جفت في محاجرنا الدموع
الأربعاء / 28 / ذو القعدة / 1432 هـ الأربعاء 26 أكتوبر 2011 19:17
خالد طه
احتضنت الأرض في باطنها جثمان سلطان الخير الطاهر، وأبقت على ظهرها ووجهها ذكرى وأحاديث لن تنتهي، عن رجل ملأ جنباتها حبا، ملأ أرجاءها وأصقاعها خيرا لساكنيها شرقا، غربا، شمالا، وجنوبا.
رحل سلطان، وما تزال نبرات صوته تتناهى إلى مسمع كل الشباب «أنتم الأمل والمستقبل لهذه الأمة».
.. رحل الأمير إلى دار الخلود، غادرنا مخلفا في قلوبنا جروحا لن تبرأ، وفي وجداننا حزنا عميقا وألما مبرحا، لسنا وحدنا من يحزن، لسنا وحدنا من يتألم، ولسنا وحدنا من يئن من ألم فقده، وجروح خلفتها مغادرته وارتحاله، بل كل من امتدت إليهم يده سرا وعلانية: الإنسانية، الخير، الحب، الشعب، الناس، المسلمون، حتى إن العالم أجمع كان في نعيه والعزاء فيه، كلهم يذرفون الدمع على مفارقة رجل كان لهم بمثابة أب وأخ وصديق، حتى نضبت الدموع، ولم تعد في المحاجر بقية منها تبكيه، ليتحول الحزن إلى بكاء في القلب، وغصة في الصدر.
شرفت بلقاء الأمير الراحل لأول مرة منذ سنوات طويلة، كنت محررا في قسم الاقتصاد وحضرت افتتاحه لمصنع السكر في جدة، يومها لم أكن أتخيل أن يدي ستصافح يده، ولم أكن آمل حتى في أن تراه عيناي رغم قربي من مجريات الحدث من منطلق تغطيتي له مساء ذلك اليوم، يومها، فوجئت بأن الأمير الباسم مد يده لمجموعة من الصحافيين، كنت واقفا بينهم وصافحنا فردا فردا، وعلى محياه ترتسم ابتسامة عريضة فهمت منها أنها ابتسامة تشجيع، وكأنه يطلب منا أن نستمر في مهامنا الصحافية، وأن نتجاوز كل الصعاب الممكنة، وغادر مكان الحفل وهو يوزع تحاياه يمنة ويسرة، يومها أدرك لسان حالي ذاك المساء «هذا رجل خير وقريب من قلوب الناس، هذا الرجل يحبنا دون أن يعرفنا».
في المرة الثانية، شرفت بلقائه أيضا في حفل تدشين درة العروس، وصل الأمير وتجول في أنحائها، وعندما دخل المقر المعد للاحتفال، همس في أذن مرافقه كلمات لم نسمعها، لكننا فهمناها عندما طلب منا مرافقه ــ نحن الصحافيين ــ أن نقترب من الأمير ونجلس بالقرب منه.
هاتان الحادثتان، أشعرتني بالحب الذي يكنه سلطان للناس وللشعب وللشباب خصوصا، كان دائما ما يدعمهم، دائما ما يقول إن الشباب هم وقود الأمة وذخرها للمستقبل المشرق، ويتحدث دائما في كل مناسبة خصوصا عندما يحضر حفلات تخريج الشبان من العسكريين في كافة المناطق، أن الشباب هم الأمل، الفكر، التنمية، وأنهم المستقبل، ولذلك لم يدخر وسعا في دعمهم ومد أياديه البيضاء لهم في تعليمهم، دراستهم، أعمالهم، وكل ما يختص بشؤونهم.
وها هو سلطان يرحل، أين لنا بابتسامته تلك التي كانت توزع الأمل والحب؟، أين لنا بشخصه الذي كان يملأ المكان الذي يستقر فيه، حبا وضجيج خيرات ومساعدات واهتمام؟، أين لنا بسلطان آخر يشعر الناس بأنهم في سويداء قلبه؟، أين لنا بشخص سلطان وعفويته وسماحته؟، سلطان لن يتكرر، لا يتبقى لنا غير الترحم على هذا الإنسان الذي كان إنسانا في كل حركاته وسكناته.
ktaha@okaz.com.sa
رحل سلطان، وما تزال نبرات صوته تتناهى إلى مسمع كل الشباب «أنتم الأمل والمستقبل لهذه الأمة».
.. رحل الأمير إلى دار الخلود، غادرنا مخلفا في قلوبنا جروحا لن تبرأ، وفي وجداننا حزنا عميقا وألما مبرحا، لسنا وحدنا من يحزن، لسنا وحدنا من يتألم، ولسنا وحدنا من يئن من ألم فقده، وجروح خلفتها مغادرته وارتحاله، بل كل من امتدت إليهم يده سرا وعلانية: الإنسانية، الخير، الحب، الشعب، الناس، المسلمون، حتى إن العالم أجمع كان في نعيه والعزاء فيه، كلهم يذرفون الدمع على مفارقة رجل كان لهم بمثابة أب وأخ وصديق، حتى نضبت الدموع، ولم تعد في المحاجر بقية منها تبكيه، ليتحول الحزن إلى بكاء في القلب، وغصة في الصدر.
شرفت بلقاء الأمير الراحل لأول مرة منذ سنوات طويلة، كنت محررا في قسم الاقتصاد وحضرت افتتاحه لمصنع السكر في جدة، يومها لم أكن أتخيل أن يدي ستصافح يده، ولم أكن آمل حتى في أن تراه عيناي رغم قربي من مجريات الحدث من منطلق تغطيتي له مساء ذلك اليوم، يومها، فوجئت بأن الأمير الباسم مد يده لمجموعة من الصحافيين، كنت واقفا بينهم وصافحنا فردا فردا، وعلى محياه ترتسم ابتسامة عريضة فهمت منها أنها ابتسامة تشجيع، وكأنه يطلب منا أن نستمر في مهامنا الصحافية، وأن نتجاوز كل الصعاب الممكنة، وغادر مكان الحفل وهو يوزع تحاياه يمنة ويسرة، يومها أدرك لسان حالي ذاك المساء «هذا رجل خير وقريب من قلوب الناس، هذا الرجل يحبنا دون أن يعرفنا».
في المرة الثانية، شرفت بلقائه أيضا في حفل تدشين درة العروس، وصل الأمير وتجول في أنحائها، وعندما دخل المقر المعد للاحتفال، همس في أذن مرافقه كلمات لم نسمعها، لكننا فهمناها عندما طلب منا مرافقه ــ نحن الصحافيين ــ أن نقترب من الأمير ونجلس بالقرب منه.
هاتان الحادثتان، أشعرتني بالحب الذي يكنه سلطان للناس وللشعب وللشباب خصوصا، كان دائما ما يدعمهم، دائما ما يقول إن الشباب هم وقود الأمة وذخرها للمستقبل المشرق، ويتحدث دائما في كل مناسبة خصوصا عندما يحضر حفلات تخريج الشبان من العسكريين في كافة المناطق، أن الشباب هم الأمل، الفكر، التنمية، وأنهم المستقبل، ولذلك لم يدخر وسعا في دعمهم ومد أياديه البيضاء لهم في تعليمهم، دراستهم، أعمالهم، وكل ما يختص بشؤونهم.
وها هو سلطان يرحل، أين لنا بابتسامته تلك التي كانت توزع الأمل والحب؟، أين لنا بشخصه الذي كان يملأ المكان الذي يستقر فيه، حبا وضجيج خيرات ومساعدات واهتمام؟، أين لنا بسلطان آخر يشعر الناس بأنهم في سويداء قلبه؟، أين لنا بشخص سلطان وعفويته وسماحته؟، سلطان لن يتكرر، لا يتبقى لنا غير الترحم على هذا الإنسان الذي كان إنسانا في كل حركاته وسكناته.
ktaha@okaz.com.sa