دبلوماسية الأريحية الواسعة

حمود أبو طالب

ذكرني سفيرنا في إيطاليا الأستاذ صالح بن محمد الغامدي بموضوع خطر في بالي كثيرا، وسألت عنه نفسي وغيري مرارا، فلم أجد له تفسيرا ممكنا سوى أننا مقصرون في أخذ حقوقنا من الغير، ومتهاونون في تصحيح معاملة الغير لنا عندما لا تكون في مستوى معاملتنا له، بل وغير لائقة بنا وبما نقدمه له..
يوم قبل أمس الخميس نشرت عكاظ حوارا مع السفير الغامدي بمناسبة الاحتفالية التي أقمناها في إيطاليا بمناسبة مرور ثمانين عاما على العلاقات بين البلدين، وكان من ضمن الأسئلة الموجهة له السؤال الآتي: «خلال العام القادم سيحصل مواطنو بعض دول الخليج على تسهيلات تسمح لهم بدخول دول الاتحاد الأوروبي من دون تأشيرة «شنغن» فماذا بالنسبة للسعودي؟».
وكان جواب السفير: نحن أيضا لدينا رغبة وتوجه نحو الخوض في الإجراءات اللازمة مع الدول الأوروبية لإعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول إلى أوروبا وسيتم العمل عليها قريبا..
بكل تأكيد لا يمكن تحميل سفيرنا في إيطاليا أكثر من مسؤولياته المحددة، وعندما يقول السفير إنه توجد «رغبة» و«توجه» فذلك يعني أن الموضوع لم يصل إلى نقطة البداية بعد، بينما الآخرون أوشكوا على وصول نقطة النهاية، ومفردة «قريبا» في ثقافتنا المحلية أنتم أدرى بمعناها، فقد يكون القريب بعد عام أو عقد أو قرن من الزمن، ولهذا لا بد أن نسأل لماذا لا زالت تلك الدول وغيرها تتعامل معنا بشكل استثنائي؟؟
المملكة تمثل أخصب بيئة استثمارية لمعظم دول الاتحاد الأوروبي، شركاتهم تنفذ مشاريع بمبالغ فلكية لا يمكن أن تحصل عليها من أي دولة أخرى، جامعاتهم تستقبل أكبر نسبة من المبتعثين من شبابنا، السياحة السعودية تضخ المليارات في اقتصادهم طوال العام، وأهم من هذا وذاك أن المملكة رقم مهم جدا في معادلات السياسة والاقتصاد العالمي، ومع ذلك لا زالت دول الاتحاد الأوروبي (ولا ننسى أمريكا) تعامل السعودي بشكل استثنائي عنوانه الريبة والشك، وربما الانتقاص..
بصراحة، لا ألوم تلك الدول بقدر ما ألوم الجهات المسؤولة عن حقوقنا كسعوديين في الخارج. أصبحنا نتوسل السفارات من أجل التأشيرة، وتحولنا في المطارات إلى مشبوهين حتى يثبت العكس، وصار الجواز الأخضر مريبا بعد أن كانت كل البوابات مفتوحة له.. ليس كل الشعب السعودي من شارك أو ناصر ما حدث في 11 سبتمبر الذي لا يعلم حقيقته إلا الله ومن فكر فيه ونفذه، هذا إذا كانت وصمة ذلك اليوم يراد لها أن تطاردنا. وأيضا ليس كل الشعب السعودي بدائيا وهمجيا ومتخلفا لأنه حتى في أكثر دول العالم تحضرا توجد هذه النماذج، فما المشكلة إذن؟؟
المشكلة في المثالية المفرطة، والأريحية الواسعة، ولولا ذلك لما كان العنوان العريض لحوار عكاظ مع سفيرنا في إيطاليا: «سفيرنا في إيطاليا.. علاقة المملكة بإيطاليا ثابتة لا تتغير»!!!
habutalib@hotmail.com

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250
موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة