فقدُ البصيرة

رندا الشيخ

تستفزني بعض المواقف والتصرفات لدرجة قد تدفعني في بعض الأحيان إلى الضحك الهستيري! وأحيانا تتملكني رغبة شريرة في صفع من أمامي أو هزه هزة قوية وأنا أصرخ بالقول: افتح عينيك! ألا ترى؟ ألم تفهم بعد! أين ذهب عقلك!
ما سبق ليس مشهدا دراميا من مسلسل رمضاني ركيك تكررت فيه الوجوه وتشابهت فيه الأحداث، بل حقيقة غريبة جدا لا أعلم إن كنت قد لاحظتها قبلا ــ أيها القارئ العزيز!، فهل تساءلت يوما عن السبب الذي يدفع البعض لارتكاب ذات الأخطاء، والوقوع ضحايا لذات الأشخاص، وتكرار الأفعال التي تؤدي إلى نفس النتائج التي لا يريدونها؟
ألم تندهش من فكرة أننا محاطون بمخزون كبير من الخبرات التي نستقيها من تجارب غيرنا وقصص من حولنا، ومع ذلك يقع البعض منا في دوامة يعلم أولها وآخرها؟ هل سألت نفسك لِمَ يسلك البعض طريقا يعلمون تماما أن من سلكوه قبلهم لم يصلوا إلا إلى الفشل والألم والندم؟ إن لم تفعل سأخبرك، إنه الغرور ــ يا سيدي. نعم الغرور.
وقد يختلف معي من يقول بأن السبب هو الجهل الذي يتحجج به الكثير، إلا أن ذلك الجهل انتفى في اللحظة التي علموا فيها بما مررنا به وما عانيناه بسبب الأفعال التي قمنا بها، أليس كذلك؟
لذا أقول بأن الغرور هو السبب الذي يدفع غيرنا لتقليدنا وتكرار حماقاتنا باختلاف التفاصيل، ثم البكاء لاحقا حين يدفعون الثمن! فهو يعمي بصيرتهم ويوهمهم بقدرتهم على القفز في حوض يمتلئ بأسماك القرش البيضاء الجائعة، دون التعرض لأي أذى، رغم أننا كدنا نفقد حياتنا أمام أعينهم! إنها تلك البالونة التي تحملها صدورهم وتمتلئ زهوا وكبرا، ولا تلبث أن تنفجر في وجوههم وتنزع ثوب وقارهم الزائف، وتفضح قلة وعيهم بأنهم سيعيشون حياة واحدة وقصيرة لن تكفي أيامها لتصحيح كل الأخطاء والتعلم منها، وبأن ملاحظة الآخر بدقة والتعلم من أخطائه هي ما يجمل حياتنا ويسمو بأرواحنا ويلبسنا ثوب الحكمة النفيس. أختم حديثي بتساؤل يقول: أوليس فقد البصر أهون من فقد البصيرة؟.




Randa_sheikh@yahoo.com