محطات الوقود كارثة وشيكة تتوسط الأحياء السكنية

177 ألف ريال غرامات العام الماضي

صالح العلياني ـ الدمام

تشكل محطات الوقود المنتشرة داخل الأحياء السكنية، خطرا يتربص ويهدد حياة السكان المجاورين لها، فبمجرد وقوع أو ارتكاب أي خطأ فإن ذلك ستترتب عليه خسائر فادحة في الأرواح قبل الممتلكات. وبالرغم من الخطورة البالغة لوجود هذه المحطات داخل الأحياء إلا أن العديد من ملاكها استمروا في المخالفات دون التقيد بأنظمة وتعليمات الدفاع المدني، وذلك لتدني مستوى الرقابة المفروضة عليهم من قبل جهات الاختصاص التي يجب عليها معاقبة هذه المحطات المخالفة بالإغلاق الفوري دون أدنى تهاون.

ووصف أنور المادح محطات الوقود المنتشرة في الأحياء السكنية بالقنابل الموقوتة القابلة للانفجار المدمر عند وقوع أية خطأ ومن أي نوع، معتبرا أن هذه المحطات تؤدي لانتشار العشوائية داخل الأحياء السكنية فضلا عن تسببها في تجمعات كبيرة للعمالة المخالفة التي لا نعلم ماذا يعملون ومن أين يحصلون على رزقهم.
واقترح تخصيص منطقة تجمع داخلها كافة محطات الوقود والخدمات الأساسية، تكون أشبه بالجمعيات الموجودة في العديد من دول الخليج، وتضم كافة الخدمات سواء محطة وقود أو خدمات سيارات أو مواد غذائية، تقع في منطقة منفصلة عن المناطق السكنية وذلك منعا لانتشار الأضرار الناتجة عن حدوث أي حريق أو حادث فيها لا سمح الله وفي الوقت نفسه يكون وصول فرق الدفاع المدني لها في تلك الحالات سهلا وسريعا.
سلاح ذو حدين
ويرى محمد العسيري أن وجود محطات الوقود داخل المناطق السكنية سلاح ذو حدين، فيمكن أن يكون لها دور إيجابي في خدمة الحي والمنطقة السكنية الواقعة فيها ما يتسبب في تخفيف الزحام المروري في الطرق الرئيسة، لا سيما أن الكثافة البشرية والعدد الهائل للسيارات يشكلان عائقا للحركة المرورية، كما أنها قد تكون سببا في كارثة للمنطقة بأكملها حيث تمثل ملاصقتها للمنازل وصغر مساحة بعضها وعدم تقيد البعض بتوفير وسائل السلامة فيها مشكلات كبيرة، خاصة أن هناك بعض المحطات قديمة وغير متوافر فيها أي وسائل للسلامة، بالإضافة إلى قدم خزاناتها ومضخات الوقود، كما أن الروائح المنبعثة منها تتسبب في تضرر صحة المجاورين لها.
تساهل مستغرب
وانتقد محمد الغامدي تساهل الجهات المعنية بالمخالفات التي ترتكبها محطات الوقود المنتشرة داخل الأحياء السكنية خاصة أن العديد منها قديم وبحاجة إلى تجديد في الخزانات والمضخات، مطالبا الدفاع المدني بتنفيذ جولات ميدانية على محطات الوقود للتأكد من التزامها بمتطلبات واشتراطات السلامة، والعمل على إغلاق المحطات الواقعة داخل الأحياء السكنية كونها تمثل تهديدا مباشرا على السكان المجاورين لها.
وأضاف: على الجهات المعنية عدم منح التصاريح التشغيلية لمحطات الوقود داخل الأحياء السكنية كون ضررها أكبر من نفعها بكثير.
أرباح مالية
سعد آل ساقان يقول «بالرغم من أن العديد من ملاك محطات الوقود يعلمون مدى خطورة إنشائها داخل الأحياء السكنية فإننا نجدهم يصرون على افتتاحها داخل الأحياء بسبب رخص الأراضي وحرصهم على تحقيق الأرباح المالية دون النظر إلى المخاطر التي تحدق بالسكان المجاورين لها».
