لو لم أكن طبيبة لكنت «شيف» وأعود لأنوثتي بين زوجي وأولادي

ستصبح المرأة السعودية وزيرة.. ولا أطمح لهذا المنصب .. سلوى الهزاع:

لو لم أكن طبيبة لكنت «شيف» وأعود لأنوثتي بين زوجي وأولادي

سعاد الشمراني (الرياض)

أعاد شهر رمضان المبارك بذاكرة الدكتورة سلوى الهزاع طبيبة العيون وعضو مجلس الشورى بطفولتها وكيف كانت تقضيه وسط أسرتها في أمريكا والسبب الذي جعل رمضان أهم الشهور في السنة لديها لتعويض ما نقص من الجو الروحاني الذي كانت تعيشه بليالي رمضان والعيد بأمريكا برغم محاولة والدها ووالدتها خلق الجو الإيماني والروحاني برمضان والجو السعيد بالعيد فتستعيد الدكتورة الهزاع ذاكرتها مع حوار لـ«عكاظ» على أنغام موسيقى العيد التي كانت تضعها والدتها على الأسطوانة بليالي العيد في السبعينيات.. فإلى تفاصيل الحوار:
• بداية هل تذكر الدكتورة سلوى أول مرة صامت كم كان عمرها حينذاك؟.
أول مرة صمت فيها بسن صغيرة لا أتذكرها ولكن أتذكر أنني تعبت كثيرا خصوصا أنني كنت بأمريكا وبمدرسة أجنبية فكنا نقوم من الساعة 7 للدراسة ولم يكن الجو مهيأ للصيام.
وأتذكر والدي عبد الله بن فهد الهزاع هو من كان يقوم بأمور الطلاب السعوديين ويرعاهم ووالدتي كانت طباخة ماهرة فكان الطلاب يجتمعون عندنا وكان والدي يحرص على الذهاب للمزارع بأريزونا ويشتري الغنم ويسلخه أمام المنزل ونحن صغار نستغرب من هذا المنظر، ورغم صعوبة قضاء رمضان خارجا إلا أن والدي ووالدتي حرصا على خلق جو رمضان خاص بهما.
وبالنسبة للعيد قد تصادف الأعياد خارجا وقت دراسة فكنا نجعل الاحتفال بالأعياد بالويك إند وبما أننا صغار ولم يسبق لنا الشعور بالأعياد السعودية ورمضان لم نلاحظ الفرق حينذاك، فنحن نتكلم عن السبعينيات بوقت لم يكن به هواتف وجوالات كالوقت الحالي ولذلك لم نشعر بالعيد في يومه فأحيانا نقوم بالاحتفال بثاني أو ثالث العيد ونجتمع بالسعوديين لنحتفل معهم بالإجازة الأسبوعية. كما كان لوالدتي طقوس خاصة للعيد حيث كانت تضع لنا موسيقى تهنئة العيد على شكل أسطوانات ونعيش أجواء سعيدة بالعيد تحت النغمات السعيدة.
• كيف كان قضاؤكم ليالي رمضان خارجا وهل فقدت الجو الرمضاني بالسعودية؟.
المعروف أن عائلة الهزاع كانوا تجارا والوالد هو أول من قرر هذه الخطوة في الدراسة ولم يكن أحد يؤيده فكان عمي الأكبر والذي يعتبر والدا لأمي معارضا بالبداية ولكن والدي أصر وأخذ الإذن منه خصوصا لأنهم يديرون تجارة ولكن كان والدي مغامرا حيث أخذنا أنا وأخواتي الخمس لأمريكا في وقت لم يكن بأمريكا ملحقيات ثقافية وإسلامية كالموجودة الآن ولم تكن المدارس مهيأة للمسلمين، حيث كان زملاؤه يسألونه لماذا لم تترك بناتك عند أهلك؟ فكل زملائه تركوا أبناءهم إلا أن والدي أصر على وجودنا وتعليمنا هناك لنشاهد ثقافات مختلفة فكنا ندرس مع الأجانب لدرجة كنا نسمي العيد بـ«أرب كريسميس».
• هل يوميات رمضان تختلف عن غيرها؟.
طبعا كل الاختلاف وخصوصا في أسرتي فشهر رمضان هو الشهر الوحيد الذي أنتظره طوال العام والأهم عندي لأنه الشهر الوحيد الذي نجتمع فيه أنا وأسرتي، فبسبب سفري وانشغالاتي وسفر وانشغالات أولادي وزوجي بسبب العمل أصبحت أوقات وجباتنا مختلفة تماما، فرمضان يخلق الجو الأسري ونكون سويا كل يوم طيلة الشهر، فحتى لو تلقيت دعوات من الأسرة والأصدقاء أرفضها تماما للإفطار ببيتي، كما تحرص أسرتي على صلاة التراويح سوية، نخرج مع بعض بنفس السيارة فيذهب الأولاد مع والدهم للصلاة وابنتي معي بقسم النساء، والخروج سويا لا يحدث كثيرا سوى برمضان، وبعد التراويح نذهب لزيارة الأهل، فرمضان شهر عائلي ونشعر بجميع طقوسه، وفي العشر الأواخر من رمضان أحرص على اللحاق بوالدتي بمكة لأن والدتي تقضي الشهر الفضيل بمكة لأخذ العمرة ونسكن وهي وابنتي هالة في نفس الغرفة في الفندق وأولادي بغرفة أخرى فمع والدتي وأولادي وزوجي أبو مشعل يشعرنا برمضان بسعادة لا توصف ونعيش رمضان بشكله الروحاني بجميع أشكاله، خصوصا أنني كنت بأمريكا لا أحس بروحانية رمضان وقبل قدوم هذا الشهر الفضيل كنت في رحلة عمل في أمريكا بلوس أنجلس وحرصت أن أكون متواجدة في بيتي قبل أسبوع من قدوم رمضان لنستعد له فلا أتذكر أنني أفطرت خارج بيتي بعد زواجي طبعا لأنني قضيت سنوات عمري الأولى بأمريكا ووقتها لم أكن أشعر أنني فاقدة الجو الروحاني لأنني لم أجربها والآن لا أريد أبنائي الثلاث مشعل ونايف وهالة أن يفقدوا شعورهم في روحانيته وإيمانياته. فرغم أفضليات العيش خارجا وسهولة حصول زوجي على وظيفة بالملحقية وضمان تعليم جيد لأبنائي إلا أنني رفضت أن يعيش أولادي إلا بالسعودية، فكلما يأتي شهر رمضان تعود بي الذاكرة لطفولتي، كيف وكنت صغيرة بدون صديقات من نفس البلد بعمري فأنا أكبر الأطفال السعوديين ولأني الكبيرة كانوا يثقون بي للانتباه والعناية ببناتهم كالدكتور السلوم والدكتور عبدالله السبهان، فكنت في المرحلة الخامسة والسادسة بالابتدائية وبناتهم بالمرحلة الأولى وكانوا يطلبون مني الحرص على بناتهم وكان هذا الشيء يسعدني، فبكل أمانة بالسنة لشهر رمضان هو أهم شهر بالسنة ويوم الجمعة أهم يوم بالأسبوع لأنها أيام العائلة والتي أحبها كثيرا ولذلك أحرص أن أكون ببيتي في هذا الشهر وهذا اليوم.
• ما أجمل رسالة وصلتك للتهنئة برمضان وممن كانت وهل كانت عن طريق الاتصال أو الرسائل أو الواتساب أو تويتر؟.
التهنئة كانت من خالتي أم سعد عن طريق اتصال هاتفي فكانت كلماتها كعادتها نابعة من القلب وقريبة من إحساسي خصوصا حينما تودعني بكلمة «أستودعك الله» أشعر أنها من الكلمات القريبة من الروح وأستشعر الصدق فيها فجعلها الله دائما وهي بصحة وعافية.
• موقف لا يغيب عن بالك حدث لك في رمضان؟.
