الإعلان: الرسالة الخاطئة؟!

حامد عباس

** أزعم أنني من أوائل من عملوا في مجال الإعلان من مندوب إلى مسؤول.. كنا في ذلك الوقت البعيد كمن يحفر الصخر بأظافره ليفوز بإعلان صغير المساحة وبريالات معدودة وكأننا فتحنا عكا، إذا لم تصادفنا العبارة المعتادة من صاحب المحل وقبل الشيخ والمجموعة القابضة والسكرتارية والأقسام المتخصصة: يا ولدي ليش أصرف فلوسي على الفاضي وبضاعتي ماشية والحمدلله، أو يكاد أحدهم أن يطرد المندوب وكأنه يقول له: الله يعطينا ويعطيك؟! ولم تكن هناك وسائل للنشر أو البث غير الصحف. ففي المملكة لم يكن لدينا سوى عدد من الصحف بصفحات لا تتجاوز الثماني صفحات، وتعريفة الإعلان لا تتجاوز المئات من الريالات، وكان راتب رئيس التحرير في حدود الخمسة آلاف ريال وراتب إدارة التحرير سقفه ألفي ريال وشخصيا كنت محررا متجولا ومحرر الشؤون المحلية في وقت لاحق فلم يتجاوز مرتبي الخمسمائة والخمسين ريال؟!
الإعلان الآن أصبح صناعة هائلة تدور فيها مليارات وفيها كل ما في الصناعة من نتائج سلبية وإيجابية وصراعات ومن تحت الطاولة ومن فوقها ووسائل متعددة تتيح كل ما يخطر على البال أو لا يخطر وإلى ما تحت الحزام؟! لكن الخطير في الأمر ما تحمله الرسائل الإعلانية من توجيه غير مباشر للناشئة وبالذات المرئية بما فيها من بهرجة وإغراء وأيضا الخطر المبطن فيها بتعميق سلوكيات سلبية أو استحداث سلوكيات أكثر سلبية من الموجودة والنتيجة جموح الشباب والشابات إلى طريق لا يعلم إلا الله نهايته، منها مثلا الوجبات السريعة وما أحدثته الإعلانات من تحول خطير في بناء الأسرة السعودية التي كان يلتف أفرادها على سفرة واحدة في الوجبات الثلاث فأصبح الأبناء يعتمدون على المطاعم ولم يعد يعجبهم أكل البيت وجاراهم بعض أولياء الأمور وتأثير هذا النمط من العيش على الصحة العامة واسألوا المستشفيات والمدافن. والتأثير السلبي الآخر الخطير تهييج الشباب في قيادة السيارات، فقد لاحظت إعلانا لإحدى الشركات الكبرى للسيارات يشجع على السرعة الهائلة على الطرق السريعة مع تشجيع متتال للسائق من المرافقين والنتيجة في الإعلان ما يشبه الجائزة والاستحسان، بينما النتيجة في الواقع لا سمح الله تدمير الجيوب ولطم الخدود.
مستشار إعلامي
ص.ب 13237 جدة 21493 فاكس: 6653126-02
hamid_abbas@yahoo.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 257 مسافة ثم الرسالة