لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

حمود البدر

لا شك أن التواصل والتعاون والتكاتف بين الأفراد والمجموعات مهم جدا لتكوين مجتمع متماسك بناء.
فالفرد هو أساس المجتمع، تليه الأسرة، فالمدرسة ثم المجتمعات الأخرى، ولقد اتضح مضمون هذه الآية الكريمة في كثير من المواقف الإنسانية.. فعلى سبيل المثال نجد أن فردا يتصف بالكرم بدءا بأولاده ثم الى بقية الأفراد والمجموعات بالتدرج حسب الأهمية والوئام ودرجة الاحتياج.
تذكرت هذه الآية الكريمة ورددتها وأنا ــ وأبناء جمعية إنسان ــ نعزي أبناء المرحوم صالح الراجحي الذي لقي ربه والذي كان مشهورا في كرمه وزهده في الدنيا، رحمه الله رحمة واسعة، وبارك الله في نسله الكرام الذين سلكوا مسلكه.
والإنفاق هو الذي ينقل المال النقدي أو العيني لمستحقيه. كما أن حبس المال في الحسابات أو الأدراج أو في العقارات يعد انتقاصا لأهمية مساعدة المحتاجين وتفريطا برصيد من الحسنات بعد الموت.
والاحتياج الفردي هو الذي يتبادر إلى الذهن عند الكلام عن الصدقة، بينما الاحتياج الوطني لا يقل أهمية لأن الوطن هو الإطار الذي يحمي الأفراد ويهيئ لهم الجو المناسب لحياة ناجحة بناءة.
فالمدينة أو القرية لا تتم كفاءتها للسكن ومتطلبات المعيشة وما لم يقم الأفراد بأداء واجباتهم حيال جيرانهم وإخوانهم ومؤسسات المجتمع فسوف تكون الوطنية ناقصة وسيكون التحاب والتعاون والتكاتف عناصر وهمية لا تحقق ما يراد منها.
وقد يكون بعض (الاحتجاج) في بعض المجتمعات سببه عدم وجود ما يكفي من وسائل مالية ومؤسسات اجتماعية وقيادات حكيمة، وعندئذ يكون المجال مفتوحا للإضرار بالمجتمع ومؤسساته. وقد يقود إلى الهدم بدلا من البناء.
ولو درسنا النصوص القرآنية مثل: «وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون» (المنافقون 7 ــ 11).
أقول: لو درسنا نبراس حياتنا، وهادينا وقائدنا إلى رضى خالقنا لوجدنا أن المال وسيلة خير إذا ما استثمرت في ما يرضي مانحها، كما أن المال وسيلة هلاك لو أسأنا استثمارها، ولن تكون أكثر نفعا لو خزناها ولم نوظفها لما يرضي الله، ويخدم مجتمعنا وإخواننا.
فهناك البخيل الذي يخزن المال ولا يستثمره في ما يعود عليه وعلى أهله ومجتمعه بالنفع. وهناك المسرف الذي يضيع المال في المظاهر التي ما أنزل الله بها من سلطان (كما يقول المثل).
وهناك الكريم السخي الذي يبني المساجد والمدارس والمستشفيات ويساعد اليتيم والأرملة والفقير، ويكون هدفه الاحتساب والاستثمار للحياة الدائمة بدلا من الحياة الفانية.
يحكى عن أحد الأسخياء قوله: ما أنفقت مليونا لوجه الله إلا عوضني الله عنه بمليونين وهكذا. وهي تجربة يحس بها ويدركها من يكون همه رضى الله ثم الاستقرار في جنات النعيم بعد الموت.
فهنيئا لهؤلاء الذين يعبدون الله بالمال، والتعاسة لأولئك الذين يسعدون أنفسهم في الدنيا ولا يجدون في الآخرة إلا الذنوب والخطايا بسبب سوء استخدام المال أو من ألهتهم أموالهم عن ذكر الله. اللهم ارزقنا القناعة والرضى بما أعطيتنا، ووفقنا لاستخدام أموالنا وأعمالنا ليكونا وسائل تقود إلى رضاك وحسن عبادتك يا رب العالمين.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة