إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تكن حسنة يضاعفها

حمود البدر

في إصدارات الصحف يوم الخميس الماضي استعادة لبعض وقائع كارثة السيول التي أصابت جدة، حيث أثبتت التحقيقات أن لـ302 شخص كانت أدوارهم غير منضبطة في الإدارة والتشغيل في عروس البحر التي لا توصف بهذا الوصف الجذاب.
فإذا تصورنا عروسا تستعد هي أو يستعد ذووها بتهيئتها لملاقاة عريسها «أو عرسائها كما يتطابق مع وضع عروس البحر». أقول إذا تصورنا أهمية تجهيز العروس وما يتطلبه ذلك من مصروفات مالية، والتزام بالمواعيد، والأزمنة والأمكنة فإن على كل واحد من مواطنيها (وغيرهم ممن لهم صلات بعملية الإعداد للزفة) أن يستعدوا لكي يرحبوا بالمناسبة وضيوفها وأن يستعدوا لسد أية ثغرات قد تقلل من شفافية الحفل وبريقه.
إلا أن ما ورد في صحف الخميس الماضي من الثغرات التي أوضحها التحقيق الذي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بإجرائه على كل من له دور في تلك الكارثة ــ كائنا من كان ــ. فقد بلغ عدد الأفراد الذين تورطوا في تلك الكارثة ثلاثمائة واثنين، في حين بلغ عدد الجهات الاعتبارية التي استغلت لصالح الأفراد والمؤسسات ثلاثين جهة وجهت لها الاتهامات.
ولا شك أن الحزم في التعامل مع المخالفات يخدم الجميع وإن أضر ببعض الذين استغلوا علاقاتهم بالكارثة. فالحزم أسلوب رباني يعاقب بواسطته كل من يسيء التعامل مع ما عهد إليه أداؤه بأمانة وانضباط.
والله سبحانه يقول «إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون».
والنفس أمارة بالسوء إذا لم يكن هناك إجراءات رادعة للمخالفين الذين أثبت التحقيق مخالفاتهم، وسوف يكون العقاب رادعا لهم عند تكرار المخالفات. كما سوف يردع الآخرين من أن يحاولوا؛ لأن التساهل مع من ثبتت مخالفاتهم سوف يجعل المترددين «ممن لم يخالفوا بعد» يقلدون من سبقوهم بالمخالفة.
كارثة جدة كانت كبيرة جدا ومكلفة بلغت تكاليفها بلايين الريالات، كما شمل ذلك إزهاق عدد كبير من الأرواح نتيجة التخاذل في إنجاز المشروعات بانضباط وأمانة بما يشجع ذوي النفوس الضعيفة لكي يقلدوهم مستقبلا. وما لم يتم التشهير بمن أثبت التحقيق سوء أدائهم فسوف تتكرر المشكلة.
وإذا ما استفدنا من قواعد الشرع الحنيف الذي حدد قواعد الثواب والعقاب وجعل الثواب على الإنجاز يتضاعف فإن الله جعل العقاب بقدر المخالفة رحمة بالنفوس الضعيفة مع ارتكابها لما حذرها الشرع من ارتكابه.
كما أن التوبة تجب ما قبلها، بل إن التوبة الصادقة تجعل الذنب المرتكب قبل التوبة يتحول بعدها إلى حسنات.
ولو شاء ربك لهدى الناس جميعا، ولكنه لحكمة يعلمها جعل الخير والشر واضحين أمام البشر فإن أحسنوا فلأنفسهم وإن أساءوا فعليها وما ربك بظلام للعبيد.
ومن تجارب البشر نجد أن المجتمع المنضبط الملتزم بقواعد الثواب والعقاب يفيد نفسه، في حين أن تصرف المجتمع المنفلت يضر بأفراده وبانضباط السلوك العام.
ولذلك نجد أن القيادة الحكيمة على لسان قائدها خادم الحرمين الشريفين جعلت الحزم في التعامل مع ما يضر بالمجتمع واضحا وصريحا لا يقبل الشك ولا الجدال، حيث قال ــ أطال الله في عمره وبارك فيه وفي أعماله: «يتعين علينا شرعا التصدي لهذا الأمر وتحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه جهات وأشخاصا، ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم دون أن تأخذنا في ذلك لومة لائم».
يا مليكنا العزيز الرائد في تطبيق الثواب والعقاب والمسارعة لحل المشكلات إننا نعتز بكم ونباهي بكم الشعوب الأخرى التي لم يتحقق لها ما تحقق لنا.
جزاكم الله يا أبا متعب خير الجزاء وبارك في عمركم وأعمالكم.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة