الأيتام ذوو الظروف الخاصة .. جناة أو ضحايا
مدير مؤسسة التربية للأيتام: قلة منهم تعاني مشكلات نفسية ويصعب التعامل معهم
السبت / 21 / ربيع الثاني / 1432 هـ السبت 26 مارس 2011 20:52
عدنان الشبراوي، هناء العلوني ـ جدة
شاركت وزارة الشؤون الاجتماعية أمس، في احتفالات اليوم العربي لليتيم، بعدد من البرامج والأنشطة في عدد من دور الأيتام في مختلف مناطق المملكة، ومن هذه الأنشطة مسابقة أفضل رسالة يتيم موجهة إلى خادم الحرمين الشريفين بمناسبة شفائه وعودته إلى أرض الوطن، تكريم الطلبة والطالبات الأيتام المتفوقين دراسياً في المرحلة الثانوية أو الجامعية وكذلك، وتنظيم بعض المعارض الفنية.
ويحظى الأيتام في المملكة بقدر كبير من الرعاية والعناية والاهتمام بحكم الروابط الاجتماعية المتينة المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف.
ورغم هذا إلا أن البعض منهم يرون في أنفسهم أنهم فئة مهمشة، بعد أن فرض عليهم المجتمع العزلة ويعتبرهم غرباء، ويتهمون أيضاً وزارة الشؤون الاجتماعية الجهة المعنية بشؤونهم بالتقصير في حقهم ولا تجيد التعامل مع متطلباتهم.
تهيئة المناخ
وقال وكيل الوزارة للرعاية الاجتماعية المكلف الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف «إن الأيتام في مجتمعنا يحظون بقدر كبير من الرعاية والعناية والاهتمام بحكم الروابط الاجتماعية المتينة والتكافل والتعاطف والتراحم، وأضاف: إن كفالة اليتيم لا تعني فقط الدعم المادي، وتوفير المتطلبات الحياتية والمعيشية، بل الدعم المعنوي الذي يتحقق من خلاله قدر من الاستقرار النفسي والاجتماعي ويشعر معه اليتيم بأنه لا يختلف في أسلوب حياته ومعيشته عن أقرانه من أفراد المجتمع حين تتوفر له حياة سوية في أوساط بيئية اجتماعية سليمة، عبر الاحتضان الذي تشجع الوزارة على انتهاجه وتقدم للأسر الحاضنة لتحقيقه الدعم المادي والمعنوي، ودعا جميع أفراد المجتمع ومؤسساته الرسمية والمدنية والأهلية إلى بذل الجهود لخلق الأجواء الملائمة التي تمحو شعور اليتامى بالعزلة والاغتراب داخل مجتمعاتهم».
وخلص الدكتور اليوسف بالقول «فتح المجالات الاجتماعية لليتيم والتفاعل مع أقرانه والتواصل معهم، من شأنه أن يهيئ المناخ الإيجابي الذي يساعده في الاعتماد على نفسه وشق طريقه».
وفي ظل الخدمات الشاملة المقدمة من الجمعيات الخيرية للأيتام في دار الإيواء، إلا أن المهتمين يؤكدون أن هذا الدعم لا يعوض هذه الشريحة من المجتمع الحرمان العاطفي والاجتماعي، باعتبارهم محرومين من عطف الأب والأم، ويصدمون بنظرات ظالمة من المجتمع عقب مغادرتهم دار الإيواء.
تعريف اليتيم
وثمة أسئلة حول الأيتام، أو من يطلق عليهم أصحاب الظروف الخاصة، ما مسؤولية المجتمع تجاههم، ما واقعهم ومستقبلهم، أليسوا ضحايا للخطيئة، كيف يتشكلون، كيف ينظر لهم شرعا، ما هي الخطوات الواجب اتخاذها لتوعية المجتمع بحقوقهم للتخفيف عن حقدهم على المجتمع، وهنا تشير الإحصاءات رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية نحو تسعة آلاف يتيم من الجنسين وهم من أطلق عليهم مصطلح أيتام ذوي الظروف الخاصة.
إنها نماذج متنوعة وبريئة من قائمة كبيرة تمثل البشرة السمراء فيها نحو 90 في المائة من إجمالي ما تم رصدهم في الدور، تختزن ذاكرتهم الكثير والكثير من سنوات الحرمان العاطفي الأسري، إلا أن عيونهم تسكنها في نفس الوقت آمال كبيرة تمتد إلى أعماق قلوبهم الغضة، فهؤلاء الصغار تحتضنهم أياد جندت لخدمتهم ورعايتهم صحياً وتربوياً وتعليمياً، يركضون في فضاءات الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في دار الإيواء الخاصة بالأطفال اللقطاء في جدة، ينعمون بحياة كريمة يرضعون حناناً اصطناعياً يعوضهم حنان الأم ويسهر على راحتهم عاملات وموظفات رغم الفارق الكبير بين أداء مهمة وبين شعور بالأمومة التي يعيشها اليتيم، وهنا ثمة قصص متنوعة لأيتام ويتيمات يبثون من خلالها همومهم ومشكلاتهم في الحياة دون أن يلتفت لهم أحد على حد وصفهم.
وتروي الشابة «سلوى» من ذوي الظروف الخاصة، مأساتها ومعاناتها التي انتهت بصدور حكم قضائي عليها بسداد دين بمبلغ يزيد على 20 ألف ريال لشركة تقسيط، وتواجه السجن ولم تجد أي مساعدة من وزارة الشؤون على حد قولها، وتقول سلوى يتيمة الأب والأم، إنها واجهت مصاعب جمة في حياتها، ووجهت أصابع الاتهام للوزارة لعدم تفاعلها مع معاناتها، وحملت الشؤون الاجتماعية تدهور حالها لبعدها عن طفلتها البالغة سبعة أعوام لعدم قدرتها على التواصل معها، إضافة إلى مشكلاتها مع زوجها وهو أيضا من ذوي الظروف الخاصة، هذه نماذج قليلة من قائمة تضم نحو تسعة آلاف يتيم من ذوي الظروف الخاصة في المملكة منهم 1200 في جدة وحدها، وبحسب الشؤون الاجتماعية، يجد هؤلاء الأطفال الرعاية التعليمية والصحية والاجتماعية والترفيهية، تمهيداً لإعدادهم للمجتمع، مع الحرص على نزع حاجز الحرمان والانكسار من قلوبهم.
وتطالب الشؤون الاجتماعية بالالتفاف والاهتمام بهذه الفئة وتشجيع احتضانهم وفق شروط محددة، منها اختيار الأسرة الحاضنة وفق معايير اجتماعية خاصة، وإشراف ومتابعة مستمرة من قبل أجهزة وكالة الشؤون الاجتماعية، حيث يصرف للأسرة الحاضنة مبلغ 1200 ريال شهريا إعانة مالية عن كل طفل، فضلا عن مكافأة عند الزواج ومع مراحل التعليم العليا، فيما تضطلع الكثير من الأسر بهذه المهمة دون مقابل مادي ابتغاء الأجر والثواب وفق الوزارة.
حضانة اليتيم
وتبين جولات المتابعة لمشرفي وكالة الشؤون الاجتماعية، أن رعاية الأسر الحاضنة أو البديلة للأيتام، تضاهي رعاية دور الحضانة الاجتماعية، بل تفوقها أحيانا، باعتبارها توفر الجو الأسري للأطفال، وهو ما لا يتوفر في دور الحضانة الاجتماعية، خصوصاً في ظل وجود أطفال من مختلفي الطباع والأمزجة والسلوك، وأوضحت مديرة الجمعية الفيصلية الخيرية في جدة فوزية الطاسان، أن الدراسات والبحوث النفسية والاجتماعية أثبتت حاجة الفرد أيا كان للعيش في جماعات أسرية توفر له القبول الاجتماعي والشعور بالانتماء، وتمثل له الأدوار الأسرية التي يحتاجها لينمو سليما، جسميا، نفسيا، اجتماعياً، وعقليا.
رسالة المجتمع
من جهته، يرى رئيس جمعية البر في جدة مازن بترجي، أن جهود الجمعية وكافة الجمعيات تجاه الأيتام تعكس رسالة المجتمع تجاه هذه الفئة، وتجد الكثير من العون من المجتمع، وأضاف: نسعى دائماً إلى دمج الأيتام لدى أسر حقيقية بتشجيع برامج الأسر الصديقة في احتضان الأيتام خلال شهر رمضان أو العيد كنوع من المشاركة المحببة لنفوس هؤلاء، وزاد «الجمعية تعمل على تربية هذه الفئة ذكوراً وإناثا وتنشئتهم النشأة السليمة لتعويضهم الحرمان والحنان، حيث يتمتع هؤلاء، بأعلى درجات الرعاية مع الحرص على نزع حاجز الحرمان والانكسار في قلوبهم».
صعب التعامل
أما مدير مؤسسة التربية للأيتام في وزارة الشؤون الاجتماعية صالح سرحان الغامدي، فأوضح مشوار اليتيم منذ الولادة وحتى بلوغه سن الثامنة عشرة، وقال: يحظى اليتيم منذ الولادة بكامل الرعاية والاهتمام في دار الحضانة الاجتماعية في جدة ومن ثم ينتقل إلى دار التربية الاجتماعية بمكة المكرمة ومنها إلى مؤسسة التربية النموذجية بجدة حتى يصل إلى عمر 18 عاماً، ثم يحال إلى المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، والتي بدورها تقوم برعايتهم رعاية كاملة، والأغلبية منهم حصلوا على المؤهل الثانوي، وأوفد بعضهم في بعثات خارجية ومنهم من يدرس في الجامعات السعودية ومنهم من تخرج من الجامعة ويعمل في القطاع العام والخاص.
وأضاف: يعاني بعضهم وهم فئة قليلة جداً، مشكلات نفسية، ولديهم بعض المشكلات مع المسؤولين، وكانوا متعثرين دراسياً رقم ما بذل معهم من جهد، ولم يستطيعوا مواصلة الدراسة، وكانت لهم مشكلات داخل الدار واضحة وجريئة لم يكن لها عقاب رادع واستمروا على ذلك وتمادوا فيه، وزاد «المشكلات الموجدة حالياً هي من عدد بسيط جداً لا تتجاوز 5 في المائة من مجمل العدد الموجود، إلا أن تأثيرهم إعلاميا ومعنوياً كبير جداً على زملائهم حيث أصبح المجتمع ينظر إليهم بنظرة الحنان الزائد، لأنه لم يتعامل معهم عن قرب، وتابع «يواجه العاملون في دور الإيواء أشد المعاناة وسوء تعامل، حيث تصلنا التهديدات إلى منازلنا وفي سياراتنا حتى أصبحنا لا نستطيع أن نأمرهم بالذهاب إلى مدارسهم ولا نستطيع أن نعاقبهم أو تأديبهم».
مشكلات تربوية
إلى ذلك، يرى الخبير الاجتماعي المعروف إحسان بن صالح طيب، أن من أهم مشكلات تربية الأيتام غياب الاستراتيجية الواضحة لرعاية الأيتام وإهمال جوانب تربية عديدة، وأضاف «بدأنا نشاهد اليتيم المجرم المتورط في قضايا سرقة، نشل، مخدرات أو مضاربات، وتغيب عن منزل الأسرة الحاضنة، وأيضا التورط في القضايا الأخلاقية، في ظل انشغال المجتمع بمؤسساته المدنية وأفراده أو حتى وزاراته عن هذه الفئة»، وزاد «تحول العمل في بعض الجمعيات الخيرية التي ترعى الأيتام إلى مجرد عمل يمنح تلك الجهة صبغة معينة وقبولا في المجتمع، لا سيما عند جمع التبرعات». من جهتها، قالت الأخصائية النفسية رفعة المطيري المتخصصة في سلوكيات ذوي الاحتياجات الخاصة، أن اليتيم الذي حرم، من حنان الأبوين، يدخل مضمار الحياة. وهو أعزل من الأقارب ومن المأوى ومن المال والطعام. الشاب الخريج، الذي يعيش بين أفراد عائلته لا يجد اليوم وظيفة، فكيف سيجدها هذا اليتيم، الذي لم يسلحه البرنامج بالعلم أو السلوك أو التدريب المناسب، وأضافت «اليتيم أو اليتيمة من ذوي الظروف الخاصة، لا يجدون التأهيل والتعليم السلوكي والأكاديمي المأمول، ومن هنا لا يستطيعون مواجهة الحياة، بأسلحة مناسبة، وسيصنفان بعد خروجهما من الدار، في خانة المحتاجين والغرباء في المجتمع».
