عبدالله بن عبدالعزيز … درس آخر في الإنسانية

عبدالله محمد الفوزان

مرة تلو الأخرى يثبت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه كم هي الإنسانية متجذرة في شخصيته، فهاهو يستقطع جزءا من وقته المليء بالمشاغل والمسؤوليات لزيارة التوأم السياميتين العراقيتين (فاطمة والزهراء) اللتين أجريت لهما عملية فصل في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني يوم السبت الماضي بتوجيه كريم منه، وتكللت ولله الحمد بالنجاح.
إنسانية عبدالله بن عبدالعزيز ليست مجرد ادعاء للاستهلاك الإعلامي لكنها ممارسة عملية يجسدها هذا الرجل على أرض الواقع ونراها ماثلة أمامنا في مواقف عديدة لا يمكن حصرها، وهي انسانية تتجاوز النطاق المحلي إلى النطاق العربي والاسلامي والعالمي وفي مجالات خيرية كثيرة.
دلالات كثيرة يمكن استنباطها من زيارة عبدالله بن عبدالعزيز للطفلتين أهمها القلب الكبير الذي يحمله هذا الرجل، وهو قلب يحتوي الجميع بغض النظر عن أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأديانهم وجنسياتهم، فالجميع إخوة في الإنسانية، وهذه الأخوّة تقتضي عنده - رعاه الله - مناصرة المظلوم والوقوف في وجه الظالم أيا كان وخدمة الضعيف والمحتاج وتقديم الدعم والرعاية له قدر الاستطاعة أينما كان. فالمواقف الإنسانية لهذا الرجل الانسان لم تقتصر على مسلم أو سعودي أو عربي وانما تجاوزت ذلك إلى المرضى والمحتاجين من ديانات وأعراق وجنسيات أخرى في مشارق الأرض ومغاربها ليضرب بذلك أروع مثل للانسان المسلم الملتزم بتعاليم دينه الاسلامي الحنيف التي تحث على التسامح والبر بالإنسان والإحسان إليه باعتباره مخلوقا مكرما من الخالق جل وعلا كما في قوله تعالى « ولقد كرمنا بني آدم».
والدلالة الثانية تكمن في تواضع هذا الرجل ومن تواضع لله رفعه، فإذا كان الله قد حباه الجاه والسلطان فذلك فضل من الله يستوجب الشكر ومن باب الشكر لله التواضع لخلقه والوقوف مع الضعيف والمستضعف والفقير والمريض والمحتاج منهم... وهذا ما فعله عبدالله بن عبدالعزيز.
والدلالة الثالثة هي روح التسامح والبعد عن التعصب، فالتسامح هو أسمى قيمة انسانية جسدها نبي هذه الأمة في كثير من المواقف حتى مع أولئك الذين آذوه، ومن الطبيعي أن يقتدي عبدالله بن عبدالعزيز وهو الانسان المسلم بخصال نبيه الكريم وأهمها التسامح، والتي كانت سببا في دخول الناس في دين الله أفواجا.
والدلالة الرابعة هي رسم صورة إيجابية عن مواطن هذه الأرض المباركة ودحض الصورة السلبية التي تحاول بعض الدوائر الاعلامية رسمها عنه وهو بريء منها كالارهاب وعدم التسامح والتطرف والغلو والعنف والتشدد. فإنسان هذه الأرض مثله مثل أخيه الانسان في أي مجتمع آخر من حيث الانسانية ونزعة الخير. وإذا كان نفر من أبناء هذا المجتمع قد ضلوا الطريق وخالفوا نهج دينهم وسنة نبيهم بسبب اجتهادات خاطئة فلا ينبغي تعميم صورة الشر هذه على كافة أفراد المجتمع السعودي الذين أثبتوا ويثبتون للعالم أجمع وفي كل المناسبات أنهم أول من يتسابقون إلى فعل الخيرات ومناصرة المظلومين ورفع معاناة المنكوبين والمتضررين في أرجاء المعمورة.
والدلالة الخامسة هي رفع الروح المعنوية لذوي السياميتين العراقيتين وتهنئتهم مباشرة على نجاح العملية الجراحية لطفلتيهما. فالدعم النفسي لذوي الطفلتين مهم جدا في زرع الطمأنينة لديهم.
والدلالة السادسة هي دعم الفريق الطبي الذي أشرف على إجراء العملية الجراحية وكان له الفضل بعد الله في نجاح العملية الجراحية ورسم صورة نموذجية عن قدرة انسان هذه الأرض على الإبداع والتميز في كافة المجالات وأهمها المجال الطبي. وحين يتشرف أعضاء الفريق الطبي بالسلام على عبدالله بن عبدالعزيز فإن ذلك يشكل دفعة معنوية كبيرة لهذا الفريق ويدفعه إلى مزيد من الابداع في المستقبل ويستثير نزعة الإبداع لدى الآخرين ويشكل امتناناً وتكريما خاصا لكل مبدع ومبدعة من أبناء وبنات هذا الوطن.
والدلالة السابعة هي حرصه رعاه الله على الاطمئنان على الوضع الصحي للتوأم (فاطمة والزهراء) والاستماع إلى شرح عن حالتهما الصحية التي أصبحت مستقرة تماما ولله الحمد، فالمؤشرات الحيوية مستقرة بما في ذلك القلب والجهاز التنفسي والجهاز البولي والجهاز الهضمي الذي يعمل تدريجيا كما تتطور الحالة العامة للتوأم بشكل أفضل من المتوقع كما أشار بذلك الفريق الطبي.
والدلالة الثامنة هي تقديم الشكر لله عز وجل على نجاح العملية الجراحية حيث ردد الملك المفدى .. الحمد لله، الحمد لله ... وهذا هو ديدن الانسان المؤمن في السراء والضراء.
والدلالة التاسعة هي إرسال رسالة محبة ووفاء إلى كل العالم لنبذ العنف والخلافات والمسائل التي تؤثر سلبا على علاقات الشعوب والدول ببعضها البعض.
نعم هكذا هو عبدالله بن عبدالعزيز ... نموذج في عفويته ... نموذج في انسانيته ... نموذج في تسامحه ... نموذج في تدينه ... فنعم القائد والقدوة ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.
Dr_Fauzan_99@hotmail.com