة النساء للسيارة في الرياض. لحظتها أخذ الصراع ذروته، وأصدرت الفتاوى التي لم تستطع القول بالتحريم، ولكن تمت الاستعانة بمبررات اجتماعية لا دينية لإقناع المجتمع بعدم أهلية المرأة لقيادة السيارة. في المقابل صمتت النخبة الدينية عن خطر السائق الأجنبي، ولم تشكل حرمة الخلوة هاجسا لديها. كما لم تحسب الكلفة الاقتصادية على الأسر والمجتمع، وفي المقابل حسبت احتمالية الفتن المتوقعة من قيادة المرأة للسيارة. وجاء التغاضي عن السائق الأجنبي في سياق عدم رغبة النخبة الدينية في عقلنة القضية التي ترى أن الموافقة على قيادة المرأة للسيارة من شأنها أن تسجل انتصارا للنخبة اللبرالية التي لا يجب أن تهنأ بهذا الانتصار..
في خضم هذا الصراع ظل المجتمع غائبا عن قول كلمته، واختيار ما يريد لا ما تريد النخب. وفي تصريح لأحد المسؤولين أشار إلى أن قيادة المرأة للسيارة شأن اجتماعي، وهو تصريح يمثل تطورا، لكنه في حقيقة الأمر يمثل هروبا من المشكلة. فلو سلمنا بهذا الأمر فنحن نحتاج إلى آليات لتفعيل هذا التصريح بعيدا عن دعاوى النخب، لكي يقول المجتمع رأيه من خلال استفتاء يرتضيه المسؤول والمواطن للخروج من هيمنة النخب. وإمكانيات الإنترنت كفيلة بتنظيم استفتاء يشارك فيها أفراد الجميع بأرقام هوايتهم بحيث لا يتكرر التصويت، وهنا نستطيع القول إن المجتمع قد علم وقال رأيه بصرف النظر عن طبيعة النتيجة.
وفي حالة مجتمعنا فقد انتقل من حد الكفاية إلى حد الطفرة، حد الكفاية حيث كان المجتمع يعيش بموارد محدودة منها ما هو ذاتي وهو الأغلب، ومنها ما هو مستورد في حدود ضيقة. فمنذ تأسيس الدولة إلى منتصف السبعينات الميلادية والمجتمع قائم بنفسه.
في مرحلة ما قبل الطفرة الاقتصادية، لم يعش المجتمع صراعات ينقسم حولها المجتمع إلا في حالات ضيقة وفي المدن الكبيرة فقط، وقد كان صراع نخب أكثر من أن ينزل إلى عامة الناس. ولعل من مظاهر هذا الصراع تعليم الفتاه وإدخال الإذاعة والتلفزيون التي حسمتها الدولة مع ضوابط بدت مقنعة للنخبة الدينية.
غير أن الأمر بدا مختلفا في حقبة ما بعد الطفرة الاقتصادية، حيث تم جر المجتمع، وأقصد الفئات الاجتماعية المختلفة وخاصة فئة الشباب في مرحلة الثمانينات الميلادية مرة باسم الصحوة، ومرة باسم الجهاد في أفغانستان، وثالثة باسم الصراع حول القديم الثابت والجديد المتغير، أو ما عرف بالحرب على الحداثة. هنا تم جر المجتمع من هدوئه وسكينته لصراع النخب دون وعي منه إلا غيرة على الدين وحماية للثوابت، وتم تمييع مفهوم الثوابت حتى شملت كل شيء لم يكن موجودا في حياة الناس من قبل، فدخول التلفزيون، على سبيل المثال، ومن بعده الفضائيات في التسعينات عد هتكا لثوابت الدين. انحاز المجتمع بطبعه لدعوى المحافظة على الدين، وتم تضخيم الصراع مع الحداثة على أنه صراع من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية، مع أنه في الأصل صراع نخب لحسابات خاصة تصل إلى تأليب الناس وضخ دماء الكراهية بين أفراد المجتمع، وإحداث معسكرين مع وضد.
أصبح المجتمع مأسورا بين طرفين، أو نخبتين، دينية ولبرالية، النخبة الدينية تكفر وتتهم الطرف الآخر بالتغريب، والنخبة اللبرالية تتهم نقيضها باستغلال الدين لتبريـر هيمنتها على المجتمع. وأسهم الإعلام، إعلام الصحافة وشريط الكاست والمنابر المختلفة في استقطاب المجتمع الذي أخذ يتأرجح بين حاجته للحفاظ على هويته الدينية، وبين حاجته للأخذ بأسباب التمدن ومقتضيات العصر. هذا الصراع الشرس الذي ضرب المجتمع في أهم أبنيته، وهي بنية التماسك والتقارب جعل المجتمع حائرا بين دعاوى النخبتين.
وقد زادت حدة استقطاب المجتمع من خلال قضية قيادة المرأة للسيارة، وهي القضية الأسخن في سجالات النخبتين الدينية واللبرالية. وجر المجتمع لها منذ أوائل التسعينات بعد مظاهرة قيادة النساء للسيارة في الرياض. لحظتها أخذ الصراع ذروته، وأصدرت الفتاوى التي لم تستطع القول بالتحريم، ولكن تمت الاستعانة بمبررات اجتماعية لا دينية لإقناع المجتمع بعدم أهلية المرأة لقيادة السيارة. في المقابل صمتت النخبة الدينية عن خطر السائق الأجنبي، ولم تشكل حرمة الخلوة هاجسا لديها. كما لم تحسب الكلفة الاقتصادية على الأسر والمجتمع، وفي المقابل حسبت احتمالية الفتن المتوقعة من قيادة المرأة للسيارة. وجاء التغاضي عن السائق الأجنبي في سياق عدم رغبة النخبة الدينية في عقلنة القضية التي ترى أن الموافقة على قيادة المرأة للسيارة من شأنها أن تسجل انتصارا للنخبة اللبرالية التي لا يجب أن تهنأ بهذا الانتصار..
في خضم هذا الصراع ظل المجتمع غائبا عن قول كلمته، واختيار ما يريد لا ما تريد النخب. وفي تصريح لأحد المسؤولين أشار إلى أن قيادة المرأة للسيارة شأن اجتماعي، وهو تصريح يمثل تطورا، لكنه في حقيقة الأمر يمثل هروبا من المشكلة. فلو سلمنا بهذا الأمر فنحن نحتاج إلى آليات لتفعيل هذا التصريح بعيدا عن دعاوى النخب، لكي يقول المجتمع رأيه من خلال استفتاء يرتضيه المسؤول والمواطن للخروج من هيمنة النخب. وإمكانيات الإنترنت كفيلة بتنظيم استفتاء يشارك فيها أفراد الجميع بأرقام هوايتهم بحيث لا يتكرر التصويت، وهنا نستطيع القول إن المجتمع قد علم وقال رأيه بصرف النظر عن طبيعة النتيجة.