كنت مع أم زوجي «أم عبدالله» نصلي مع الكلباني صلاة التروايح ومعي أولادي الصغار بوقت لم يكن فيه الجوالات وكنت حينها مناوبة وأنا كنت حريصة أن آخذ أولادي لكل صلاة تراويح و كنت أضع أولادي أمام ناظري وكان معي بيجر العمل وفجأة رن بوقت الصلاة فأشرت لخالتي للانتباه على أولادي ولأنه ولم يكن يوجد حينها جوالات خرجت من المسجد وكان علي أن أجيب على المستشفى فجأة رأيت محل تموينات غذائية وكانت هذه أول مرة أدخل فيها البقالة ذهبت إليه وقلت لو سمحت هل عندك تليفون قال لا وشرح لي كبينة تليفون قريبة وذهبت ولم يكن معي هلل ولم أعرف أيضا كيف أستخدمها وصرف لي صاحب البقالة هللا واتصلت على المستشفى وقلت لهم معكم الدكتورة سلوى الهزاع اتصلتم بي، ردت الممرضة بأن الاتصال كان عن طريق الخطأ، وبعد المعاناة عدت لخالتي أم زوجي أضحك فلو كان بغير رمضان وروحانيته كان جعلني الأمر أغضب، فرمضان جو روحاني ويخلق طمأنينة للنفس، حتى لو حدثت الأخطاء من الشخص الذي غاب عنك وتتذكرينه في الشهر الفضيل، فرمضان دائما ما يترابط عندي بالمناسبات السعيدة.
• عادة كانت موجودة في رمضان وتمنيت أنها لم تندثر؟.
عندما كنت في سكن مستشفى الملك فيصل التخصصي سابقا كان أولاد الجيران يطرقون الأبواب علينا بفوانيس وكنت حريصة بداية على السكن وكانوا يقولون لي الصديقات لماذا تسكنين في سكن منفصل فكنت أجيب على حرصي أن يتعرف أولادي على ثقافات مختلفة فكان من جيراني الباكستاني والأردني والفرنسي، فكان الجيران يخلقون أجواء رمضانية جميلة ويرسلون لنا من أكلاتهم ونحن بالمثل، أما بالوقت الحالي أصبحنا لا نعلم من هم جيراننا ومن سكن بجوارنا ومن رحل.
• ما الأطباق الرمضانية التي تحرصين على إيجادها بسفرتك برمضان وكيف علاقتك بالمطبخ؟.
ستستغربين هذا الأمر، فلو لم أكن طبيبة عيون لكنت «شيف» فأنا أحب الطبخ كثيرا وأجيد طبخ أي شيء ولدي نفس بالأكل بشكل لا تتصوريه، فأنا أحب طبخ الأكلات الشعبية كالمرقوق وأحب أن أطبخ القرصان وأجيد عمل المقلوبة وكل الأكلات الصحية، وبسبب عملي للأسف أصبح دخولي للمطبخ نادرا ويقوم الطباخ بعمل الإفطار، ورغم دخولي للمطبخ النادر أمتلك موهبة في الطبخ لا أعلم من أين أتيت بها، والطريف في الأمر أنني ببداية الشهر قمت بعمل طبخات للأسرة وأخذ أبو مشعل يسأل عنها في الأيام الأخرى لانبهاره بها، وبسبب عملي وعودتي في العصر متأخرة وأقوم بقراءة القرآن حتى قرب موعد الإفطار لا يتسنى لي الطبخ برمضان.
• كونك عضوة بمجلس الشورى وطبيبة عيون بمستشفى الملك فيصل التخصصي ما جدول أعمالك في رمضان؟.
عدد ساعات الدوام في رمضان تقل ولكن أعداد المرضى هم نفسهم ولذلك أحرص على الدوام قبل الموظفين وأرسل للكل إيميلات بالمطلوب وأحرص على جودة عملي برمضان كغيره وأن أقابل كل مرضاي.
وبالنسبة للشورى فنحن في إجازة برمضان، وأجعل وقتي الآخر لقراءة القرآن والصلاة ومع أسرتي.
• هل لديكم الوقت الكافي لمتابعة المسلسلات الاجتماعية أو البرامج التلفزيونية برمضان؟.
لا أتابع المسلسلات، فعقب الإفطار نتحدث مع أسرتي بأحاديث أسرية ويمسك أحدانا الريموت ويتم التقليب بين القنوات بشكل مستمر ولا نحرص عادة على متابعة أي شيء، ولكن أفضل مشاهدة خواطر وقديما طاش ما طاش كان له نكهة خاصة برمضان، ونهتم لمشاهدة الأخبار كثيرا.
• هناك من يرى أن عضوات مجلس الشورى بعيدات عن قضايا المرأة.. ما تعليقك؟.
