زوار «سوق اليمنه» يتسابقون على الأكلات الشعبية

لا صوت يعلو فوق اللحوح وقرص الخمير

زوار «سوق اليمنه» يتسابقون على الأكلات الشعبية

عبدالمحسن السابطي (جدة)

بعد صلاة العصر في كل يوم تتصاعد نكهة الأكلات الشعبية في شوارع «سوق اليمنه» بجدة بصورة كبيرة، حيث تتسلل رائحة السمبوسة وأقراص الخمير الطازج ويرتفع الصخب ويطغى على عشوائية أرجاء السوق التاريخي، وما إن يدخل المتسوق أو الزائر إلى هذا السوق حتى يغيب عن نظره وفكره التنظيم المنتشر في الأسواق الحالية، ولا ترى إلا تلك الوجوه التي أعياها التعب بحثا عن لقمة هانئة له ولأبنائه، في صورة توحي بالعمق المرتبط بين الموروث الشعبي وبين أصحاب المهن الذين لم يتركوها منذ عقود بالرغم من التطور الذي تشهده الحياة الاجتماعية في المملكة.


ويقع «سوق اليمنه» التاريخي على امتداد شارع الستين وحتى حي السبيل والذي يشهد غياب التنظيم، ويروي قصة كفاح أناس عاشوا من مهن بسيطة على عمر هذا السوق الذي قام منذ ما يقارب نصف قرن بحسب ما رواه أصحاب السوق، ويزداد نشاط هذا السوق وتتسابق وتيرته في شهر رمضان، حيث تنتشر المأكولات الشعبية اليمنية بداية من اللحوح والحلبة والخمير والمقلية المرتبطة بالعادات اليمنية في السوق.
«عكاظ» اتجهت إلى السوق الذي يحمل في طياته كثيرا من الأسئلة والقصص والتي لا تستوعبه هذه السطور.. في البداية التقينا عبده ناجي بائع ريحان وكادي والذي يعمل في السوق منذ ما يقارب العقدين ويروي كيف أنه ارتبط مع هذا السوق ارتباطا وثيقا حيث يعده بيته الثاني ويقول عن ذلك «منذ قدومي من اليمن أتيت إلى هذا السوق وعملت في مهنة (حمال) حيث كان السوق مقتصرا على بعض المهن الخفيفة ولم يكن بالشكل الذي عليه اليوم حتى تطور الأمر وقمت بالمتاجرة في بعض الأكلات الشعبية والتي أقوم بتجهيزها في المنزل خصوصا في يوم الجمعة حيث كان يرتاد السوق كثير من أبناء الجالية اليمنية».
وأضاف: الآن أملك بعض البسطات المنتشرة لبيع الريحان والأكلات اليمنية حيث نقوم في رمضان بصنع «المرسة» وهي عبارة عن بر من الدقيق وموز وعسل كما نقوم بصناعة الخميرة وهو قرص من الدخن ونضيف عليه إما السمك المقلي أو الحلبة.
وفي زاوية أخرى من السوق، تسمع أصوات الشباب ينادون الزبائن قبيل موعد غروب الشمس من أجل شراء الأكلات المعدة من قبلهم حيث يتفنن كل منهم في إعداد أكلة كي يتميز بها عن الآخرين.
وبالنظر إلى زبائن السوق نجد أن أغلبهم من الجالية اليمنية فضلا عن المواطنين وبقية المقيمين، أي أن السوق أصبح خليطا من السعوديين وبعض الجنسيات الوافدة العربية التي تهوى الأكل اليمني.
وفي السياق نفسه، أوضح محمد المورعي أنه لا يستشعر طعم رمضان إلا عندما يزور سوق اليمنة والذي يعيد له صورة من النمط القديم لبعض الأسواق الشعبية في جازان، يقول المورعي: بالرغم من التطور الذي تشهده بعض الأسواق إلا أنه يجد نفسه منساقا لسوق اليمنة والذي يزوره بشكل شبه يومي في رمضان للتزود ببعض المأكولات التي تجيدها العوائل اليمنية والمصنوعة في المنازل، ويضيف: أقوم بشراء اللحوح من فاطمة اليمنية والتي أحجز لديها من بعد صلاة الظهر وذلك خوفا من نفادها حيث تجيد العمة فاطمة صنع اللحوح بشكل ألذ، فيما يقوم بالتزود بالخمير وهو عبارة عن قرص يصنع من الحب والدخن، فيما يتفنن أخرون بصناعة الحلبة.
ويروي صديقه بندر شوعي أن السوق أصبح يمثل له بيئة مصغرة من الأسواق الشعبية المنتشرة في جازان والتي تتقارب من نفس نمط الحياة والأكلات الموجودة في السوق نفسه، وأضاف بندر أن أكلته المفضلة تصنعها إحدى كبيرات السن، ونقوم بالحجز بالاتصال وهو السمك المجفف والمقلي بالإضافة إلى أكلة المرسة.


طريقة ساحرة

عبر مجموعة من أفراد الجاليات العربية الوافدة أنه بحكم قربهم من السوق استهوتهم بعض الأكلات الشعبية اليمنية، حيث يروي موسى معوض مصري بأنه معتاد على أكل اللحوح والمرسة حيث إن هناك بعض النساء يجدن إعدادها بطريقة ساحرة.