ناشطات عاريات !!

عزيزة المانع

من الموضات الفكرية التي انتشرت بصورة سريعة في معظم أنحاء العالم، بما في ذلك البلاد العربية والإسلامية، موضة قيام بعض فئات الناشطات النسويات بكشف أجسادهن وتعريتها في الشوارع والطرقات العامة احتجاجا على الإساءة للمرأة وسلب حريتها، كما فعلت إحدى الفتيات المصريات التي وقفت مع اثنتين من مؤيداتها عاريات أمام السفارة المصرية في السويد احتجاجا على مسودة الدستور المصري التي تضمنت فقرات لم تعجبهن. ومثل ما قامت به مجموعة من النساء في برلين حين خرجن عاريات بعد أن رسمن على أجسادهن أمواس حلاقة تعبيرا عن احتجاجهن على ختان الإناث، وكذلك ما حدث في تونس حين تظاهرت بضع نساء عاريات احتجاجا على اعتقال ناشطة تونسية، وما فعلته في فرنسا مجموعة أخرى من النساء اللاتي وقفن عاريات أمام سفارة تونس احتجاجا على نفس السبب. ووصلت موضة الاحتجاج بالتعري إلى الإيرانيات اللاتي تعرين احتجاجا على فرض الحجاب عليهن في إيران، وامتدت إلى تركيا حيث قامت بعض الناشطات قبل أيام قلائل في خضم الاحتجاجات على حكم أردوغان، بعرض أجسادهن عاريات الصدور يحملن لافتات تعبر عن رفضهن كل القيود الموضوعة على النساء.
هذه الموضة المهينة للمرأة، موضة الاحتجاج بالتعري التي اندلعت بين الناشطات النسويات، أي فكر يقف وراءها؟ وما الغاية منها؟ إن هذا النوع من الاحتجاج فيه إيذاء لذات المرأة وإساءة بالغة لها، هو أشبه بمن يحتج بإجاعة نفسه أو تعذيبها أو قتلها، حيث تكون الذات هي المتضرر الأول في الاحتجاج، لا أحد غيرها!!
هؤلاء الناشطات اللاتي لم يجدن وسيلة للتعبير عن دعمهن حرية المرأة ورفضهن التمييز ضدها سوى تعرية أجسادهن، هل هن يخدمن قضية المرأة ويحققن نفعا لها كما يظنن، أم أنهن يحققن خدمة بلهاء لمن يلذ له التفرج على الأجساد العارية والتفكه بالسخرية من صاحباتها؟!
إن المرأة الحرة ليست هي التي تستطيع أن تكشف عن جسدها بلا مبالاة، أو التي تجعل من نفسها وعاء تختزن فيه التفاهة والبلاهة والجهل، أو التي ترضى أن تكون دمية مسلية لأحد، أو سلعة يتنافس عليها المقتنون. المرأة الحرة هي التي تؤمن بإنسانيتها المساوية في القيمة والاحترام لإنسانية الرجل، فتفعل ما يمليه عليها إيمانها بقيمتها الذاتية قبل أي شيء آخر، ذاك يعني أن المرأة الحرة حقا ترتقي بنفسها عن كل ما من شأنه أن يحط من قيمتها الإنسانية فيجعلها لا فرق بينها وبين الحيوان الذي لا يعرف كساء.
فاكس 4555382-11