بسبب عملي بالعيادة أحتك بجميع الطبقات، فاليوم الواحد أقابل فيه أكثر 100 شخص، ويحدث مع كل هؤلاء الأشخاص أحاديث جانبية عند الكشف إذا كان شابا عن الزواج وإذا طفلة عن المدرسة ولذلك أنا قريبة عن كل قضايا المجتمع من كل الفئات غني أو فقير ومن كل أنحاء المملكة. وكنت في فترة طبيبة الملك فهد رحمه الله فبعد الكشف عليه أحرص على الرجوع للعيادة وكانت تأتينا حالات من الطبقة البسيطة المحولة ولذلك تعرفت على كل المطالب والقضايا التي تواجههم سواء المرأة وغيرها.
• هل يمكن أن تصبح المرأة وزيرة، وهل تطمحين إلى هذا المنصب؟.
نعم المرأة ستصبح وزيرة فما بعد مجلس الشورى إلا أن تكون وزيرة. وبالنسبة لي لا أطمح أن أكون وزيرة فأنا رئيسة قسم ويكفيني وكل موظف عندي أعرف عنه وأنا مسؤولة ومحاسبة عليه وهذه أمانة وأمام الوزير أمانات كثيرة وفي ذمته أشخاص كثيرون سيحاسب عليهم ولا أريد أن آخذ على عاتقي هذه الأمانة كلها، ولن أدخل في منصب إلا وأنا قادرة على تحمل ذمته وأن أقدم لمن تحت عاتقي الكثير، فعندما أشاهد الوزراء أقول كان الله في عونهم على ما يحملونه بذمتهم، فلما توليت منصب عضوة بالشورى اشترطت أن لا أترك عملي في المستشفى وأبقى قريبة من مرضاي وأن أقدم أكثر من المستطاع.
• ما الشخصيات الداعمة والمؤثرة في مسيرتك العملية ومراحل حياتك التعليمية؟.
أطلقت مقولة «وراء كل امرأة ناجحة رجل عظيم» عكس المقولة المعروفة والسبب فيما وصل إليه والدي وزوجي أبو مشعل. ففي بداية حياتي تعلمت من والدي حبه للعمل ومن زوجي التشجيع والدعم لي، كما لعيشتي بأمريكا سبب في نجاحي إذ أخذت «الشيء الزين» منهم «وأخذت الزين» من هنا.
• ما طموحك فيما يتعلق بالمرأة وتطورها في المجتمع السعودي؟.
أشياء كثيرة، أن تنتصر المرأة المظلومة المعضولة المطلقة وأن أسلحها بالعلم فهو سلاح يبعدها عن الذل وعدم الاستقرار.
• هناك من يطالب بالتوسع في طب العيون في المملكة.. خاصة أن هناك قوائم انتظار كبيرة في المستشفيات التخصصية.. فهل من حل لهذه الإشكالية ومن المسؤول عنها؟.
مهما توسعنا فلا يحصل ذلك إلا بدمج عيادات العيون بالمستشفيات، فالعين ليست منفردة عن باقي الجسم، فإذا كان سبب مرض العين السكري أو السمنة أو الضغط أو الأمراض الوراثية فيسهل على الطبيب مراجعة ملفه عن طريق الكمبيوتر لعلاج عينه وبذلك يقل عدد المراجعين لعيادات العيون، فقرارات فتح خمس عيادات للعيون جيدة ولكن لن يفعل دورها بشكل سديد إلا إذا كانت داخل مستشفيات، فليست كل أمراض العين ماء أبيض فقط.
ويجب معرفة مسببات مرض العين لتقليل قوائم الانتظار لأن التحليل الخاطئ يسيجعل المريض مراجعا لعيادات العيون كل فترة حيث يمكن أن يطلبه الدكتور تقريرا عن حالته الصحية من المستشفى الذي يراجعه أو يتكهن الدكتور عن الأمراض التي به وهذا غير صحيح، ولذلك أدعوا أن تكون مراكز العيون داخل المستشفيات حتى يستفيد كل طبيب من الآخر.
• كأم وزوجة ومسؤولة في أكبر مستشفى على مستوى المملكة والشرق الأوسط ومسؤولة عن تدريس الطالبات وطلاب الطب وأيضا باحثة، وعضوة في مجلس الشورى.. هل تشركين زوجك وأبناءك بما تودين طرحه من أفكار وقضايا في مجلس الشورى أو تناقشين أسرتك عن مهام عملك؟.
بصراحة أشاركهم أموري الأسرية فقط ولا آخذ هم العمل بالبيت، ففي وقت العمل أعمل بصرامة مثل الرجل وبين أولادي وزوجي أعود لأنوثتي، ولم أتخل عن أنوثتي كأم وزوجة يوما.