تشويه جدَّة

ياسر سلامة

دور الأمانة في مدينة كجدة ليس دورا إداريا إشرافيا تنفيذيا فقط، مبنيا على الاحتياجات والماديات وما يجب أن يكون وما لا يجب، ولكن من المهم أن يكون للإدارة العليا في أمانة جدة نظرة حسية فنية مبنية على الاطلاع والدراية بكنوز جدة ومقوماتها التي تميزها.
من أهم ما يميز جدة الحبيبة ميادينها المنتشرة في كل مكان، والتي أصبحت تحمل اليوم في وجدان كل أهالي وسكان جدة الكثير الكثير، فهي ليست مجرد ميادين بقدر ما هي مجسمات ولوحات فنية يفتخر أهالي جدة بأنها من محتويات مدينتهم، ولهم معها ذكريات كتبتها السنون.
منذ ما يقارب الشهر تقريبا انتشرت لوحات إعلانية عملاقة متعددة الأحجام والأشكال، وضعت هذه اللوحات في جميع شوارع جدة تقريبا وبالأخص في مداخل ومخارج الميادين، لدرجة أن الداخل لأي ميدان لا يستطيع أن يرى ما بداخله من منظر جمالي فني، لأن هذه اللوحات المستحدثة تسد الرؤية عن الميادين وبطريقة استفزازية وغير ذوقية.
ومن شاهد على سبيل المثال ميادين شارع التحلية، وبالأخص الغربية، منها يلاحظ قدر التشوه الذي تعرضت له مدينة جدة بوضع هذه اللوحات.
هذه اللوحات العملاقة وضعت بطريقة تجعلك تشاهدها بالقوة وبالفرض، وأخذ في الحسبان فقط كيف تسوق وتباع بأغلى ثمن.
جدة مدينة وإن لم تعجب البعض إلا أنها نسجت بروح من أحبها، فأنفقت الدولة الكثير على ميادينها الجمالية وما زالت تنفق للحفاظ عليها وعلى ما تحتويه من جماليات قلما نشاهدها في مكان غير جدة. لذلك لا يجب أن تترك جدة لمن يتعاملون مع شوارعها وميادينها ومشاريعها وكأنها مناجم ذهب أو آبار نفط. هذه اللوحات المستحدثة التي سمحت الأمانة بوضعها في شوارع جدة تخفي وتحجب حتى لوحات الأمانة الإرشادية والتعريفية، بالإضافة لإخفائها لوحات الناس التجارية في كثير من المواقع والمباني، ناهيك عن حجبها الرؤية لكثير من التقاطعات والشوارع المقابلة، مما يزيد من نسبة احتمالية حصول الحوادث.
لا نتمادى ولا نعطي الموضوع أكبر من حجمه، لكن هذه اللوحات وتوزيعها ووضعها في الشوارع والميادين، يعكس لنا النظرة الفنية التي تدار بها ميادين جدة مدينة الجمال وعروس البحر الأحمر.

Y.SALAMAH@HOTMAIL.COM