عش حياتك
الأربعاء / 11 / ربيع الثاني / 1432 هـ الأربعاء 16 مارس 2011 19:38
أسئلة يجيب عنها: د. سليمان العلي *
س : إننى متردد في إكمال دراستي في الدراسات العليا وخصوصا أننى أعمل بالبكالوريوس مثلي مثل الكثير من الشباب، وأخشى أن أظل مثل أصحاب الكهف سنين طويلة دون تغيير أو تقدم فأظل مترددا في طموحاتي، وليس لدي أمل في التغيير حولي ؟.
عمران ــ جدة
ج: تطرح مشكلة واقعية يعاني منها أبناؤنا الشباب الطموحون، ولكن بديهيات الحياة تقتضي الصبر والمثابرة وانتظار الفرصة، ثم إذا هبت رياحك فاغتنمها، وما أعرفه أن الذكي هو الذي يجعل من الليمونة الحامضة عصيرا حلوا دون أن يجعل لليأس إلى قلبه سبيلا.
وشبابنا اليوم أكبر طموحهم هو الوظيفة والمرتب الثابت الذي يكفيهم ليكون الواحد منهم زوجا وأبا لطفل أو طفلين، فإذا حصل على ذلك حمد الله وشكره لأن غيره ضائع في الشوارع بدون عمل وبدون شهادة عليا تؤهله حتى لذلك العمل، لذلك فإنهم يتجهون إلى العمل الحر، نادمين على الأيام التي قضوها في الجد والاجتهاد للحصول على شهادة لم تعد تسمن أو تغني من جوع.
أو أنهم لا يعرفون إمكانياتهم حقيقة، فالنظرية شيء والتطبيق شيء آخر، وإذا أخذنا بعين الاعتبار القسم المتبقي وهم الشباب الطموحون من أمثالك، فيجب برأيي ألا يقف طموحهم عند بعض الدورات، إذ إنه من الأجدر بهم أن يبحثوا عما يصنع لهم قيمة حقيقية في مجتمعاتهم، ولا أدري يا أخى لم لا تحاول أن ترفع من مستوى شهادتك، فبدلا من البكالوريوس تصل إلى الماجستير ومنه إلى الدكتوراه، لأن أعداد الحاصلين على دكتوراه هو أقل بالتأكيد من أعداد الحاصلين على بكالوريوس، وكلما قل العدد كلما كانت الفرص الوظيفية أكبر.
الذكي الطموح لا يفوت أية فرصة تعرض عليه، بل يقوم بدراسة احتمالات الربح والخسارة في الحصول عليها، ويجعل منها درجة يصعد عليها ليستطيع الوصول إلى الدرجة الأعلى، فمثلا حصولك على الدكتوراه سيجعل مركزك الوظيفي أفضل بالتأكيد، وبالتالي تكون كلمتك عند المدير مسموعة أكثر مما لو بقيت على ما أنت عليه، وقد يكون بحثك في الدكتوراه مميزا عن غيره من الطلاب فترغب الجامعة في الاستفادة من مواهبك وطموحاتك. وبما أنك تخشى أن تكون من أصحاب الكهف فإنه لدى قراءتي سورة الكهف اكتشفت أمرا هو في الحقيقة أمر بديهي، لكن الذكرى تنفع المؤمنين، فأصحاب الكهف هربوا من اضطهاد قومهم الكفار ولجؤوا إلى البرية كما يلجأ المجرمون، لكن الله ضرب على آذانهم فناموا في الكهف ولما استيقظوا واكتشف أمرهم كانت البيئة قد تغيرت من بيئة كافرة إلى بيئة مؤمنة، فما كان من القوم الذين اكتشفوا أمرهم إلا أن جعلوهم في مصاف الخالدين وبنوا عليهم مسجدا. وهكذا فإنه بتغير الظروف المحيطة تغيرت مكانة أصحاب الكهف من أشباه المجرمين إلى أبطال حقيقيين، وهي نفس العبرة التي نستفيدها من قصة يوسف عليه السلام، فقد سجن ظلما في ريعان شبابه وانتهى به الأمر إلى الأمين على خزائن الأرض.
بالطبع لا نطلب من شبابنا الطموحين اللجوء إلى النوم هربا من الإحباطات المتتالية في حياتهم، لكن نطلب منهم أن يكونوا أذكياء حكماء كيوسف عليه السلام الذي عرف كيف يستغل الفرصة التي جاءته بعد صبره الطويل على مرارة السجن، فهو لم يتأخر في نفع أحد من علمه في تفسير الأحلام حتى وصلت أخبار قدرته الخارقة إلى الملك الذي اصطفاه، وهناك كانت الفرصة العظيمة أمام يوسف عليه السلام ليعرض قدراته الأخرى: «قال اجعلني على خزائنِ الأرض إني حفيظ عليم»، (يوسف:55).
وأكثر المفسرين على أن يوسف سجن في بيئة كافرة ولما خرج من السجن كان الإيمان قد عم الشعب كله، والغالب أن يوسف قد ساهم في هذا التغيير، وذلك بواسطة نشر عقيدة الإيمان بالله رغم أنه كان سجينا، ولم لا وهو الذي اغتنم كل فرصة ليعرف المسجونين بالله سبحانه وبآلائه ؟.
وأعتقد أن الحصول على شهادة عليا يصب في هذا التغيير خاصة إذا حصل عليها الشاب بعد جهد واجتهاد فقد تتغير الأحوال من حولك فجأة ويصبح من جد واجتهد وتعب على نفسه هو المقدم الذي يحوز على أعلى المراتب والمناصب.
فأكمل تعليمك ولا تتردد .. موفق إن شاء الله.
* مدرب ومستشار برامج إطلاق القدرات وتطوير الذات
INFO@ETLAK.NET
س : إننى متردد في إكمال دراستي في الدراسات العليا وخصوصا أننى أعمل بالبكالوريوس مثلي مثل الكثير من الشباب، وأخشى أن أظل مثل أصحاب الكهف سنين طويلة دون تغيير أو تقدم فأظل مترددا في طموحاتي، وليس لدي أمل في التغيير حولي ؟.
عمران ــ جدة
ج: تطرح مشكلة واقعية يعاني منها أبناؤنا الشباب الطموحون، ولكن بديهيات الحياة تقتضي الصبر والمثابرة وانتظار الفرصة، ثم إذا هبت رياحك فاغتنمها، وما أعرفه أن الذكي هو الذي يجعل من الليمونة الحامضة عصيرا حلوا دون أن يجعل لليأس إلى قلبه سبيلا.
وشبابنا اليوم أكبر طموحهم هو الوظيفة والمرتب الثابت الذي يكفيهم ليكون الواحد منهم زوجا وأبا لطفل أو طفلين، فإذا حصل على ذلك حمد الله وشكره لأن غيره ضائع في الشوارع بدون عمل وبدون شهادة عليا تؤهله حتى لذلك العمل، لذلك فإنهم يتجهون إلى العمل الحر، نادمين على الأيام التي قضوها في الجد والاجتهاد للحصول على شهادة لم تعد تسمن أو تغني من جوع.
أو أنهم لا يعرفون إمكانياتهم حقيقة، فالنظرية شيء والتطبيق شيء آخر، وإذا أخذنا بعين الاعتبار القسم المتبقي وهم الشباب الطموحون من أمثالك، فيجب برأيي ألا يقف طموحهم عند بعض الدورات، إذ إنه من الأجدر بهم أن يبحثوا عما يصنع لهم قيمة حقيقية في مجتمعاتهم، ولا أدري يا أخى لم لا تحاول أن ترفع من مستوى شهادتك، فبدلا من البكالوريوس تصل إلى الماجستير ومنه إلى الدكتوراه، لأن أعداد الحاصلين على دكتوراه هو أقل بالتأكيد من أعداد الحاصلين على بكالوريوس، وكلما قل العدد كلما كانت الفرص الوظيفية أكبر.
الذكي الطموح لا يفوت أية فرصة تعرض عليه، بل يقوم بدراسة احتمالات الربح والخسارة في الحصول عليها، ويجعل منها درجة يصعد عليها ليستطيع الوصول إلى الدرجة الأعلى، فمثلا حصولك على الدكتوراه سيجعل مركزك الوظيفي أفضل بالتأكيد، وبالتالي تكون كلمتك عند المدير مسموعة أكثر مما لو بقيت على ما أنت عليه، وقد يكون بحثك في الدكتوراه مميزا عن غيره من الطلاب فترغب الجامعة في الاستفادة من مواهبك وطموحاتك. وبما أنك تخشى أن تكون من أصحاب الكهف فإنه لدى قراءتي سورة الكهف اكتشفت أمرا هو في الحقيقة أمر بديهي، لكن الذكرى تنفع المؤمنين، فأصحاب الكهف هربوا من اضطهاد قومهم الكفار ولجؤوا إلى البرية كما يلجأ المجرمون، لكن الله ضرب على آذانهم فناموا في الكهف ولما استيقظوا واكتشف أمرهم كانت البيئة قد تغيرت من بيئة كافرة إلى بيئة مؤمنة، فما كان من القوم الذين اكتشفوا أمرهم إلا أن جعلوهم في مصاف الخالدين وبنوا عليهم مسجدا. وهكذا فإنه بتغير الظروف المحيطة تغيرت مكانة أصحاب الكهف من أشباه المجرمين إلى أبطال حقيقيين، وهي نفس العبرة التي نستفيدها من قصة يوسف عليه السلام، فقد سجن ظلما في ريعان شبابه وانتهى به الأمر إلى الأمين على خزائن الأرض.
بالطبع لا نطلب من شبابنا الطموحين اللجوء إلى النوم هربا من الإحباطات المتتالية في حياتهم، لكن نطلب منهم أن يكونوا أذكياء حكماء كيوسف عليه السلام الذي عرف كيف يستغل الفرصة التي جاءته بعد صبره الطويل على مرارة السجن، فهو لم يتأخر في نفع أحد من علمه في تفسير الأحلام حتى وصلت أخبار قدرته الخارقة إلى الملك الذي اصطفاه، وهناك كانت الفرصة العظيمة أمام يوسف عليه السلام ليعرض قدراته الأخرى: «قال اجعلني على خزائنِ الأرض إني حفيظ عليم»، (يوسف:55).
وأكثر المفسرين على أن يوسف سجن في بيئة كافرة ولما خرج من السجن كان الإيمان قد عم الشعب كله، والغالب أن يوسف قد ساهم في هذا التغيير، وذلك بواسطة نشر عقيدة الإيمان بالله رغم أنه كان سجينا، ولم لا وهو الذي اغتنم كل فرصة ليعرف المسجونين بالله سبحانه وبآلائه ؟.
وأعتقد أن الحصول على شهادة عليا يصب في هذا التغيير خاصة إذا حصل عليها الشاب بعد جهد واجتهاد فقد تتغير الأحوال من حولك فجأة ويصبح من جد واجتهد وتعب على نفسه هو المقدم الذي يحوز على أعلى المراتب والمناصب.
فأكمل تعليمك ولا تتردد .. موفق إن شاء الله.
* مدرب ومستشار برامج إطلاق القدرات وتطوير الذات
INFO@ETLAK.NET