المظاهرات: وجهة نظر ؟!

حامد عباس

** بلغت من العمر ما يشكل في داخلي حصانة ضد أي مطامع دنيوية تتجاوز أن ألقى وجه ربي مستورا لا لي ولا علي. ولهذا أكتب ــ ويعلم الله ــ ما يمليه علي ضميري، ولا أكتب إلا ما أنا مقتنع به، هكذا كنت وازددت اقتناعا بما أفعل مع تجارب السنين وما رأيته ورأيناه جميعا مما حدث حولنا، وما اختزنته الذاكرة من مشاهدات السنوات وتجاربها مما حدث في العالم مقارنة بما حدث ويحدث عندنا، ولا أشكو إلا ما يفعله الرقيب أحيانا في مقالاتي فيكاد يدفعني إلى اعتزال الكتابة ــ كما فعلت لسنوات طوال ــ لولا الرغبة الشديدة مني أن تكون لي نافذة أطل منها على الحياة طالما أنا أعيش هذه الحياة ؟!.
السعوديون والسعوديات بالتأكيد لهم ولهن مطالب إصلاحية يرتفع سقفها وينخفض حسب ثقافاتهم ومناطقهم ولكنهم بالتأكيد أيضا ــ وهذه وجهة نظري ــ لا يختلفون على ولي الأمر لأنهم رأوا كثيرا وسمعوا حولهم ما يشيب له الولدان ؟!، وما نراه على شاشات التلفاز وصدور الصحف من بعض من يسمون ناشطين ومعارضين مقيمين في الخارج ضد بلدهم ما هو إلا نوع من الابتزاز وطلب الشهرة. والدافع في الغالب ردود أفعال شخصية لقرارات أو مواقف أو مظلمة قد تكون صحيحة ولكن لا تستدعي الوقوف ضد الوطن مهما كانت المبررات وهذه أيضا وجهة نظري قد يوافقني عليها البعض وقد يعارضني بعض ثان وقد يطالب بشنقي بعض ثالث، وامتحان الديمقراطية التي يتشدقون بها هو كيف يتعاملون مع رأيي هذا ودرجة تفاعلهم معه بين هدوء وحدة ورغبات متفاوتة بين الاستحسان والاستهجان وما بينهما ؟!. المظاهرات في ثقافتنا العربية شيء مختلف عن العالم المتقدم، لأن في هذا الأخير تشكلت هذه الثقافة عنده على مدى قرون وتبلورت وأصبحت وسيلة احتجاج سلمية ليس فيها أي مصادمات أو إضرابات تؤثر على الإنتاج العام لهذا البلد أو ذاك وإلا لما وصل هذا العالم المتقدم إلى ما نراه عندهم ونتحسر عليه نحن. أستدعي من أم الديمقراطيات المعاصرة بريطانيا العظمى ومن التاريخ القريب صراع النقابات العمالية وما أحدثه من تخريب منظم للاقتصاد حتى واجهتهم المرأة الحديدية رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر التي قلمت أظافر النقابات وأعادتهم إلى جادة الصواب. ولعل ما حدث في فرنسا من احتجاجات في مدنها ضد رغبة الرئيس الفرنسي الذي أراد تعديل قانون التقاعد، ورغم كل المظاهرات مضى التعديل كما أراده الرئيس وحكومته وساد الهدوء من جديد كل فرنسا، وربما كما يقول البعض إن الرئيس سيدفع الثمن في انتخابات الرئاسة القادمة. الإدارة في قناعتي الشخصية غير الانفعال الذي يقود في كثير من الأحيان الجماهير ويؤثر سلبا في تصرفاتها لأن الإدارة وإن تخبطت أو جرى فيها الفساد أو تغلبت المصالح الشخصية تظل إدارة سيأتي من يقوم سلوكها ويعيدها لتقود مسيرة العمل بفاعلية، أما الانفعال فهو سلوك لا ينتج سوى الخراب.؟!.
* مستشار إعلامي
ص.ب 13237 جدة 21493 ــ فاكس: 26653126.
hamid_abbas@yahoo.com



للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 257 مسـافة ثم الرسـالة