ويحظى الأيتام في المملكة بقدر كبير من الرعاية والعناية والاهتمام بحكم الروابط الاجتماعية المتينة المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف.
ورغم هذا إلا أن البعض منهم يرون في أنفسهم أنهم فئة مهمشة، بعد أن فرض عليهم المجتمع العزلة ويعتبرهم غرباء، ويتهمون أيضاً وزارة الشؤون الاجتماعية الجهة المعنية بشؤونهم بالتقصير في حقهم ولا تجيد التعامل مع متطلباتهم.
تهيئة المناخ
وقال وكيل الوزارة للرعاية الاجتماعية المكلف الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف «إن الأيتام في مجتمعنا يحظون بقدر كبير من الرعاية والعناية والاهتمام بحكم الروابط الاجتماعية المتينة والتكافل والتعاطف والتراحم، وأضاف: إن كفالة اليتيم لا تعني فقط الدعم المادي، وتوفير المتطلبات الحياتية والمعيشية، بل الدعم المعنوي الذي يتحقق من خلاله قدر من الاستقرار النفسي والاجتماعي ويشعر معه اليتيم بأنه لا يختلف في أسلوب حياته ومعيشته عن أقرانه من أفراد المجتمع حين تتوفر له حياة سوية في أوساط بيئية اجتماعية سليمة، عبر الاحتضان الذي تشجع الوزارة على انتهاجه وتقدم للأسر الحاضنة لتحقيقه الدعم المادي والمعنوي، ودعا جميع أفراد المجتمع ومؤسساته الرسمية والمدنية والأهلية إلى بذل الجهود لخلق الأجواء الملائمة التي تمحو شعور اليتامى بالعزلة والاغتراب داخل مجتمعاتهم».
وخلص الدكتور اليوسف بالقول «فتح المجالات الاجتماعية لليتيم والتفاعل مع أقرانه والتواصل معهم، من شأنه أن يهيئ المناخ الإيجابي الذي يساعده في الاعتماد على نفسه وشق طريقه».
وفي ظل الخدمات الشاملة المقدمة من الجمعيات الخيرية للأيتام في دار الإيواء، إلا أن المهتمين يؤكدون أن هذا الدعم لا يعوض هذه الشريحة من المجتمع الحرمان العاطفي والاجتماعي، باعتبارهم محرومين من عطف الأب والأم، ويصدمون بنظرات ظالمة من المجتمع عقب مغادرتهم دار الإيواء.
تعريف اليتيم
وثمة أسئلة حول الأيتام، أو من يطلق عليهم أصحاب الظروف الخاصة، ما مسؤولية المجتمع تجاههم، ما واقعهم ومستقبلهم، أليسوا ضحايا للخطيئة، كيف يتشكلون، كيف ينظر لهم شرعا، ما هي الخطوات الواجب اتخاذها لتوعية المجتمع بحقوقهم للتخفيف عن حقدهم على المجتمع، وهنا تشير الإحصاءات رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية نحو تسعة آلاف يتيم من الجنسين وهم من أطلق عليهم مصطلح أيتام ذوي الظروف الخاصة.
إنها نماذج متنوعة وبريئة من قائمة كبيرة تمثل البشرة السمراء فيها نحو 90 في المائة من إجمالي ما تم رصدهم في الدور، تختزن ذاكرتهم الكثير والكثير من سنوات الحرمان العاطفي الأسري، إلا أن عيونهم تسكنها في نفس الوقت آمال كبيرة تمتد إلى أعماق قلوبهم الغضة، فهؤلاء الصغار تحتضنهم أياد جندت لخدمتهم ورعايتهم صحياً وتربوياً وتعليمياً، يركضون في فضاءات الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في دار الإيواء الخاصة بالأطفال اللقطاء في جدة، ينعمون بحياة كريمة يرضعون حناناً اصطناعياً يعوضهم حنان الأم ويسهر على راحتهم عاملات وموظفات رغم الفارق الكبير بين أداء مهمة وبين شعور بالأمومة التي يعيشها اليتيم، وهنا ثمة قصص متنوعة لأيتام ويتيمات يبثون من خلالها همومهم ومشكلاتهم في الحياة دون أن يلتفت لهم أحد على حد وصفهم.
وتروي الشابة «سلوى» من ذوي الظروف الخاصة، مأساتها ومعاناتها التي انتهت بصدور حكم قضائي عليها بسداد دين بمبلغ يزيد على 20 ألف ريال لشركة تقسيط، وتواجه السجن ولم تجد أي مساعدة من وزارة الشؤون على حد قولها، وتقول سلوى يتيمة الأب والأم، إنها واجهت مصاعب جمة في حياتها، ووجهت أصابع الاتهام للوزارة لعدم تفاعلها مع معاناتها، وحملت الشؤون الاجتماعية تدهور حالها لبعدها عن طفلتها البالغة سبعة أعوام لعدم قدرتها على التواصل معها، إضافة إلى مشكلاتها مع زوجها وهو أيضا من ذوي الظروف الخاصة، هذه نماذج قليلة من قائمة تضم نحو تسعة آلاف يتيم من ذوي الظروف الخاصة في المملكة منهم 1200 في جدة وحدها، وبحسب الشؤون الاجتماعية، يجد هؤلاء الأطفال الرعاية التعليمية والصحية والاجتماعية والترفيهية، تمهيداً لإعدادهم للمجتمع، مع الحرص على نزع حاجز الحرمان والانكسار من قلوبهم.
وتطالب الشؤون الاجتماعية بالالتفاف والاهتمام بهذه الفئة وتشجيع احتضانهم وفق شروط محددة، منها اختيار الأسرة الحاضنة وفق معايير اجتماعية خاصة، وإشراف ومتابعة مستمرة من قبل أجهزة وكالة الشؤون الاجتماعية، حيث يصرف للأسرة الحاضنة مبلغ 1200 ريال شهريا إعانة مالية عن كل طفل، فضلا عن مكافأة عند الزواج ومع مراحل التعليم العليا، فيما تضطلع الكثير من الأسر بهذه المهمة دون مقابل مادي ابتغاء الأجر والثواب وفق الوزارة.
حضانة اليتيم
وتبين جولات المتابعة لمشرفي وكالة الشؤون الاجتماعية، أن رعاية الأسر الحاضنة أو البديلة للأيتام، تضاهي رعاية دور الحضانة الاجتماعية، بل تفوقها أحيانا، باعتبارها توفر الجو الأسري للأطفال، وهو ما لا يتوفر في دور الحضانة الاجتماعية، خصوصاً في ظل وجود أطفال من مختلفي الطباع والأمزجة والسلوك، وأوضحت مديرة الجمعية الفيصلية الخيرية في جدة فوزية الطاسان، أن الدراسات والبحوث النفسية والاجتماعية أثبتت حاجة الفرد أيا كان للعيش في جماعات أسرية توفر له القبول الاجتماعي والشعور بالانتماء، وتمثل له الأدوار الأسرية التي يحتاجها لينمو سليما، جسميا، نفسيا، اجتماعياً، وعقليا.
رسالة المجتمع
من جهته، يرى رئيس جمعية البر في جدة مازن بترجي، أن جهود الجمعية وكافة الجمعيات تجاه الأيتام تعكس رسالة المجتمع تجاه هذه الفئة، وتجد الكثير من العون من المجتمع، وأضاف: نسعى دائماً إلى دمج الأيتام لدى أسر حقيقية بتشجيع برامج الأسر الصديقة في احتضان الأيتام خلال شهر رمضان أو العيد كنوع من المشاركة المحببة لنفوس هؤلاء، وزاد «الجمعية تعمل على تربية هذه الفئة ذكوراً وإناثا وتنشئتهم النشأة السليمة لتعويضهم الحرمان والحنان، حيث يتمتع هؤلاء، بأعلى درجات الرعاية مع الحرص على نزع حاجز الحرمان والانكسار في قلوبهم».
صعب التعامل
أما مدير مؤسسة التربية للأيتام في وزارة الشؤون الاجتماعية صالح سرحان الغامدي، فأوضح مشوار اليتيم منذ الولادة وحتى بلوغه سن الثامنة عشرة، وقال: يحظى اليتيم منذ الولادة بكامل الرعاية والاهتمام في دار الحضانة الاجتماعية في جدة ومن ثم ينتقل إلى دار التربية الاجتماعية بمكة المكرمة ومنها إلى مؤسسة التربية النموذجية بجدة حتى يصل إلى عمر 18 عاماً، ثم يحال إلى المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، والتي بدورها تقوم برعايتهم رعاية كاملة، والأغلبية منهم حصلوا على المؤهل الثانوي، وأوفد بعضهم في بعثات خارجية ومنهم من يدرس في الجامعات السعودية ومنهم من تخرج من الجامعة ويعمل في القطاع العام والخاص.
وأضاف: يعاني بعضهم وهم فئة قليلة جداً، مشكلات نفسية، ولديهم بعض المشكلات مع المسؤولين، وكانوا متعثرين دراسياً رقم ما بذل معهم من جهد، ولم يستطيعوا مواصلة الدراسة، وكانت لهم مشكلات داخل الدار واضحة وجريئة لم يكن لها عقاب رادع واستمروا على ذلك وتمادوا فيه، وزاد «المشكلات الموجدة حالياً هي من عدد بسيط جداً لا تتجاوز 5 في المائة من مجمل العدد الموجود، إلا أن تأثيرهم إعلاميا ومعنوياً كبير جداً على زملائهم حيث أصبح المجتمع ينظر إليهم بنظرة الحنان الزائد، لأنه لم يتعامل معهم عن قرب، وتابع «يواجه العاملون في دور الإيواء أشد المعاناة وسوء تعامل، حيث تصلنا التهديدات إلى منازلنا وفي سياراتنا حتى أصبحنا لا نستطيع أن نأمرهم بالذهاب إلى مدارسهم ولا نستطيع أن نعاقبهم أو تأديبهم».
مشكلات تربوية
إلى ذلك، يرى الخبير الاجتماعي المعروف إحسان بن صالح طيب، أن من أهم مشكلات تربية الأيتام غياب الاستراتيجية الواضحة لرعاية الأيتام وإهمال جوانب تربية عديدة، وأضاف «بدأنا نشاهد اليتيم المجرم المتورط في قضايا سرقة، نشل، مخدرات أو مضاربات، وتغيب عن منزل الأسرة الحاضنة، وأيضا التورط في القضايا الأخلاقية، في ظل انشغال المجتمع بمؤسساته المدنية وأفراده أو حتى وزاراته عن هذه الفئة»، وزاد «تحول العمل في بعض الجمعيات الخيرية التي ترعى الأيتام إلى مجرد عمل يمنح تلك الجهة صبغة معينة وقبولا في المجتمع، لا سيما عند جمع التبرعات». من جهتها، قالت الأخصائية النفسية رفعة المطيري المتخصصة في سلوكيات ذوي الاحتياجات الخاصة، أن اليتيم الذي حرم، من حنان الأبوين، يدخل مضمار الحياة. وهو أعزل من الأقارب ومن المأوى ومن المال والطعام. الشاب الخريج، الذي يعيش بين أفراد عائلته لا يجد اليوم وظيفة، فكيف سيجدها هذا اليتيم، الذي لم يسلحه البرنامج بالعلم أو السلوك أو التدريب المناسب، وأضافت «اليتيم أو اليتيمة من ذوي الظروف الخاصة، لا يجدون التأهيل والتعليم السلوكي والأكاديمي المأمول، ومن هنا لا يستطيعون مواجهة الحياة، بأسلحة مناسبة، وسيصنفان بعد خروجهما من الدار، في خانة المحتاجين والغرباء في المجتمع».