«رد الاعتبار» .. تعويض لضحايا الاتهامات الباطلة والقضايا الملفقة
تطرح السؤال: لماذا لا يتم رفع العقوبات للحد من استغلال النفوذ؟
الخميس / 24 / رمضان / 1434 هـ الخميس 01 أغسطس 2013 20:19
خالد الجابري «المدينة المنورة»، فارس القحطاني «الرياض»
الحكم على أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة المنورة بالسجن شهرين إثر اعتدائه على مواطن في قضية خلوة لم تثبت صحتها، ثم اعتدائه على اثنين من رجال الأمن بعدما رفض أن يحضر للشرطة التي حولته بعد القبض عليه إلى المحكمة الجزئية.
وكانت هيئة التحقيق والادعاء العام قد اتهمت الأعضاء الثلاثة وأوقفتهم بحجة المداهمة بدون إذن لمنزل في حي الخالدية بالمدينة المنورة العام الماضي، لأنه يوجد على سطحه حفل مختلط، إلا أن الأعضاء دافعوا عن اتهامهم وبينوا أن القضية ليست من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام، وأنهم باشروا المنزل بسبب الحفلة التي أزعجت سكان الحي، وأبلغوا الهيئة وفق إجراءات متبعة ووفق النظام، وأن الحالة هذه لا تحتاج إذنا من هيئة التحقيق والادعاء العام، وأصدرت المحكمة الإدارية حكما ببراءتهم وتعويضهم 36 ألف ريال لهم جميعا، («عكاظ» نشرت الحكم في حينه)، إلا أن هيئة التحقيق والادعاء قامت بالطعن في الحكم وتم رفعه إلى محكمة الاستئناف التي قضت بأن اختصاص الحكم في القضية للدائرة الجزائية دون الإدارية، والتي نظرت القضية مجددا وأصرت على حكمها السابق وهو تعويض الأعضاء وتبرئتهم مما اتهمتهم به هيئة التحقيق والادعاء العام.
إلى ذلك، أكد وكيل أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خالد آل عبدالرحمن، عن سعادته بإصرار المحكمة الإدارية على تبرئة موكليه، مؤكدا على عدالة القضاء السعودي.
رد الاعتبار
ذلك الحكم فتح الباب على قضايا «رد الاعتبار» الذي يجهل الكثير من المتضررين كيفية الوصول به إلى حقوقهم المادية والمعنوية، خصوصا بعد أن ثبوت براءتهم.
وثمة استفهامات عدة تطرح نفسها حول تلك القضية، منها: كيف يتم تعويض ضحايا الاتهامات الباطلة والقضايا الملفقة بعد تبرئتهم؟! ولماذا لا يتم رفع العقوبات للحد من استغلال النفوذ والسلطة؟! وما هي درجات العقوبات التي يتم فرضها على المدعين؟!
وفي هذه القضية التي تطرحها «عكاظ» تحت عنوان «تبرئة المتهم من الخلوة غير الشرعية في المدينة نموذجا»، أوضح، من جانبه، عضو جمعية المحامين العرب المحامي سعود الحجيلي، أن قضايا «رد الاعتبار» مهمة خاصة أذا ثبتت، مضيفا أن «هناك أشخاصا يسجنون ثم فيما بعد تتم تبرئتهم أو يتم اتهامهم بأي قضية لا تثبت صحتها فيما بعد».
وأكد الحجيلي، أنه «يمكن لأي شخص يتعرض لمثل هذا أن يطالب بحقه المعنوي والمادي وما أثبته له الشرع من خلال الجهات المختصة المحددة، ومن أبرزها ديوان المظالم».
وبين الحجيلي، أن «نظام السجون حدد لكل قضية مبلغا معينا عن كل يوم سجن إذا ثبتت براءة المسجون، ويتراوح ما بين 300 إلى 500 ريال»، موضحا أن «كثيرا ممن تعرضوا لاتهامات أو سجن ثبت عدم صحتها عوضوا فيما بعد باتخاذ الطرق الصحيحة والمشروعة التي تكفل لهم حقوقهم».
وقال الحجيلي معقبا: «لعل أبرز القضايا التي حدثت في المدينة واتضحت براءة أصحابها؛ ثلاثة من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة المنورة في قضية حادثة حي الخالدية المشهورة، حيث أنصفت الدائرة الإدارية بالمحكمة الإدارية ثلاثة من الأعضاء وذلك بإلزام هيئة التحقيق والادعاء العام بتعويضهم 36 ألف ريال، 12 ألف ريال لكل عضو منهم عن سجن عشرة أيام».
إقرار الحقوق
هناك قضية سبق لـ«عكاظ» أن نشرتها حول القضية المشهورة للمواطن خنيفر الرشيدي، حيث تسلم شيكا بمبلغ 14 ألف ريال من محافظة الصلصلة التابعة لإمارة منطقة المدينة المنورة، تعويضا عن سجنه تعسفيا من قبل محافظ خيبر لمدة 14 يوما».
هذا الحكم يأتي تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الإدارية في منطقة المدينة المنورة، وكان الرشيدي الذي يبلغ من العمر 100 عام تقدم إلى المحكمة الإدارية في منطقة المدينة المنورة بدعوى ضد محافظ خيبر السابق، مطالبا بمبلغ مليون ريال كتعويض مالي مقابل سجنه التعسفي، على حد دعواه، إثر نزاع على بئر أوقفه جد المواطن خنيفر الرشيدي.
واعتبر المواطن خنيفر الرشيدي الحكم بتعويضه منصفا، مشيرا إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة السابق أنصفه في ذلك الوقت، حين أصدر توجيهاته بإطلاق سراحه من السجن، استجابة لشكوى الرشيدي أثناء فترة محكوميته.
وأكد المحامي سلطان بن زاحم لـ«عكاظ» أن «الحكم دليل عملي جازم على أن المملكة تقر مبادئ حقوق الإنسان وتحفظ كرامته ضد أي مسؤول يستخدم سلطاته في فرض قرارات غير صائبة»، موضحا أن قرار المحكمة الإدارية تضمن إثبات تنازل جد المدعي عن البئر كوقف للمسلمين، وأن الناظر عليها هو أحد ورثة موقفها، بحيث يتولى رعايتها وحمايتها.
الدعاوى الكيدية
أما عضو مجلس الشورى والمستشار القانوني الدكتور فهد العنزي، فأوضح أن «رد الاعتبار» له مجالات متعددة، منها: ما يتعلق بالدعاوى الكيدية، وهي الدعاوى التي يكون الهدف منها الكيد بالخصم والحصول منه على حق غير مشروع أو تشويه سمعته أو إزعاجه دون سبب مشروع، وهي تختلف عن الخطأ الذي يتوهم بموجبه شخص أن له حقا في مواجهة شخص آخر فيقوم برفع دعوى عليه، والاختلاف نابع من أن المدعي في الدعاوى الكيدية يعلم يقينا أنه ليس له حق في مواجهة خصمه وإنما هو فقط يقصد الإضرار به دون سبب مشروع، هذا بالإضافة إلى أن الدعاوى الكيدية فيها إشغال للقاضي وللمحكمة وللمدعى عليه وتفويت الفرصة على سلطة القضاء للنظر في الدعاوى الأخرى المرفوعة أمامها وتأخير البت فيها.
وأضاف الدكتور العنزي معقبا بقوله: «النظام السعودي يتصدى بدقة للشكاوى أو الدعاوى الكيدية، فقد نصت المادة الرابعة من نظام المرافعات الشرعية على أنه لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه مصلحة قائمة مشروعة»، موضحا أن المادة الثمانين من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات نصت على أن للمدعى عليه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من الدعوى ولا يستحقه إلا في حال ثبت كذبها، وبالنسبة للقاضي فإنه إذا ثبت له أن الدعوى كيدية فهو يرد الدعوى ويحكم على المدعى الكائد والكاذب بالتعزير.
التعزير واسع
وأكد الدكتور العنزي، أن «هذا يمثل رد لاعتبار المدعى عليه الذي تضرر من الدعوى الكيدية»، مبينا أن «التعزير بابه واسع، كما أن التعويض له صور كثيرة، أهمها: التعويض المالي، فمثلا التاجر الذي يتضرر من رفع دعوى كيدية تتضرر بها سمعته فبإمكانه المطالبة بالتعويض عن الخسائر المالية التي تعرض لها، مثل: إلغاء طلبات الشراء، وإحجام الناس عن الشراء منه، أو الموردين عن التوريد له، وهلم جرا».
وقال الدكتور العنزي مضيفا: «كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1406هـ والذي أكد أن رفع الشكاوى حق لكل شخص فإنه نص على: أن من قدم شكوى في قضية منتهية بحكم أو قرار يعلمه وأخفاه في شكواه، فيجوز إحالته للمحكمة المختصة لتقرير تعزيره».
وأضاف: «من اعترض على حكم أو قرار نهائي مكتسب القطعية بقناعة أو تدقيق من جهات الاختصاص وثبت لدى المحكمة أنه لم يقدم وقائع جديدة تستوجب إعادة النظر في الحكم أو القرار، فيؤخذ التعهد اللازم عليه في المرة الأولى بعدم الاعتراض على الحكم أو القرار، فإذا تكرر منه ذلك يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تعزيره».
وبين الدكتور العنزي، أن «المادة الرابعة من قرار مجلس الوزراء نصت كذلك على أن من تقدم بدعوى خاصة وثبت للمحكمة كذب المدعي في دعواه، فللقاضي أن ينظر في تعزيره، وللمدعى عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذه الدعوى».
إثبات الضرر
على صعيد متصل، أوضح المحامي بندر المحرج أن «رد الاعتبار» يكون بطلب يتقدم به من صدر بحقه حكم مكتسب للصفة القطعية وتم تنفيذه فعلا ويكون ذلك في القضايا الجنائية.
وقال المحرج لـ «عكاظ»: «يقدم الطلب إلى الحاكم الإداري مرفقا به صورة الحكم وما يفيد بأن الحكم قد تم تنفيذه فعلا، وإذا تعلق بحقوق خاصة يرفق معه ما يثبت الوفاء بها أو تنازل أصحابها، ومن ثم يحال إلى اللجنة المختصة بذلك التي بدورها تدرس الطلب ومرفقاته ثم تقرر ما يجب حياله».
وأضاف المحرج: «كل من أقيمت عليه دعوى باطلة أو كيدية وثبت ذلك له التقدم إلى المحكمة الجزئية في المنطقة التي يقع فيها المدعى عليه ويقيم دعوى ضده يطلب فيها بتعزيره لقاء الدعوى الكيدية والتعويض عما لحق به من ضرر مادي أو معنوي، علما بأن طلب التعزير هنا هو حق عام، وطلب المتضرر لهذا الحق من باب تحريك الدعوى العامة والتي من المفترض أن يباشرها بعد ذلك المدعي العام بطلب من ناظر القضية».
وقال المحامي المحرج معقبا: «هنا مسألة في حال طلب التعويض عن الدعوى الكيدية لابد من إثبات الضرر الذي نتج عن الدعوى الكيدية أو الباطلة».
أما فيما يخص استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة، فأوضح المحرج بقوله: «هي من القضايا التي تختص هيئة الرقابة والتحقيق بها وتنظرها المحكمة الإدارية، ومسألة العقوبات فيها خاضعة للنظام حال ثبوت المخالفة أو الجريمة».
ولكن المحامي المحرج يطالب بزيادة الحد الأعلى في هذه العقوبات الذي يحتاج إلى موافقة من الجهات المختصة بعد الدراسة، مؤكدا أن «العقوبات المقررة غير كافية وغير رادعة، ومن الضروري إضافة عقوبات أخرى خاصة في قضايا استغلال النفوذ يتم من خلالها التحقيق مع من تدور حولهم شبهة الإفادة من الجريمة من المقربين من المتهم».
