دهليز العقل

سامي خميّس

حينما تستريح وتتكاسل الرؤى والأفكار في دهاليز العقول تتجعد وتضمر إلى أن تتلاشى وقد تكمن وتتعفن وتظهر وتهب علينا أعاصيرها على أشكال واتجاهات لم نكن نعرفها من قبل، تطرف مطلق، تطرف فكري، غلو ديني، فكري، سياسي، اجتماعي، لو انتشر في مجتمعنا لعادت بنا عجلة التطور آلاف السنين إلى الخلف، تظهر هذه الفقاعات مع الأسف في الوقت الذي نحتاج فيه إلى مضاعفة تروس عجلات بناء المجتمع إلى ملايين التروس لنلحق بمن سبقونا.
وفي هذا المجال رأينا مؤخرا من يؤجرون عقولهم للغير الذين نصبوا أنفسهم دعاة لكل شيء وهم في واقع الأمر مدعون، مضللون، يرتدون أقنعة لكل زمان ومكان ولكل موقف، يرتدونها ليداروا بها جبنهم وخوفهم من المواجهة.
هذه الفئة احتضنت من أجروا عقولهم وقذفت بهم في قاع المجتمع وسطحه على أشكال قنابل تفجر وقتما يريدون لا لشيء سوى للعفن الذي عشعش في عقولهم المريضة بعد أن تمت السيطرة عليها طوعا أو كرها.
إذن فإن العقل تلك النعمة التي أنعم الله بها علينا وميزنا بها عن سائر مخلوقاته، هذه النعمة بالطبع لا يوازيها شيء لأنها هي أساس حياتنا ومن غير العقل السليم تصبح حياتنا وبالاً علينا، لذا فإن هذه النعمة العظيمة يجب أن نستغلها استغلالا مفيداً.
لقد قسم الله سبحانه وتعالى العقول بين عباده كما قسم الأرزاق، فسعيد مغتبط بعقله وشقي معذب يهديه عقله إلى الخير أو الشر.
أكرر إن العقل من أعظم النعم على العبد فإذا تم العقل تم معه كل شيء وإذا ذهب العقل ذهب معه كل شيء.
ولعلنا نعلم أن كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل فإنه إذا كثر غلا. وصدق الله العظيم حينما قال في محكم تنزيله:
(أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألْباب)

sami@khumaiyes.com