الذكي من اتعظ بغيره

حمود البدر

يبدو أن الحوادث الدولية يجر بعضها بعضا. وما لم تكن هناك نباهة توقظ أولئك النائمين والناعسين؛ فلن يوقظهم إلا ما سيدور حولهم من حركات أججتها تجارب شعوب مجاورة، وقد تكون النتائج غير آمنة.
وأكبر دليل على ذلك ما تم في تونس حيث بدأت حركات أخرى في أماكن متفرقة بعضها انفجر ولا يزال يتوافد، والبعض الآخر تبدو علاماته من خلال الوسائل الإعلامية التي تتسابق إلى تأجيج من تراه يفكر في التعبير عن رأي مخالف للأنظمة القائمة.
لكن في الطرف المقابل فإن الذكي والنبيه هو الذي توقظ فيه هذه الحركات ما يوجد لديه في مجتمعه من نقائص، أو حتى تنبهه إلى ما لدى طرف آخر من تجارب فاعلة، أو أن يكون الطموح شخصيا أو قبليا.
والنتيجة لا يعلمها إلا الله. فقد يكون بعضها بناء هدفه واضح ولديه أدلة واضحة على تخاذل قادة مجتمعه عن مجارات التطور المرغوب.
وهناك الكثير ممن تعودوا النمطية وألغوها فصارت مسارهم الذي يحافظون عليه ويعززونه مهما كانت هفواته.
ولا شك أن تجربة نجحت في هذا المجتمع أو ذاك سوف تشجع الطامحين والطامعين إلى الحركة السريعة أسوة بما رأوه. فإذا لم يتحرك القائمون على الإدارة والتشغيل لتطوير أساليبهم فسيكون في ذلك التراخي ما يفتح الباب على مصراعيه (أو مصاريعه كلها) للطموحين الذين سوف يسارعون لإثارة الرأي العام وتأجيجه، كما حدث في الشقيقة مصر التي كان الهدوء والانضباط فيها سائدا لعقود من الزمن قبل تجربة تونس.
ومن ثم فإن لم يتحرك القادة للتطوير وعلاج المشكلات والابتعاد عن الهيمنة النمطية فسوف يرون ما رآه غيرهم أو قد تتعدى النتائج ما طمح فيه الذين أشعلوا المشكلة. وهناك أمثلة في أماكن متعددة أراد من أشعلوها (التطوير) فتحولت النتائج إلى (تدمير). وهذا قد يكون هو الأغلب خاصة إذا كانت الأحداث انفعالية غير مدروسة.
لذا فإن من الواجب على كل حاكم أن يستفيد من تجارب سابقيه فيتلافى السلبيات ويتبنى الإيجابيات. ومن الإيجابيات المفيدة أن يكون بين الحاكم وأفراد الشعب وخاصة ذوي الاختصاص تشاور لأن التشاور بين الحاكم وأفراد الشعب يريح الأطراف كلها في حين أن التسلط يهدم أكثر مما يخدم.
نحمد الله أن حكامنا في المملكة العربية السعودية اعتادوا على فتح أبوابهم لجلسات حوارية أسبوعية على الأقل وهي مجالس متاحة للصغير والكبير والمتخصص والعادي.
بل إن قائدنا الملك عبد الله يكرر دائما استعداده لسماع آراء أبناء شعبه، بل يكرر أهمية التناصح بين الحاكم والمحكومين.
وهذا السلوك الواضح والشفافية في أسلوب التفاعل جعلتنا والحمد لله على بينة مما يكنه الحكام، كما أن الحكام يكون لديهم وضوح وبينة مما يكنه أبناء الشعب.
نعود الى أسلوب التجمهر والهتاف والصراع وما يقود إليه من تأزم في المواقف. وما ينتج عن التأزم الذي يحطم أسلوب التفاهم البناء وتكون النتيجة كارثة.
ولو أن كل حاكم تآخى مع أبناء شعبه فسوف يجد منهم الاحترام والتقدير وسيكون حل المشكلات بالتفاهم.
وأكبر دليل ما رأيناه من حولنا في الأيام الأخيرة وما سبق ذلك من استعانة بدول أجنبية للإطاحة بحكامهم فصارت النتيجة أسوأ كثيرا مما كان وضعهم ولعل العراق ومشكلته أكبر دليل.
كما أن المبالغة في الحزبية تؤدي إلى فتح صراعات يندر أن تأتي بحلول عملية ناجحة والدليل دول من حولنا تعاني من ذلك.
أرجو الله سبحانه أن يحمينا وجيراننا وإخواننا العرب والمسلمين من أساليب الصراعات الهدامة، وأن يهدينا إلى سواء السبيل.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة