عمدة جدة .. الغائب الحاضـر

سامي خميّس

ليس العمدة من يتوارث هذه المهنة أبا عن جد ولا من تعينه الجهات الرسمية، هناك من يولد عمدة بكل مقاييس العمدة، شهامة، رجولة، موقف، إلى آخر مواصفات عمد زمان.
عمدتنا غير الرسمي الذي رحل ليبقى بيننا هو محمد صادق دياب الذي جعل جلساته أقرب إلى مركاز شيخ حارة.
نعم هذا هو الديب كما كنت أناديه، كان عبارة عن خلطة متجانسة مجموعة في إنسان، شهم، كريم، حليم، متسامح، عطوف، مثقف، مهذب، خفيف ظل ولد حارة، صاحب صاحبه في الضراء قبل السراء بارا بأهله، وكان سخيا مع من يعرفهم ومن لا يعرفهم، حريصا على صلة الرحم، يسعى لحل المشكلات بين الأصدقاء وتقريب وجهات النظر.
لن أنسى ذات مساء رمضاني حينما مر بي بعمته وعصاته وكانت هذه عادتنا، أوقفنا السيارة بجانب مدرسة الفلاح معقل طفولتنا وصبانا وشبابنا نستعيد ذكرياتنا لتبدأ رحلتنا عبر الأزقة التي كنا نرتادها وقت ذهابنا للمدرسة مرورا بسوق الجامع و بكتاب السيد محمد معرجين على سوق العلوي ثم برحة نصيف، وقتها اندفع نحونا أحدهم وبدون مقدمات خاطب الديب قائلا : يرضيك ياعمدة مستأجرين دكاكيني ولا يدفعون الإيجارات، شوف الأوراق التي تثبت كلامي، تدخلت وقتها وقلت للرجل ليس هذا العمدة، غمزني الديب وأخذ الأوراق وأكملنا جولتنا بعد أن حل مشكلة الرجل.
كان هذا بعض من الديب الذي افتقدته والذي لا يسمح لي هذا الحيز بالحديث عنه كما ينبغي خصوصا في عشقه لمحبوبته جدة التي قال عنها في مقدمة روايته
(مقام حجاز ) آخر أعماله التي رحل بعدها:
( أنا جدة بكل حركات الجيم، إذا فتحته كنت جدة المدن والناس، وإذا كسرته كنت حداثة الحياة، وإذا ضممته كنت جارة البحر..).
رحمك الله أبا غنوة وجعل مثواك الجنة.

asmi@khumaiyes.com