تريليون
الأربعاء / 15 / ذو القعدة / 1427 هـ الأربعاء 06 ديسمبر 2006 19:31
طارق على فدعق
من الأخبار المحزنة جدا التي وردت على صفحات هذه الجريدة الغراء أن خسائر انخفاض قيمة سوق الأسهم خلال الثلاثمائة يوم الماضية قد فاقت التريليوني ريال…يعنى ما يعادل حوالى نصف مليون ريال لكل أسرة فى المملكة... هل هذا معقول؟.. حزنت على نفسي، وعلى كل من عانوا مثلي لهذه الخسائر الفادحة... والتريليون يا جماعة من الأرقام المذهلة وهو يستحق بعض التأمل... بل ويستحق مقالة... أولا إليكم شكله المتألق فهو يحتوي على درزن أصفار كاملة هكذا 1000000000000 وكأنه واحد ومعه حاشية أصفار «مستصحة»... يعنى التريليون بالنسبة للمليون مثل مقارنة حجم شارون الى ذبابة مراهقة لتوها خارجة من البيضة أعزكم الله... وهو من الأعداد المذهلة جدا لأن حجمه هائل بمعنى الكلمة... تخيل أنك لو وضعت حبات أرز «عنبربوه» متلاصقة مع بعضها البعض بدءا من شارع التحلية... لنقل أمام مطعم الطازج و«لفيت» الكرة الأرضية وعدت الى نفس المكان الذي بدأت منه فلن تحتاج أكثر من حوالى نصف فى المائة من التريليون... يعنى فتافيت من هذا الرقم الجبار ... وفكر فى قياس ماهو معمر فعلا باستخدام الثواني بدلا من السنوات... عمر الأهرامات فى مصر الشقيقة يبلغ حوالى ثلاثة تريليونات ثانية فقط... وعلى سيرة الأهرامات فجدير بالذكر أن ارتفاع هرم خوفو هو حوالى 137 مترا وقاعدته تبلغ مائتين وأربعين مترا... وحجمه يبلغ حوالى مليوني متر مكعب... وبالتالي فحجم خسائر قيمة سوق الأسهم تفوق عدد الريالات التي يمكن حشرها بداخل هرم خوفو... وللعلم فلا أقصد السراديب والمخابئ المتواضعة بداخل الهرم، وإنما المقصود هنا هو كامل حجم المليوني حجر العملاق التي تكوّن المنشأة بأكملها... عفوا تحمست لأن خسارتي كانت كبيرة وكأنها خلع ضرس من جذوره بدون بنج... وعلى سيرة الجذور ففضلا لاحظ الجذور اللغوية للأرقام الكبيرة فالكيلو ترمز الى الألف... و الكيلوجرام الواحد طبعا يعادل الألف جرام ... والكيلومتر هو ألف متر وهكذا... وأما الميجا فيرمز الى المليون «فالميجا بايت» يعادل حوالى مليون بايت..ولو أردنا أن نراعي الدقة فهو يعادل 1048576 بايت نظرا لأن نظام الحسابات فى عالم الحاسوب يعتمد على قوة الرقم اثنين... والميجابايت هو الذاكرة الكافية لحفظ حوالى مائة صفحة مطبوعة... ولم يتخيل معظمنا أن نتعامل مع هذه الأرقام الكبيرة بشكل عادي، ولكن بعد فترة زمنية وجيزة جدا سنبدأ التعامل مع «التيرا بايت» وهي وحدة التريليون وسيدخل العالم بأكمله فترة فكرية جديدة لأنه الى هذا الوقت لم يتعامل بهذه الأرقام الا بعض التخصصات القليلة... عالم الفلك حيث تقاس المسافات بالسنة الضوئية مثلا... ومحاكاة «الغلاسة» من قبل بعض السائقين في شوارع جدة... فتقول مثلا تعرضت إلى «تيرا» وحدة غلاسة فى طريق المدينة الطالع من قبل «أنيسة» وأربعة ليموزينات... وهكذا... وللأسف أن لم نجد الى الآن وحدات رياضية لقياس وحدات الغلاسة... بل ولم نوجد قاعدة لغوية لوصفها ... وأما الأرقام الكبيرة فلها أوصاف لغوية طريفة... الأسماء التي تنتهي «بالإيليون» تبدأ بالمليون (واحد وعلى يمينه ستة أصفار) وهو يمثل وللأسف خسارة عادية جدا فى معظم محافظ الأسهم... ثم البليون (تسعة أصفار)... وقد دخل حسابي فى البنك بالخطأ مبلغ بليوني ريال لمدة مائة دقيقة وأربعين ثانية قبل حوالى ستة أشهر وكدت أصاب بنوبة قلبية... وبعد البليون يأتي صاحبنا التريليون... ثم الكوادريليون (خمسة عشر صفرا على اليمين)... ثم الكوينتيليون (ثمانية عشر صفرا) ثم السكستيليون (أحد وعشرون صفرا) والسبستيليون (درزنين من الأصفار)... وهكذا الى أن ينتهي مسلسل المسميات على وزن المليون عند السنتليون (ثلاثمائة وثلاثة أصفار على اليمين) وبعدها يأتي الجوجولبلكس وهو عشرة مرفوعة الى أس مائة الى أس مائة... شغل ثقيل جدا ولا يتعامل به إلا قبضايات الرياضيات. على أي حال، قد تتضمن مقالة هذا اليوم أضخم تجمع تريليونات على هذا الكوكب.
أمنيـــــة
كنت من زمان من المعجبين بتقنيات الأسلحة... وأما الآن أنظر إليها كخسائر إنسانية لجلب المزيد من الخسائر.كل هذه التريليونات التي تهدر فى الحروب للدمار والقتل لا تحقق أي مكاسب إنسانية... ولا حتى مكاسب سياسية..أتمنى أن تعيد البشرية النظر فى شن حملات ذكية للبناء كأداة لكسب ولاء الأمم؛ مساكن، ومستشفيات، ودور علم بدلا من الانحطاط الفكري والمهازل التي نشهدها يوميا حول العالم وخصوصا فى منطقة الشرق الأوسط.
والله من وراء القصد.
أمنيـــــة
كنت من زمان من المعجبين بتقنيات الأسلحة... وأما الآن أنظر إليها كخسائر إنسانية لجلب المزيد من الخسائر.كل هذه التريليونات التي تهدر فى الحروب للدمار والقتل لا تحقق أي مكاسب إنسانية... ولا حتى مكاسب سياسية..أتمنى أن تعيد البشرية النظر فى شن حملات ذكية للبناء كأداة لكسب ولاء الأمم؛ مساكن، ومستشفيات، ودور علم بدلا من الانحطاط الفكري والمهازل التي نشهدها يوميا حول العالم وخصوصا فى منطقة الشرق الأوسط.
والله من وراء القصد.