وأضاف: في حالة ارتكاب أي خطأ داخل المحطة، فإن ذلك سيدمر الحي السكني كاملا دون أدنى شك، ماسيوقع الكثير من الضحايا والخسائر في الأرواح، مطالبا مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية العمل على مراقبة محطات الوقود الواقعة في الأحياء تلافيا للكوارث التي قد تحدثها مستقبلا، أو العمل على نقلها من داخل الأحياء السكنية إلى خارجها حرصا على سلامة السكان، ومنع افتتاح مثلها مستقبلا.
الضروريات الخمس
وذكر المحامي حمود الخالدي أن حفظ النفس وصيانتها من مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، وهو مقدم على حفظ المال، حيث إن الشريعة الإسلامية تدور أحكامها حول حماية خمسة أمور هي أمهات لكل الأحكام الفرعية، وتسمى بالضروريات الخمس وهي: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال وحفظ العرض وحفظ العقل، ومن هذ المنطلق نصت لائحة محطات الوقود الصادرة بقرار مجلس الوزراء الموقر، فيما يخص الاشتراطات الكهربائية لمحطة الوقود نصت تلك اللائحة على أن تكون جميع المواد الكهربائية التي تستخدم في التركيبات والإنشاءات من الأنواع المعالجة خصيصا ضد الحرائق، وتكون مصنعة طبقا للمواصفات القياسية السعودية أو إأحدى المواصفات العالمية الخاصة بمقاومة الحريق، كما ذكرت وجوب خضوع التمديدات الكهربائية لاحتياطات خاصة لمقاومة الحرائق ومقاومة الصدمات مع الأخذ في الاعتبار احتياطات الأمن اللازمة لمنع حدوث الحرائق نتيجة أية شرارة كهربائية قد تحدث من جراء حركة القواطع أثناء الوصل أو الفصل، وكذلك انصهار سلك المصهرات وأن تكون المعدات والأجهزة والتمديدات الكهربائية الثابتة في المناطق الخطرة من الأنواع المقاومة للحريق والتفاعلات الكيميائية والمواد الكبريتية. كما منعت تركيب قواطع أو مصهرات داخل هيكل مضخات الوقود. وأضاف: يجب محاسبة المحطات التي تتساهل في هذا الجوانب المهمة التي تمس سلامة الأرواح ومتابعتها وتصحيح أوضاعها للعمل على توفير كافة أدوات السلامة.
ضوابط وشروط
من جانبه، أكد مدير الدفاع المدني في المنطقة الشرقية اللواء محمد الغامدي، أن وضع محطات الوقود داخل الأحياء السكنية يخضع لضوابط وشروط من الجهات ذات العلاقة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التساهل في تلك الشروط. ونفى أن تكون تلك المواقع خاضعة لاجتهادات أو خلافه، كون التهاون في تطبيقات الأمن والسلامة في هذه المحطات يترتب عليه خسائر فادحة بشرية ومادية، مشيرا إلى أن الحوادث التي تقع في بعض هذه المحطات لا يكمن في شروط الترخيص لها بالإنشاء، إنما يكون على حسب تقيد تلك المحطات بوسائل السلامة أثناء التفريغ أو التعبئة أو توافر طفايات الحريق أو تجديدها أو صيانة المضخات نفسها.
وأضاف يوجد فرق بين الحوادث التي تقع في هذه المحطات بسبب عدم تقيدها بتوفير شروط وأدوات السلامة والصيانة، والحوادث التي تكون بسبب شروط إقامة المحطات في مواقعها حيث إن إقامة هذه المحطات تخضع لشروط لا يمكن التنازل عنها، لافتا إلى أن فرق الدفاع المدني في المنطقة الشرقية تنفذ جولات تفتيشية دورية على تلك المحطات للتأكد من توافر وسائل السلامة فيها ويتم تسجيل الملاحظات على المخالف منها لتصحيح أوضاعها أو تغريمها على حسب مخالفاتها، حيث يبلغ عدد المحطات في المنطقة الشرقية 898 محطة تمت إحالة 26 محطة منها للجنة النظر في المخالفات وتغريمها مبالغ أكثر من 176500 ريال خلال العام الماضي فقط.