من حـرّف علامات الجمال !!

رؤى صبري

ما من شك أن الجمال ومقاييسه تختلف باختلاف الثقافات والحضارات والشعوب، ولكل منها نظرته للمرأة إن كانت جميلة أم لا، فقد يرى الأفريقي الذي يعيش في الأدغال أن المرأة هناك أجمل بكثير من بقية نساء العالم وقد ينظر إلى المرأة القوقازية مثلا على أنها خالية من أية ملامح جمالية تذكر، وهذا يسري بالطبع على بقية شعوب الأرض، وهو ما يؤيد مقولة أن الجمال نسبي يختلف من شخص لآخر، ومن ثقافة لأخرى، وما يؤكد ذلك أن الله حين خلق بنات حواء رسم في وجه كل واحدة منهن آية من آيات الجمال، لكنا نحن بفطرتنا وخلفياتنا التي ذكرتها سابقا أخذنا نحدد سمات الجمال وعلاماته، وهي التي تغيرت اليوم بفعل التطور التكنولوجي وسياسة الإبهار البصري الموجه عبر وسائل الإعلام المختلفة، حيث صار الأغلبية يستدلون على جمال المرأة بمواصفات أخرى تكاد لا تمت للجمال بصلة، وهذا بدوره أدى إلى عدم شعور بعض النسوة بالرضا عن الشكل الذي خلقهن الله عليه، فأوعزن إلى مشرط الجراح ليعدل وينحت في وجوههن وأجسادهن كي يظهرن بأشكال جديدة تتناسب وما يشاهده الرجل عبر وسائل الإعلام والشبكة العنكبوتية في محاولة غبية منهن لإرضاء غروره ورغباته.
المشكلة الحقيقية أن كثيرات من النساء لا يعين مخاطر عمليات التجميل، فعملية الشفط مثلا تحتاج بعدها إلى عمل رياضة مكثفة وهذا ما تفعله نجمات السينما والفن اللاتي يلجأن لمثل تلك العمليات وذلك حتى تكلل العملية بالنتائج المطلوبة، والأدهى من ذلك أن كثيرات منهن يلجأن للعمليات كاختيار أول بينما هي في الواقع من المفترض أن تكون اختيارا أخيرا لمن باءت محاولاتها بالفشل.
أقول ذلك بعد أن احتلت المملكة بحسب بعض التقارير المرتبة الأولى عربيا في عدد عمليات التجميل، وفقا لإحصائية أنجزتها الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، ولوحظ ارتفاع إقبال السعوديات على عمليات التجميل، وتحديدا الشابات منهن بين سن الـ 19 والـ 30 عاما كما أن مجموع العمليات التجميلية التي أجريت في المملكة، بلغت 141 ألف عملية خلال عام 2010 فقط.
وتعد هذه الحقيقة مصيبة خاصة أن ظهور الفنانات بمظهر جديد بعد وقت قصير من الزمن يشجع فكرة عمليات التجميل لدى الفتيات والنساء ويبدأن يحلمن بالاستيقاظ ليجدن أنفسهن أجمل وأروع مما هن عليه غير مدركات أن هذه العمليات لها عدة مخاطر مثل النزيف أو الالتهابات هذا إذا حالفهن الحظ بوجود طبيب تخدير يعي ما يفعله خاصة في المسشتفيات الخاصة.
ومع انتشار العيادات المتخصصة بالتجميل يصبح من الصعب معرفة مدى خبرات الطبيب وقدرته وهناك نسبة كبيرة من النساء صرحن بأن العملية لم تضف لهن شيئا خاصة مع عمليات تجميل الأنف..
وأنا هنا لا ألعب دور الواعظ لكن هناك مشكلات حقيقية تحتاج للمعالجة كالسمنة والتي بلغت ثلاثة ملايين مريض مصاب بالسمنة المفرطة بينما تحتل المملكة المرتبة الثالثة عالميا، وبالتأكيد كل الأطباء يؤكدون أن معضلة السمنة ليس لها حل جذري سوا تنظيم الغذاء والرياضة المنتظمة بينما تعتبر العمليات أشياء تكميلية قد تنجح وربما تفشل وتسبب إحباطا كبيرا للمرأة مما يؤثر سلبا على حالتها النفسية وتعود لنقطة ما تحت الصفر بل قد تنتقل من شكل مقبول إلى وجه قبيح وحينها لن تكون هناك أي عملية تصلح ما أفسده «الجراح».