المشهد الثقافي السعودي

شتيوي الغيثي

من يحاول قراءة المشهد السعودي فإنه سوف يضطر إلى مقارنته مع المشهد العربي ككل، ومن الملاحظات الأولى أن هناك فرقا بين المشهد الثقافي السعودي والمشهد الثقافي العربي، وهذا الفرق ناتج عن الفارق في عمق التحولات بين الأول والثاني، صحيح أن المشهد المحلي يؤثر ويتأثر في المشهد العربي إلا أنه بالمقارنة مع المشهد العربي يبقى أقل من الناحية التاريخية لمثيله المشهد العربي، وإن كان الفارق في درجة الوعي متقاربة بين المشهدين مما يطرح تساؤلا عن السبب الذي جعل من مشهدنا المحلي والعربي يراوح مكانه، فالقضايا المطروحة في الثقافة السعودية أيام الخمسينات والستينات هي ذاتها التي طرحت أيام الثمانينات والتسعينات وما بعد الألفين، وهذا الحال أيضا يكاد ينطبق على المشهد العربي، إذ إن ما طرح أيام النهضة ما زال على حاله لم يؤثر في العقل العربي، هذا إذا لم نقل إنه تراجع لصالح القوى التقليدية. المشهد المحلي ما يزال في طور النمو الفكري، ولذلك لا نرى مشروعا ثقافيا سعوديا بحجم المشاريع الثقافية العربية، ومع ذلك فالمشهد العربي، على الرغم من مشاريعه الكبرى، إلا أنه لم يستطع أن يخطو خطوته التاريخية بعد، وعلى المشهد السعودي أن يعي هذه المسألة. الوعي التاريخي كان ينقص المشهد العربي، والوعي بالواقع ينقص المشهد السعودي، والمشهدان بقيت قراءتهما للتطور الحضاري منقوصة باستثناء المشاريع الفكرية الحديثة لمجموعة من المفكرين في دول المغرب العربي المتصلين بالفكر الغربي، الفلسفي منه بالخصوص، لكنها مشاريع ما تزال في إطار الكتابات النخبوية مما يجعل تأثيرها محدودا على المدى القريب.
وعلى هذا الأساس كانت أفعال المتغيرات السعودية تدور على المستوى الثقافي أكثر منه على المستوى الاجتماعي؛ إضافة إلى أنها ما تزال تعالج قضاياها القديمة ذاتها ولا تستطيع تجاوزها. هذا غير أن التغيير كان في إطار النخبة أكثر من العامة وتأثير النخبة في السعودية، سواء كانت سياسية أو دينية أو ثقافية أكثر من الفاعل الاجتماعي حتى أن صوت المجتمع غاب في معمعة صوت النخبة، الإشكالية أن هذه النخبة لم تكن بالوضع المطلوب بحيث سمحت أن يبقى المجتمع على ما هو عليه لتحقيق مصالحها الخاصة.