تحصين 13 ألف مبتعث من الانحراف في أستراليا

صغر سن الطالب سبب انتشار التيارات المعادية.. سفير المملكة في كانبيرا لـ«عكاظ»:

تحصين 13 ألف مبتعث من الانحراف في أستراليا

حاوره: ناصر الطلحي (كانبرا)

أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أستراليا نبيل بن محمد آل صالح أن تحصين المبتعثين والمبتعثات من الانحرافات الاجتماعية والأخلاقية والفكرية يأتي في مقدمة اهتمامات السفارة والملحقية الثقافية. وقال في حديث لـ«عكاظ» إن «المشكلة الخطيرة التي نحاول درءها عن المبتعثين هي تقليد ثقافة دول الابتعاث، بما يضيع الهوية الدينية والثقافية لديهم».
وكشف أنه من خلال الحالات التي تباشرها السفارة ومعايشتها لأحوال المبتعثين فإن أكثر أسباب انتشار التيارات المعادية للقيم والأعراف يكمن في صغر سن الطالب وضعف الحصانة لدى بعضهم بما يزرع لديه رغبة نحو التجديد والتبديل.. فإلى نص الحوار:


• كيف يمكن تحصين شبابنا المبتعثين في الخارج من الأفكار المنحرفة والمحرضة على أمن الوطن؟
- في البداية اشكر صحيفة عكاظ على اهتمامها بشؤون المبتعثين السعوديين في استراليا وغيرها، ونؤكد أن سفارة خادم الحرمين الشريفين في أستراليا تتابع بتنسيق كامل مع الملحقية الثقافية ورؤساء الاندية الطلابية شؤون اكثر من 13 ألف طالب وطالبة مبتعثين للجامعات الاسترالية، وهناك فريق عمل من السفارة يقدم كل ما بوسعه من اجل تقديم انطباع متميز عن المبتعث السعودي القادم لأستراليا.
• هل يعني ذلك انه لا توجد ملاحظات سلبية على المبتعث السعودي؟
- هناك بعض السلبيات البسيطة جدا، والتي لا تذكر اذا ما تمت مقارنتها بالكم الكبير من الايجابيات، لذلك استطيع ان اؤكد ان رصيد طلابنا وطالباتنا من التفوق والانجاز كبير جدا ومشرف بشهادة المؤسسات التعليمية والجامعية التي يدرسون بها، وهذا بفضل الله تعالى ثم بفضل الدور الكبير الذي يقوم به افراد السفارة في توعية الطلاب السعوديين الذين نقدر لهم تعاونهم والتزامهم بأنظمة وقوانين استراليا، تجنبا للوقوع في أية اشكالات. وكما هو معلوم لدى الجميع أن هناك العديد من الملتقيات داخل المملكة موجهة في الاساس للطلبة المبتعثين للخارج، تشارك فيها الكثير من الجهات ذات العلاقة مثل وزارة الخارجية ووزارة التعليم العالي والقطاعات المعنية، والهدف منها تأهيل وتوعية الطلاب المبتعثين وتعريفهم بالصعوبات التي قد يواجهونها في الخارج، وتقديم الحلول المقترحة بشأنها، إضافة إلى التأكيد على مسؤولياتهم في تقديم الصورة الايجابية عن وطننا الغالي في الخارج، وتعريفهم بالأنظمة والقوانين في دول الابتعاث وأوجه اختلافها عن المملكة، والبيئة التعليمية في الخارج وأنظمتها ومسؤولية المبتعث والدور المأمول منه.
• وما دور السفارة في حماية المبتعثين من الانحرافات سواء الاجتماعية والأخلاقية أو غيرها بما يحصنهم من الافكار غير السليمة؟
- حماية طلابنا من الانحرافات بمختلف مسمياتها تأتي في مقدمة اهتماماتنا، والمشكلة الخطيرة التي يجب الا يقع فيها المبتعث هي التقليد الاعمى لثقافة دول الابتعاث، وكما يعلم الجميع انه بفعل موجة العولمة اصبح تجاوز الاطار الضيق للعالم نحو الكونية والعالمية سهلا وفي متناول اليد، لأن وسائل الاعلام والسياحة والبعثات التعليمية يمكن ان تلعب دورا خطيرا في نقل التيارات المعادية لقيم الطالب المبتعث القادم من البلدان العربية والاسلامية المختلفة، مما يؤثر سلبا على شخصيته، ويتجلى هذا التأثير وينعكس سلبا في عدة اوجه منها على سبيل المثال ازدواجية شخصية الطالب او الفرد، وفقدان الثقة بالنفس مما يمهد للضعف وعدم المبالاة التي تقود الى الانحراف، وتغيير السلوك الاخلاقي للفرد الذي قد تنحصر مظاهره في اللبس والمأكل. ولكن الاخطر من ذلك ان تتغير قيم الدين ومبادئه وتضعف العلاقات الانسانية القائمة على التعاون والتسامح، وتنتشر القيم السلبية مثل الكذب والغرور وحب الذات والاتكالية وعدم احترام الكبير، وهذه عادات غريبة على مجتمعنا نحرص على الا يعود بها الطالب المبتعث الى بلده من خلال تهيئته نفسيا وسلوكيا واجتماعيا، كما نذكر الطالب دائما بان يدرك بأنه سفير لبلده وبالتالي هو مسؤول عن تصرفاته، واحترامه لثوابت شخصيته يوجب احترام الاخرين له، ومواكبة ما هو ايجابي والابتعاد عن كل ما هو سلبي.
• على الصعيد العملي.. ماذا تصنع السفارة تجاه هذه الحالات؟
- تساهم السفارة بادوار ومهام متعددة في تزويد الطلاب بالخبرات المتنوعة في الكثير من المجالات والمعارف والقيم، وذلك لإعدادهم لأداء الادوار المستقبلية وتهيئتهم التهيئة الاجتماعية والثقافية المناسبة للمستقبل، وبناء العقلية العلمية الرحبة، والرفع من مستوى وعيهم وثقافتهم، والتصدي للقيم السلبية السائدة في محيطهم والأخطار والتحديات المحيطة بهم، وتوجيه قدراتهم نحو المجالات الدراسية التي ابتعثوا من اجلها، وذلك وفق خطط تربوية تقوم على اسس علمية بالتعاون الوثيق مع الاندية الطلابية لغربلة الطوفان القيمي والثقافي المتدفق من العالم الخارجي للمجتمع الجديد الذي يعيش فيه الطالب السعودي.
• وما اسباب انتشار مثل هذه التيارات المعادية؟
- من اسباب انتشارها صغر عمر الطالب المبتعث وضعف الحصانة المبدئية لدى البعض منهم، والرغبة في التبديل والتجديد، كلها عوامل تقود الى التمرد على القيم والمبادئ التي جاء بها الطالب المبتعث من بلده، لذلك يحاول ايضا ان يغير هذه القيم بتقاليد من الغرب وينسلخ من قيمه العربية، ومن هنا تأتي خطورة التقليد والمحاكاة للثقافة الغربية، لذلك نعمل جاهدين على الحد منها مع الاخذ في الاعتبار ان الرسول صلى الله عليه وسلم حث على الاستفادة من ايجابيات البلدان غير الاسلامية بالسفر اليها ما لم تكن هناك مضايقات تمنع اداء العبادات.
• وهل تعايشت السفارة أو الملحقية الثقافية مع الطلاب وغاصت في تفاصيل حياتهم بهدف حمايتهم من هذه المؤثرات؟
- تحرص السفارة والملحقية الثقافية على القيام بزيارات دورية وتواصل مستمر مع المبتعثين لتنفيذ برامج مدروسة تقوم على توجيههم توجيها سليما مبنيا على الدين الاسلامي ومبادئه السمحة، الهدف منها اعدادهم عن طريق الدورات المكثفة المتخصصة وملء اوقات فراغهم بما ينفعهم من خلال عدة انشطة، مثل الندوات الفكرية والمناظرات التعليمية والإبداعية لاكتساب المهارات الاساسية التي تسهم في زيادة تحصيلهم العلمي وحمايتهم من البرامج المشبعة بالعنف والأفكار الضالة المغرضة والثقافة الهابطة لتفادي توجيهها لأغراض سياسية. وبطبيعة الحال فإن تفعيل مثل هذه الدورات التاهيلية والتدريبية للطلاب المبتعثين يعود الى تنامي ظاهرة التطرف والإرهاب التي عانت منها المملكة خلال السنوات الماضية، الامر الذي يؤكد الحاجة الماسة لتفعيل التربية الامنية في كافة اطياف المجتمع، تلافيا لسقوط الشباب والطلاب في الفتنة والتطرف ولتفادي ظاهرة تعاطي الكحول والمخدرات، حيث تدل الدراسات والتقارير على ان مشكلة تعاطي المخدرات في الدول الغربية في تزايد رغم الجهود التي تبذل في مكافحتها، ومن هنا تأتي ضرورة الاهتمام بمثل اقامة هذه الدورات والزيارات لتوعية الطلاب وإعطائهم المعلومات الحقيقية والمتوازنة حول مجمل السلبيات والتعريف بأضرارها، وعدم الالتفات لإغراءات المروجين لها والمساهمة في بناء قدرات الطلاب الفكرية والاجتماعية والسلوكية وتعزيزها وتنمية ثقتهم بأنفسهم.
• مؤكد من حديثكم أن حماية المبتعث من المؤثرات هو هدف أساس لدى السفارة.
- طبعا، فهدفنا حماية المبتعثين من التيارات السلبية الهادمة وتدريبهم على مقاومتها، لأنها تدعو الى الخروج على القانون وارتكاب الجريمة وتهديد المجتمع، اضافة الى تعريفهم بالضوابط القانونية، ونقل المعارف المتعلقة بتطبيق وتنفيذ هذه الضوابط والنتائج، كما اننا ننطلق من ان التربية هي القوة التي تضبط سلوك الطلاب في المجتمع لضمان استمراره والحفاظ على مقوماته الثقافية، وتحقيق تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية، وترسيخ القيم الاسلامية والاجتماعية، كما اضحى مفهوم التربية مفهوما شائعا في الكثير من دول العالم المختلفة، وأسفر هذا عن ظهور عدد من التجارب والإجراءات التطبيقية الرامية الى تفعيل هذا المفهوم وتحويله الى صيغ تطبيقيه في المجال التربوي، والى زيادة الاستفادة منه في تعزيز الوعي الطلابي، ويتطلب تطبيق التربية اعداد الطلاب لممارسة ادوارهم في تحقيق الضبط الاجتماعي ورفع قدراتهم الدراسية كما يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق بين السفارة والاندية الطلابية.. لذلك كثير من دول العالم تعتبر المحافظة على الهوية والثقافة الذاتيه جزءا اساسيا من العملية التربوية، وفي بعض الدول يكون هناك تنسيق منظم ومستمر بين عدة أطراف بين الجامعات وطلابها والمختصين في القضايا التربوية والدينية والامنية وعلم النفس والاجتماع الذين يقدمون الارشادات والاستشارات للطلاب والطالبات خصوصا ما يتصل منها بظاهرة العنف وخطورة تعاطي المخدرات.