الإنجازات السريعة والأهداف الكبرى

عبدالله رشاد كاتب

المتابع لحالة الإعلام بكل أنواعه في السنوات الأخيرة يجد أنه أمام فجوة تتسع بينه وبين بعض الأجهزة الحكومية. وقد يكون هناك سبب ربما لم يكن هدفه في البداية اتساع الفجوة بقدر ما كان يمثل جوابا ذا طابع تحد بأن الإنجاز سيكون الرد المناسب للانتقادات والشكاوى من الإعلام. هناك أجهزة قليلة جدا نجحت في كسب هذا التحدي وجاءت إنجازاتها دليلا قويا على وقوفها على أسس متينة وذات جودة في إنجاز أعمالها وترتكز على وجود رؤية واستراتيجية فيما تاهت أجهزة أخرى لأسباب ربما كانت خارج حساباتها أو فوق إمكانات السيطرة. القليل من الأجهزة الحكومية الذي تبنى الرؤية العامة المنهجية التي رسمتها خطة التنمية التاسعة. ويبدو كذلك أن أحد أسباب تأخر بعض الأجهزة الحكومية من تحقيق بعض الإنجازات، هو تباعد آليات التنفيذ مع بعض الأهداف العامة لخطة التنمية التاسعة للدولة، والمتلخصة في تسريع وتيرة التنمية وترسيخ استدامتها والاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والعناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع، وتقليص مستويات البطالة وتنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها وتعزيز إسهامات القطاع الخاص وتحسين قدراته التنافسية. وإذا أخذنا وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية كمرفقين حكوميين مهمين لتجسيد حالة الفهم الكامل لأهداف الخطة التاسعة العامة وآلياتها التنفيذية والأطر العامة لتوجهات الخطة سنجد أن هناك تفاوتا يمثل فجوة كبيرة بين الأهداف والإنجاز. هذان المرفقان بالرغم من الدعم القوي الذي يجدانه من الجهات العليا لا تزال إنجازاتهما دون درجة رضا المجتمع، وبالتالي فإن الإعلام لايزال بموقف مواجهة معهما. والقضية التي يمكن تجسيدها بالعين المجردة تتلخص في أن هاتين الوزارتين تحتاجان بالفعل إلى تحديث آليات العمل الإدارية وتضييق النواحي البيروقراطية بالإضافة إلى التخلص من بعض الأعمال التي ليست من صميم اختصاصهما، وخاصة وزارة العمل وأعني بها على وجه التحديد اللجان العمالية. فأعمال هذه اللجان هي أعمال قضائية ووزارة العدل هي الجهة الأولى بحمل أعباء مثل هذه الاعمال والتي هي بالفعل بصدد القيام بها من خلال المحكمة العمالية. ومن أهم الأسباب الواجب الأخذ بها في القضاء على النظم البيروقراطية التي تؤدي إلى بطء الإنجاز وزيادة حالات عدم الرضا والإحباط هو الاهتمام بالنواحي التقنية، وإذا ما أخذنا بعض أجهزة وزارة الداخلية الحيوية مثل الجوازات والأحوال المدنية حيث قدما نفسيهما مؤخرا للمجتمع بصورة حازت الإعجاب والرضا من خلال تقليص الكثير من الإجراءات وتنظيم إنهاء الكثير من الأعمال من خلال الإنترنت سنجد أن الوزارات الأخرى بإمكانها اقتباس التجربة وتسريع وتيرة التحول وتقليص الإجراءات.
إنني متفائل كثيرا بأننا في هذا العام سنكون قد قطعنا شوطا مهما في تحسين الخدمات، لكن الرهان بتحقيق الأهداف العامة والاستراتيجية للخطة ليس مضمونا، ما لم تقدم الأجهزة الحكومية رؤيتها الاستراتيجية والتي تتفق مع مضامين خطة التنمية التاسعة الطموحة، فتحقيق أهداف هذه الخطة أمل قائم على تسريع وتيرة الحكومة الإليكترونية من جهة ومع وضع رؤية للواقع والمستقبل.