وفيما يخص العقوبات التي تفرض على المدعين في الدعاوى الكيدية، بين المحرج أنها «تختلف باختلاف الضرر الذي نتج عن تلك الدعاوى لا سيما إذا تكرر الفعل من المتهم بالدعوى الكيدية، فهنا يفترض أن تكون العقوبة أكبر حتى يتحقق الرد».
وكانت هيئة التحقيق والادعاء العام قد اتهمت الأعضاء الثلاثة وأوقفتهم بحجة المداهمة بدون إذن لمنزل في حي الخالدية بالمدينة المنورة العام الماضي، لأنه يوجد على سطحه حفل مختلط، إلا أن الأعضاء دافعوا عن اتهامهم وبينوا أن القضية ليست من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام، وأنهم باشروا المنزل بسبب الحفلة التي أزعجت سكان الحي، وأبلغوا الهيئة وفق إجراءات متبعة ووفق النظام، وأن الحالة هذه لا تحتاج إذنا من هيئة التحقيق والادعاء العام، وأصدرت المحكمة الإدارية حكما ببراءتهم وتعويضهم 36 ألف ريال لهم جميعا، («عكاظ» نشرت الحكم في حينه)، إلا أن هيئة التحقيق والادعاء قامت بالطعن في الحكم وتم رفعه إلى محكمة الاستئناف التي قضت بأن اختصاص الحكم في القضية للدائرة الجزائية دون الإدارية، والتي نظرت القضية مجددا وأصرت على حكمها السابق وهو تعويض الأعضاء وتبرئتهم مما اتهمتهم به هيئة التحقيق والادعاء العام.
إلى ذلك، أكد وكيل أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خالد آل عبدالرحمن، عن سعادته بإصرار المحكمة الإدارية على تبرئة موكليه، مؤكدا على عدالة القضاء السعودي.
رد الاعتبار
ذلك الحكم فتح الباب على قضايا «رد الاعتبار» الذي يجهل الكثير من المتضررين كيفية الوصول به إلى حقوقهم المادية والمعنوية، خصوصا بعد أن ثبوت براءتهم.
وثمة استفهامات عدة تطرح نفسها حول تلك القضية، منها: كيف يتم تعويض ضحايا الاتهامات الباطلة والقضايا الملفقة بعد تبرئتهم؟! ولماذا لا يتم رفع العقوبات للحد من استغلال النفوذ والسلطة؟! وما هي درجات العقوبات التي يتم فرضها على المدعين؟!
وفي هذه القضية التي تطرحها «عكاظ» تحت عنوان «تبرئة المتهم من الخلوة غير الشرعية في المدينة نموذجا»، أوضح، من جانبه، عضو جمعية المحامين العرب المحامي سعود الحجيلي، أن قضايا «رد الاعتبار» مهمة خاصة أذا ثبتت، مضيفا أن «هناك أشخاصا يسجنون ثم فيما بعد تتم تبرئتهم أو يتم اتهامهم بأي قضية لا تثبت صحتها فيما بعد».
وأكد الحجيلي، أنه «يمكن لأي شخص يتعرض لمثل هذا أن يطالب بحقه المعنوي والمادي وما أثبته له الشرع من خلال الجهات المختصة المحددة، ومن أبرزها ديوان المظالم».
وبين الحجيلي، أن «نظام السجون حدد لكل قضية مبلغا معينا عن كل يوم سجن إذا ثبتت براءة المسجون، ويتراوح ما بين 300 إلى 500 ريال»، موضحا أن «كثيرا ممن تعرضوا لاتهامات أو سجن ثبت عدم صحتها عوضوا فيما بعد باتخاذ الطرق الصحيحة والمشروعة التي تكفل لهم حقوقهم».
وقال الحجيلي معقبا: «لعل أبرز القضايا التي حدثت في المدينة واتضحت براءة أصحابها؛ ثلاثة من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة المنورة في قضية حادثة حي الخالدية المشهورة، حيث أنصفت الدائرة الإدارية بالمحكمة الإدارية ثلاثة من الأعضاء وذلك بإلزام هيئة التحقيق والادعاء العام بتعويضهم 36 ألف ريال، 12 ألف ريال لكل عضو منهم عن سجن عشرة أيام».
إقرار الحقوق
هناك قضية سبق لـ«عكاظ» أن نشرتها حول القضية المشهورة للمواطن خنيفر الرشيدي، حيث تسلم شيكا بمبلغ 14 ألف ريال من محافظة الصلصلة التابعة لإمارة منطقة المدينة المنورة، تعويضا عن سجنه تعسفيا من قبل محافظ خيبر لمدة 14 يوما».
هذا الحكم يأتي تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الإدارية في منطقة المدينة المنورة، وكان الرشيدي الذي يبلغ من العمر 100 عام تقدم إلى المحكمة الإدارية في منطقة المدينة المنورة بدعوى ضد محافظ خيبر السابق، مطالبا بمبلغ مليون ريال كتعويض مالي مقابل سجنه التعسفي، على حد دعواه، إثر نزاع على بئر أوقفه جد المواطن خنيفر الرشيدي.
واعتبر المواطن خنيفر الرشيدي الحكم بتعويضه منصفا، مشيرا إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة السابق أنصفه في ذلك الوقت، حين أصدر توجيهاته بإطلاق سراحه من السجن، استجابة لشكوى الرشيدي أثناء فترة محكوميته.
وأكد المحامي سلطان بن زاحم لـ«عكاظ» أن «الحكم دليل عملي جازم على أن المملكة تقر مبادئ حقوق الإنسان وتحفظ كرامته ضد أي مسؤول يستخدم سلطاته في فرض قرارات غير صائبة»، موضحا أن قرار المحكمة الإدارية تضمن إثبات تنازل جد المدعي عن البئر كوقف للمسلمين، وأن الناظر عليها هو أحد ورثة موقفها، بحيث يتولى رعايتها وحمايتها.
الدعاوى الكيدية
أما عضو مجلس الشورى والمستشار القانوني الدكتور فهد العنزي، فأوضح أن «رد الاعتبار» له مجالات متعددة، منها: ما يتعلق بالدعاوى الكيدية، وهي الدعاوى التي يكون الهدف منها الكيد بالخصم والحصول منه على حق غير مشروع أو تشويه سمعته أو إزعاجه دون سبب مشروع، وهي تختلف عن الخطأ الذي يتوهم بموجبه شخص أن له حقا في مواجهة شخص آخر فيقوم برفع دعوى عليه، والاختلاف نابع من أن المدعي في الدعاوى الكيدية يعلم يقينا أنه ليس له حق في مواجهة خصمه وإنما هو فقط يقصد الإضرار به دون سبب مشروع، هذا بالإضافة إلى أن الدعاوى الكيدية فيها إشغال للقاضي وللمحكمة وللمدعى عليه وتفويت الفرصة على سلطة القضاء للنظر في الدعاوى الأخرى المرفوعة أمامها وتأخير البت فيها.
وأضاف الدكتور العنزي معقبا بقوله: «النظام السعودي يتصدى بدقة للشكاوى أو الدعاوى الكيدية، فقد نصت المادة الرابعة من نظام المرافعات الشرعية على أنه لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه مصلحة قائمة مشروعة»، موضحا أن المادة الثمانين من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات نصت على أن للمدعى عليه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من الدعوى ولا يستحقه إلا في حال ثبت كذبها، وبالنسبة للقاضي فإنه إذا ثبت له أن الدعوى كيدية فهو يرد الدعوى ويحكم على المدعى الكائد والكاذب بالتعزير.
التعزير واسع
وأكد الدكتور العنزي، أن «هذا يمثل رد لاعتبار المدعى عليه الذي تضرر من الدعوى الكيدية»، مبينا أن «التعزير بابه واسع، كما أن التعويض له صور كثيرة، أهمها: التعويض المالي، فمثلا التاجر الذي يتضرر من رفع دعوى كيدية تتضرر بها سمعته فبإمكانه المطالبة بالتعويض عن الخسائر المالية التي تعرض لها، مثل: إلغاء طلبات الشراء، وإحجام الناس عن الشراء منه، أو الموردين عن التوريد له، وهلم جرا».
وقال الدكتور العنزي مضيفا: «كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1406هـ والذي أكد أن رفع الشكاوى حق لكل شخص فإنه نص على: أن من قدم شكوى في قضية منتهية بحكم أو قرار يعلمه وأخفاه في شكواه، فيجوز إحالته للمحكمة المختصة لتقرير تعزيره».
وأضاف: «من اعترض على حكم أو قرار نهائي مكتسب القطعية بقناعة أو تدقيق من جهات الاختصاص وثبت لدى المحكمة أنه لم يقدم وقائع جديدة تستوجب إعادة النظر في الحكم أو القرار، فيؤخذ التعهد اللازم عليه في المرة الأولى بعدم الاعتراض على الحكم أو القرار، فإذا تكرر منه ذلك يحال إلى المحكمة المختصة للنظر في تعزيره».
وبين الدكتور العنزي، أن «المادة الرابعة من قرار مجلس الوزراء نصت كذلك على أن من تقدم بدعوى خاصة وثبت للمحكمة كذب المدعي في دعواه، فللقاضي أن ينظر في تعزيره، وللمدعى عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذه الدعوى».
إثبات الضرر
على صعيد متصل، أوضح المحامي بندر المحرج أن «رد الاعتبار» يكون بطلب يتقدم به من صدر بحقه حكم مكتسب للصفة القطعية وتم تنفيذه فعلا ويكون ذلك في القضايا الجنائية.
وقال المحرج لـ «عكاظ»: «يقدم الطلب إلى الحاكم الإداري مرفقا به صورة الحكم وما يفيد بأن الحكم قد تم تنفيذه فعلا، وإذا تعلق بحقوق خاصة يرفق معه ما يثبت الوفاء بها أو تنازل أصحابها، ومن ثم يحال إلى اللجنة المختصة بذلك التي بدورها تدرس الطلب ومرفقاته ثم تقرر ما يجب حياله».
وأضاف المحرج: «كل من أقيمت عليه دعوى باطلة أو كيدية وثبت ذلك له التقدم إلى المحكمة الجزئية في المنطقة التي يقع فيها المدعى عليه ويقيم دعوى ضده يطلب فيها بتعزيره لقاء الدعوى الكيدية والتعويض عما لحق به من ضرر مادي أو معنوي، علما بأن طلب التعزير هنا هو حق عام، وطلب المتضرر لهذا الحق من باب تحريك الدعوى العامة والتي من المفترض أن يباشرها بعد ذلك المدعي العام بطلب من ناظر القضية».
وقال المحامي المحرج معقبا: «هنا مسألة في حال طلب التعويض عن الدعوى الكيدية لابد من إثبات الضرر الذي نتج عن الدعوى الكيدية أو الباطلة».
أما فيما يخص استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة، فأوضح المحرج بقوله: «هي من القضايا التي تختص هيئة الرقابة والتحقيق بها وتنظرها المحكمة الإدارية، ومسألة العقوبات فيها خاضعة للنظام حال ثبوت المخالفة أو الجريمة».
ولكن المحامي المحرج يطالب بزيادة الحد الأعلى في هذه العقوبات الذي يحتاج إلى موافقة من الجهات المختصة بعد الدراسة، مؤكدا أن «العقوبات المقررة غير كافية وغير رادعة، ومن الضروري إضافة عقوبات أخرى خاصة في قضايا استغلال النفوذ يتم من خلالها التحقيق مع من تدور حولهم شبهة الإفادة من الجريمة من المقربين من المتهم».
وفيما يخص العقوبات التي تفرض على المدعين في الدعاوى الكيدية، بين المحرج أنها «تختلف باختلاف الضرر الذي نتج عن تلك الدعاوى لا سيما إذا تكرر الفعل من المتهم بالدعوى الكيدية، فهنا يفترض أن تكون العقوبة أكبر حتى يتحقق الرد».