الراتب الثالث عشر

عبدالله يحيى بخاري

فى كثير من الدول، يحصل موظفو وعمال القطاع العام والخاص على ثلاثة عشر راتبا فى العام. طبعا المعروف أن عدد الأشهر هو اثنا عشر شهرا فى السنة، ولكن يحصل هناك الموظف أو العامل على راتب شهر إضافي واحد مع نهاية كل عام. ويمثل هذا الراتب الإضافي مكافأة سنوية، أو تحفيزا مناسبا للمزيد من الإنتاج والحماس للموظفين والعمال. وعادة ما يأتي هذا الراتب الثالث عشر الإضافي مع بداية أوقات العطلة الصيفية، فيضيف البهجة والسرور على قلب الموظف أو العامل، إذ إن هذه المكافأة سوف تساعده على قضاء عطلة صيفية مريحة هو وعائلته دون أن يضطر إلى الاستلاف أو إلى قضاء الإجازة في منزله أو في الحدائق العامة.
وبصرف النظر عن مستوى الدخل أو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص، فالمعروف أن الإنسان يفرح دائما بالهدية عندما تأتيه في أي وقت، سواء أكانت متوقعة أم لم تكن. فما بالك عندما تأتي هذه الهدية على شكل دخل مالي إضافي، وفي الوقت المناسب.
في وطننا العطاء، هناك بعض المؤسسات والشركات تقدم لموظفيها ما يسمى (BONUS) أي مكافأة سنوية أو موسمية، تقتطع من الأرباح، مثل البنوك وأرامكو وبعض شركات القطاع الخاص. كما يحصل موظفو الدولة على علاوة سنوية على رواتبهم، وإن كان بنسبة محدودة جدا تكاد لا تذكر ولا تغني أو تسمن من جوع، خاصة في بعض المراتب السفلى، ولكن التقليد المعروف براتب المكافأة السنوية فهو غير مطبق في الدوائر والأجهزة الحكومية.
أما الزيادة في الرواتب على فترات متباعدة، كما رأينا منذ أكثر من عامين، فينتج عنها تداعيات مسيئة ونتائج غير مرغوبة، مثل أن يزداد جشع التجار فيرفعون الأسعار، أو يطبقون حيلا سوقية أخرى يمتصون من خلالها تلك الزيادة في أسرع وأقصر وقت ممكن.
المشكلة التي تنتج عن ذلك في النهاية هي أن رفع أسعار المواد الاستهلاكية، والزيادة في تكلفة المعيشة بصورة عامة تصيب أيضا جميع الموظفين أو العاملين الذين لم يحصلوا على أي زيادة أو علاوة على رواتبهم الشهرية، فيتحملون هم أيضا الأذى الناجم عن زيادة الرواتب وبالتالي ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة الصارمة على الأسواق.
بدلا من الزيادة الدائمة في رواتب موظفي القطاع العام التي تأتي بضعة أعوام عندما تتأزم الأمور، ربما يكون من الأفضل تطبيق نظام المكافأة السنوية المتمثلة في راتب الشهر الثالث عشر وربما أيضا راتب الشهر الرابع عشر على جميع موظفي ومنسوبي الدولة.
بالطبع لن يمنع هذا التقليد الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات، ولكنه سيحد منها كثيرا مقارنة بالزيادة الدائمة للرواتب. فبما أنها علاوة أو مكافأة لمرة واحدة في العام، مع نهاية شهر شعبان مثلا، لن يعطي ذلك مبررا وحافزا لإيقاظ شهية التجار وجشعهم للاستحواذ على هذه المكافأة الموسمية، خاصة إذا استيقظت حماية المستهلك من سباتها الدائم وفرضت رقابة صارمة مستمرة وعقوبات مؤثرة على زيادة الأسعار ونقص المواد الاستهلاكية.
للتوضيح، لست من المعترضين على فكرة زيادة رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام، ولكني للأسباب التي سبقت أفضل منح مكافأة سنوية تتمثل في راتب الشهر الثالث عشر وربما أيضا راتب الشهر الرابع عشر للموظفين والعاملين، بعد تنظيمها وتقنينها.
ومع ذلك، لا تحجب الزيادة في الرواتب فكرة تطبيق الراتب الشهري الإضافي في نهاية العام، أو العكس.


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة