الهيئة وإعادة هيكلة

محمود المدني

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الشعائر المهمة في الإسلام وبسببه نالت هذه الأمة عظمتها، حيث قال تعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله». فإذا فشا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عرفت السنة من البدعة، وعرف الحلال من الحرام، ونشأ المجتمع متقربا الى الطاعات ومبتعدا عن المنكرات. ففي كثير من تلك المجتمعات التى لا يوجد بها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر نرى جهلا كبيرا وانتشارا للفساد، وعندئذ يحل بالمجتمع عذاب وهلاك. وقد قال في ذلك عليه الصلاة والسلام «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم»، ولذلك أمر الله تعالى في كتابه العزيز بتفعيل تلك الشعيرة حيث قال تعالى «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولـئك هم المفلحون»، وبلادنا ولله الحمد والمنة امتازت بوجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرجالاتها يقومون بواجب عظيم في دفع الفساد عن المجتمع، فكم من جريمة ابتزاز استطاعوا إيقافها ؟؟ وكم من قضايا اختلاط واختلاء تم الستر على أصحابها ؟؟ .. وذلك غيض من فيض لما يقومون به من إنجازات وأعمال تصون الفرد والمجتمع.
غير أنه لا بد من الإشارة إلى أن الأوان قد حان لتقنين أعمال الهيئة بقوانين واضحة وأنظمة صريحة تحدد أنشطتها وصلاحيتها، وتبين مسؤولياتها حتى لا يكون هناك تداخل بين الهيئة والجهات الرسمية الأخرى في الاختصاصات، ومثال ذلك قضايا المخدرات أو جرائم الحرز للممنوعات أو غيرها من الجرائم المتداخلة في التخصص مع جهات مسؤولة أخرى، وذلك لأن عمليات القبض والمداهمة والتفتيش والمطاردة وغيرها من الإجراءات تخضع لعدة أنظمة منها نظام الإجراءات الجزائية والذي نص في المادة الثانية على أنه «لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة، ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسديا، أو معنويا، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة»، والمادة الثالثة من نفس النظام تنص بـأنه «لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما وبعد ثبوت إدانته بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقا للوجه الشرعي»، والشاهد من ذلك أن الوقت قد حان لتأهيل وتدريب الكفاءات التي تعمل في الهيئة لأنها تتعامل مع الجمهور وتحتك بشكل مباشر مع المجتمع، وذلك لا يتحقق الا بنظام واضح وقانون صريح يشرح لأعضاء الهيئة والمجتمع على السواء التزاماتهم وحقوقهم ومسؤولياتهم واختصاصاتهم حتى لا يخرق أحد النظام وعندئذ تتحقق صيانة الفرد والمجتمع.