«الشعبنة» عادة..أم .... ؟

أسامة أحمد السباعي

في يوم غائم من أيام شهر شعبان الماضي، دعيت إلى عدد من الأصدقاء والأقرباء أن يتناولوا غداء ذلك اليوم معا على رمال بحر جدة.. كعادة اتخذوها في شعبان منذ كانوا في صفوف الدراسة.
وفي اليوم التالي، التقاني أحد المرتادين للمسجد مستفسرا عن غيابي بالأمس.
** كنت مع بعض الصحب «نشعبن» على ساحل البحر، ولم نعد إلا بعد صلاة المغرب.
* ماذا فعلتم؟.. ألا تعلم أن «الشعبنة» غير جائزة؟
** وماذا في «الشعبنة» من خطأ حتى تكون غير جائزة؟
* إن الصحابة لم يعرفوا شيئا اسمه «شعبنة»!
** وإذا لم يعرفوها.. فما الذي يجعلها غير جائزة، وهي أمر من أمور الدنيا؟
* يجعلها غير جائزة أنها بدعة لا أصل لها في الدين.
** ومن قال لك إنها لها علاقة بالدين.. إنها مجرد لقاء بين أصدقاء يتناولون الطعام سويا، ويتبادلون الأحاديث والذكريات، وذلك قبل حلول رمضان.. حيث ينصرف كل منهم خلاله إلى التفرغ للعبادة.
* ولكن في «الشعبنة» يا أخي ترتكب أفعال خاطئة.. فهي تحتوي على احتفال خاص يلقون فيها القصائد والكلمات، وشيء من الموسيقى والطرب.. معتقدين أنها عبادة أو عادة دينية.
** كلا يا أخي.. كل هذه الأفعال ليس لها علاقة «بالشعبنة» «فالشعبنة» لقاء وطعام، ولا تحوي أي مظهر من مظاهر العبادة إلا الصلوات المكتوبة.. وما ذكرته لي من الأفعال ما هي إلا مبالغة ومغالاة يظن من يسمعها أنها حقيقة، وهي ليست إلا تشويها «للشعبنة».
* لو كانت اليوم عادة.. فستتحول غدا إلى عبادة أو عادة شرعية!
** أخي الكريم.. لا بد أن تعلم أنه ليس من بيننا من يعتقد أنها عبادة.. أو حتى قابلة لأن تتحول إلى عبادة وهي في حقيقتها عادة دنيوية ليس فيها ما يمت إلى الدين في شيء.. مثلها مثل أي مأدبة غداء أو عشاء يقيمها زملاء أو أصدقاء لبعضهم بعضا يشتركون في تكاليفها.
لعلك ــ أخي الكريم ــ لم تألف الشعبنة، ولاتدرك طبيعتها.. مما يدعوك إلى اللجوء إلى الدين في الحكم عليها، وتعدها من العبادات المخالفة للدين، وبالتالي فلا يجوز فعلها ليكون ذلك مبررا لمحاربتها.
أرجو أن تكون قد أدركت الهدف من «الشعبنة» وأن تزيل من خاطرك أنها جزء من العبادات.
وفاجأني قائلا: لقد غيرت فكرتي عن «الشعبنة». ولئن كان ما أوضحته لي حقا، فاعتبرني واحدا ممن يشتركون معكم في السنة القادمة إن شاء الله.
وضحكنا.. وافترقنا.