العرب والأفارقة.. من يعرف الآخر أكثر؟

محمد الحربي

التقيت خلال القمة العربية الأفريقية الثالثة المنعقدة في دولة الكويت الشقيقة بعدد من السياسيين والسياسيات والمثقفين والمثقفات والإعلاميين والإعلاميات الذين كانوا يمثلون 71 دولة عربية وأفريقية، ودارت بيننا نقاشات كثيرة حول المؤتمر وطرحنا عدة أسئلة مثل:
- هل الحاجة هي للدعم والاستثمارات فقط؟
- هل التقارب السياسي هو الأهم؟
- هل تمثل الدول العربية والأفريقية في القارتين الجارتين أنموذجا حيا للتقارب الإنساني؟
وغيرها من الأسئلة التي اكتشفنا في نهاية نقاشاتنا، أننا وإذا ما كنا نمثل عينة من شعوب تلك الدول متفقون على أننا لم نعرف بعضنا بما يكفي كشعوب ولم نتقارب على المستوى الثقافي والاجتماعي بما يكفي لتحقيق التقاربات السياسية والأمنية والاقتصادية.
وكانت كل حلقة نقاش تدور على هامش بين الإعلاميين بعضهم بعضا أو بين أعضاء الوفود المشاركة من كافة الدول، تلمس هذا الجانب بقوة وتعزف على وتر بالغ الأهمية «أريد أن أعرف من أنت لأقرر التقارب معك من عدمه»، في إشارة واضحة لضعف آليات التواصل على المستوى الثقافي والمعرفي بين شعوب هذه الدول، نتيجة غياب القنوات التلفزيونية الموجهة من العرب لدول أفريقيا والعكس، ونتيجة لضعف أداء الاتحادات المتخصصة كاتحاد الكتاب واتحاد الصحفيين واتحاد الإعلاميين لدى العرب وأفريقيا على حد سواء، والاكتفاء بالقمم التي تعقد على فترات متباعدة جدا، فما بين القمة الأولى والثانية ثلاثة عقود من الزمن وأجيال ذهبت وجاءت أخرى.
أبناء العرب وأبناء أفريقيا يحملون رؤية مشتركة نحو ما يريدون التقارب حوله، يريدون تواصلا دوريا على مستويات أصغر من القمم، وأهم تأثيرا منها، ويريدون أن يقرأ كل منهم ثقافة الآخر ويعرفه عن كثب ويواكب كل منهما مستجدات الآخر عن طريق قنوات بث حي تنقل كل منهما إلى مكان الحدث الذي يحركه أو يحرك الآخر.
هذه الرؤية التقاربية تراها عينة من الناس يمثلون شعوب تلك الدول، ويرون أنها أهم بكثير من التقاربات السياسية والاقتصادية وغيرها، بل يجزمون أن هذه التقاربات من شأنها أن تدعم وبقوة أي تقاربات أخرى يسعى إليها قادة دولهم؛ لأنها ومن وجهة نظرهم تكون القاعدة الشعبية المساندة لاتخاذ القرار، وتمهد لأي نوع من التقارب بعد ذلك.
أحد الشباب قال لي «يا أخي فرنسا تعرف عنا أكثر مما تعرفونه عنا أنتم العرب ونحن نتحدث ذات اللغة وندين بذات الدين»، قلت له: «ذاك شأن المستعمر يا صديقي ليس في أفريقيا وحدها، وفرنسا تعرف عن دول عربية لم تستعمرها ربما أكثر مما تعرفونه أنتم، ولكن تجاهل أو بعد كل منا عن الآخر إذا ما استمر، فبالتأكيد أن نتائجه ستفضي إلى ما هو أكثر سوءا مما أفرزه الاستعمار في جوانبه السوداء».
نحن بحاجة إلى أن نتقارب ثقافيا واجتماعيا وإعلاميا وأن نؤثر بعضنا بعضا بالاستثمارات والدعم المالي الكبير ممن لديه فائض عن الحاجة إلى المحتاج حتى لا يرتمي في أحضان من لا يزيد وباله ووبالنا إلا وبالا.