الهدر المالي

خالد بن علي القرني

لم يعد غريبا أننا نلاحظ بين الفينة والأخرى في مجتمعنا ظاهرة غريبة عجيبة تدعو للتأمل والوقوف أمامها، بل وتجاوز الاستغراب منها والتعجب إلى دراسة أسبابها ومعرفة الدافع إليها وسبل وطرق علاجها، وهي قيام البعض من الأثرياء والموسرين بشراء بعض السلالات من الحيوانات بمبالغ باهظة تصل إلى ملايين الريالات، فهذا يشتري ناقة من سلالة معينة بمئات الملايين، وذاك يشتري تيسا له شكل مميز، وآخر يشتري صقرا حرا بمبلغ باهظ أيضا، وقد نفاجأ بمن يشتري حيوانا مفترسا أو كلبا أو قطا كذلك، وكلها بمبالغ كبيرة، ولم نعد نستغرب أيضا في مجتمعنا أن نجد من يقوم بشراء سيارة فارهة ببضعة ملايين من الدولارات للمباهاة والاستعراض، وهذا ما نلاحظه في مجتمعنا ومجتمعات أخرى!! والحقيقة أن مثل هذه التصرفات والصفقات لها الكثير من السلبيات والنتائج غير الإيجابية على المجتمع، كما أنها غير مجدية على الصعيد الاقتصادي، بل تعد هدرا للمال الذي يمكن الاستفادة منه في أوجه كثيرة مفيدة وتتفق مع منهاجنا الشرعي والاقتصادي البعيد عن الإسراف والتبذير وتبديد المال بطرق غير مناسبة وسلبية، كما أنني أسال كل من يقوم بمثل هذه التصرفات ألا يعلم أن في مجتمعنا الكثير من الفقراء والمعدمين ومن لا يجدون قوت يومهم، وفي مجتمعنا العديد من الأرامل والمطلقات والمساكين ومن يعانون من ضيق ذات اليد، وفي مجتمعنا أيضا الكثير من الأيتام والمقطوعين وذوي الفئات الخاصة، ولدينا العديد من المرضى ممن هم بحاجة إلى الدعم ومد يد العون، وفي مجتمعنا أيضا أعداد كبيرة من الشباب والشابات ليس لديهم وظائف ويعانون من البطالة وانعدام فرص العمل المناسبة!!
أما كان الأجدر بصرف هذه الملايين التي تهدر على مثل الصفقات السابقة على مثل هذه الحالات ليكسبوا خير الدنيا والآخرة ويستثمروا في أبناء وبنات بلادهم خير استثمار، وبما يتفق مع ديننا وقيمنا ويفعل مبادئ التراحم والتعاون ويعود على الجميع بالخير العميم.
خاتمة:
قال عمر بن عبدالعزيز لأحد أبنائه وأقربائه حينما بلغه أنه اشترى خاتما فصه بألف درهم، بعث إليه يقول: أما بعد: فقد بلغني أنك اشتريت خاتما فصه بألف درهم، فإذا بلغك كتابي هذا، فبعه، وأطعم بثمنه ألف جائع، واشتر خاتما فصه من حديد، واكتب عليه: «رحم الله امرأ عرف قدر نفسه».
* أكاديمي سعودي